فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34305 والاصابات إلى 77293 منذ بدء العدوان    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع    استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا  

استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا

الآن

الزيتون يُشعل حنين اللاجئ عبد الهادي إلى صبّارين

طوباس- تتبعت الحلقة (53) من سلسلة "ذاكرة لا تصدأ" لوزارة الإعلام واللجنة الشعبية للخدمات في مخيم الفارعة موسم قطاف الزيتون، الذي أشعل حنين الثمانيني عبد القادر حمد عبد الهادي إلى قريته المدمرة صّبارين جنوب حيفا.

ورسم الراوي حكاية والده الذي أمضى السنوات التي سبقت النكبة في غرس أراضي منطقة (الدهيشة) المقابلة لقرية أم الشوف بأشجار الزيتون، ويومها كان يُحضر الفسائل من الأحراش والحقول، ويشتري الغراس لتسقر في 6 قطاين (الأراضي السهلية المنبسطة وسط الجبال والمناطق الوعرة).

 


 

أرض ومطرقة

يسرد عبد الهادي: كان أبي يصنع السلاسل الحجرية، ويغرس بجوار الزيتون الرمان واللوز والعنب والتفاح، ويتنقل بين أراضي: الدهيشة، والمجنة، والنخلة، وجورة ذيبة، والخليل، وخلة عيد، والشجرة، وخلة يحيى، والدمانية، إضافة إلى 16 دونمًا في أراضي الخضيرة.

يتابع: قبل سقوط البلاد بفترة، جاء الجيش البريطاني ليحفر خنادق في أرضنا، فطلب أبي من الجنود أن يبتعدوا عن الأراضي التي تم استصلاحها، وأن لا يقلعوا غراسه، إلا أنهم وضعوا الاستحكامات (الخنادق) فيها, وخربوا ما عمرّه والدي.

ووفق عبد الهادي الذي جاء إلى الدنيا في الأول من كانون الثاني 1930، فإن والده كان يتنقل بين أراضيه على ظهر فرسه الحمراء، ويقيم معظم أوقاته فيها، يعمل ويزرع ويكسر الصخور، ويحرص على اقتناء مطرقة كبيرة ترافقه دوماً، ولشدة تعلقه بها، طلب من ابنه محمد خلال النزوح عن صبّارين أن يحضرها معه، ففعل، ولا زلنا نحتفظ بها حتى اليوم. واشتهر أبي بالزراعة وتطعيم الأشتال، وكان يرتدي قمبازًا في معظم الأيام.

 

بواكير وحسرة

يكمل: لم تكن صبارين مشهورة بالزيتون، وكانت عين غزال وقرى حيفا الأخرى مضرب المثل بزيتونها، وكنا نعصرغلالنا فيها، لكن أبي قرر أن يزرع أرضه بهذه الشجرة، وفرح كثيرًا  قبل النكبة بعام، حين بدأت الغراس تعطي بواكير الثمار، إلا أنه حزن كثيرًا على حقلنا وأشجارنا، يوم اقتلعنا الاحتلال منها. وحينها شعر أن روحه خرجت من جسده، وظل يتذكر أشجاره ويتمنى أن يرى كيف صارت.

وبحسب ما تحتفظ به ذاكرة ابن صبارين، فإن قريته كانت قريبة من مستعمرة أم الجمال، فيما أحاطت بها أحراش: الهيتري، والقيقبة، والمقشور، ووادي المينا، وهي المناطق التي استولى عليها الإنجليز وأحاطوها بسياج ارتفع خمسة خيوط، ووضعوا مأمورًا عليها كان يمنع الناس من دخولها، والاستفادة منها.

 

خيط أمل

كان أهل صبارين يخزنون زيتهم بتنك الصفيح، وحرصوا على تحضير الزيتون الأود والأخضر، ولفرط تمسكهم بأرضهم فتشت عائلة الراوي عن بستان مماثل للعمل فيه في أراضي وادي الفارغة، فوجدوا بستانًا أمضوا فيه عدة سنوات، وكانوا يقطفون التفاح والبرتقال والرمان والزيتون، وظلوا يتمسكون بخيط الأمل والعودة إلى القرية التي أُقيمت فوق أراضيها مستعمرة ( رموت منشية ) سنة 1948 ومستعمرة ( عميكام ) سنة 1950.

يفيد عبد الهادي: خلال عملنا في بستان الفارعة  لتسع سنوات، نشب جدال مع أحد الأهالي ذات مرة، ولما قال لنا إننا لن نرجع إلى صبارين إلا عظاماً، تألمنا كثيرًا، وتمنينا لو انشقت الأرض وابتلعتنا، قبل سماع ذلك الحديث.

وأنجب والد الراوي ثلاثة أبناء: محمد، وسعيد، وعبد القادر، وتزوج من زكية الشيخ خليل، ورفض الابن الأكبر محمد الرحيل عن صبارين، فحفر أمام منزل العائلة خندقًا، وأقام أسبوعًا بعد نزوحنا، وكان والده عسكريًا في الجيش التركي، فأشار إلى ابنه أن الخندق لن يحميه من القنابل، فأصر على موقفه، غير أن الأب  أرسل له خاله الشيخ أبو يوسف لإقناعه بالعودة من صبارين، فلا يستطيع أن يفتح جبهة بمفردة أمام العصابات الصهيونية، فرجع بشق الأنفس.

يقول: حين خرجنا من صبارين، وأقمنا في اليامون قضاء جنين 22 شهرًا، ثم وصلنا إلى مخيم الفارعة، وكلما كان أبي يشاهد حقول الزيتون يتحسر على ضياع غراسنا التي لم نفرح بها، وبالكاد أكلنا منها أول الثمر.

يختتم عبد الهادي: خلال الرحيل من صبارين، طاردت مجموعات من العصابات الصهيونية  والدتي وعمها جميل عبد المالك، وأطلقت عليهما النار، وحين وصلا إلى اليامون وجدنا آثار الرصاص على ثوب أمي الفضفاض، وقد قصت لنا كيف نجت من الموت بأعجوبة، وكتب الله لها الحياة من جديد.

 

مئة "عاشق"

بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس والأغوار الشمالية عبد الباسط خلف إلى أن "ذاكرة لا تصدأ" وثقت طقوس مواسم عديدة للقرى المدمرة كالعودة إلى المدارس، والحصاد، والأعياد، وشهر رمضان، والحج، والأفراح، والأحزان، والشتاء، وبدء زراعة الأرض وحرثها.

وأضاف: أن السلسلة جمعت حتى اليوم مئة رواية شفوية للنكبة بفصولها ولحظة اقتلاع أهلها منها، مثلما أعادت بناء عشرات المدن والقرى المدمرة كما رسمها عشاقها، فيما غيّب الموت خمسة من حراس الذاكرة وشهودها قصوا حكايات وجعهم وقهرهم، وأحدهم أوصى بتهريب عظامه إلى قريته لدفنها فيها من جديد.

 

 

kh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024