"الأونروا": ارتفاع عدد النازحين من رفح إلى 450 ألفا خلال التسعة أيام    الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة    مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى ويرفعون علم الاحتلال في باحاته    الاحتلال يغلق المدخل الغربي للمغير شرق رام الله    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 35173 والاصابات إلى 79061 منذ بدء العدوان    بوليفيا تدعو سلطات الاحتلال إلى إجراء "تحقيق شفاف" في اعتداءات المستعمرين المتواصلة بحق شعبنا وضرورة محاسبتهم    المعتقل محمد عارضة من عرابة جنوب جنين يدخل عامه الـ23 في الأسر    إدارة جامعة "UW" في ولاية "ويسكونسن" الأميركية تستجيب لمطالب الطلبة المؤيدة لشعبنا    الاعتداء الثالث خلال أسبوع: مستعمرون يضرمون النار بمقر "الأونروا" في القدس    14 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 35.091 شهيدا و78.827 مصابا    فتوح يدين تصريحات السيناتور غراهام بشأن غزة    "فتح" تثمن دور الصين في رعاية الحوار الفلسطيني لتحقيق الوحدة الوطني    مستعمرون يمنعون مرور شاحنات مساعدات من الضفة إلى غزة    الاحتلال يوسع توغله برفح ويكثف غاراته شمالي القطاع  

الاحتلال يوسع توغله برفح ويكثف غاراته شمالي القطاع

الآن

تجمّع عمال غزة للحصول على "تصاريح".. مشاهد تكشف عورة "حكم حماس"

أحد مشاهد تجمّعات عمال غزة للحصول على "تصاريح"

غزة– الحياة الجديدة- خاص-
انقضى العمر سريعا، والحال ما زال على السوء، فالـ "37" عاما التي عاشها الشاب محمود متولي، لم تمكنه من تحقيق أي شيء، فأقصى أحلامه في بسطة يبيع الشاي والقهوة عليها، لا تزال متعثرة في قطاع ساحلي محاصر أنهكه الحصار والانقلاب والاغلاق والضرائب، ونهشت سكانه البطالة والفقر وضيق الحال.
فقرار المبيت أمام الغرفة التجارية بالمنطقة الوسطى بالنسبة للشاب متولي، لم يكن اختيارا له، وإنما اغتصاب لمبادئه وأفكاره ورؤيته بشأن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، فقسوة كسب لقمة العيش، والسير في شوارع غزة بحثا عن العمل أرهقه، وأصبح الطريق القسري أمامه، هو محاولة الحصول على تصريح دخول لأراضي الـ48، حلما في بداية حياة جديدة وتعويض ما فاته.
يقول متولي لـ "الحياة الجديدة": "لم أتوقع في حياتي أن أقف في هذا الطابور الطويل، وبين هذا الحشد المقدر بآلاف المتكدسين فوق بعضهم البعض، فالموت بين هذه الجموع خنقا أو ضربا أمر متوقع، فالجميع هنا يعيش الرمق الأخير، ويصارع الحياة من أجل كسب لقمة عيشه، التي يعز علينا ألا نجدها في قطاع غزة، فهنا كل شيء تم نهبه وسرقته، العمر والمستقبل والحياة ولقمة العيش، وحتى الابتسامة والحياة الكريمة".
متولي الذي يعيش في منزل صغير بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، برفقة والده ووالدته واخوته الخمسة، يعتبر نفسه حامل الهم والمسؤولية، فهو البكر بين إخوته، فشهادته التي حصل عليها قبل 15 عاما، لم تمكنه من الحصول على العمل، وبقي ساعيا بين القرى والمخيمات والأسواق طالبا رزقه، ولكن جميع المنافذ مغلقة وما يكسبه لا يكفي لشراء الدواء لوالديه.


لا يرفض متولي العمل داخل أراضي الـ 48، فالموت البطيء الذي يعيشه هو وأشقاؤه الشباب يدفعهم لمحاولة الحصول على أي فرصة عمل، ليتمكنوا من العيش وبناء الأسرة التي يحلم بها، وتوفير قدر من المال يمكنه من علاج والده.
"منذ 15 عاما وأنا أحاول، وباءت جميع المساعي بالفشل، عملت على بسطة فتمت مصادرتها، وعملت في الزراعة فكان أجري اليومي عشرة شواقل لا تكفي مواصلاتي لمكان العمل، أما عملي كسائق أجرة فقد راكم عليّ الديون بسبب الضرائب والغرامات والمخالفات التي تفرض على السائقين في قطاع غزة" يصف متولي حاله مع محاولات البحث عن الحياة في غزة.
لا يتوقف متولي عن الحديث مع "الحياة الجديدة"، فالتفاصيل كثيرة ومؤلمة، ولكن الحاج سعيد الدقن "55 عاما" والذي لا يسكن بعيدا عن متولي، كان منذ البداية راغبا في الحديث، فحكايته هي محاولة لاستذكار الماضي الذي عاشه في ظل السلطة الوطنية، والانفتاح على العالم، والعمل الذي حفظ للكثيرين كرامتهم وتمكنوا من بناء أسرهم وتعليم أبنائهم.
فالذكريات بالنسبة للحاج الدقن هي ما دفعته للمحاولة والوقوف بين جموع المسجلين أمام الغرفة التجارية، محاولا تقديم بعض أوراقه للحصول على تصريح للعمل داخل أراضي الـ 48، فهو يعرف تلك المناطق شبرا شبرا، ويدرك جيدا ماذا يعني الحصول على تصريح للعمل، بعد 15 عاما من الاغلاق والفقر والبطالة في قطاع غزة.
لم يكن الدقن سعيدا بهذا المشهد، ولا بأوراقه البسيطة التي حملها في يده، فألم المشهد بالنسبة له كبير، قائلا: "إن البؤس الذي نعيشه في غزة، والظلم والقهر، وقلة الحيلة، هي من يدفعنا لذلك، وأعترف أن ذلك ليس مبررا لنا بأن نندفع بهذا الجنون نحو الحصول على تصاريح عمل، ولكن ما نشاهده من فساد ومحسوبية والاغتناء الفاحش لبعض المسؤولين في غزة، في حين يرزح الشعب تحت الفقر والضعف، والمميزات التي يحصل عليها أبناء القادة والزعماء في غزة، دفعنا للبحث عن كرامة أطفالنا ولقمة عيشنا بأي وسيلة".


الغضب الذي انتشر بين متابعي مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، لم يكن جديدا، فمشهد الجموع الغفيرة التي تحتشد في كل مكان بقطاع غزة بحثا عن نافذة لكسب لقمة العيش أصبح أمرا واقعا ونتيجة حتمية لتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
الكاتب مروان أبو شريعة حذر من غضب الجياع في قطاع غزة معلقا على صور الحشود أمام الغرف التجارية بالقطاع قائلا:  الخبز أصدق أنباء من الكتب، وإذا لم يوقظ المشهد الصادم والمروع والمهين لشباب غزة على أبواب الغرفة التجارية عقل وضمير حركة حماس فقد تودع منها". وأوضح أبو شريعة أن مفهوم الحكم هو كيفية تلبية احتياجات الناس وليس السيطرة عليهم، مطالبا حماس بأن تستدرك مضمون ومخاطر هذه المشاهد وتداعياتها على المواطنين الذين يعيشون تحت حكمها منذ عقد ونصف العقد من الزمن.
وطالب أبو شريعة حماس بأن ترفع يدها عن قطاع غزة وتضع الجميع أمام مسؤولياته قائلا: " 15 عاما من الحكم هو وقت كاف لأن تقتنع حماس أنها لا تمتلك الشروط التي تؤهلها كسلطة تستطيع القيام بأعباء الحكم تجاه شعب مسكين لم يرَ إلا الألم على مدار سني حكمها".
الخبير المالي والاقتصادي أمين أبو عيشة أوضح أن "ما حدث أمام مقرات الغرف التجارية في قطاع غزة، هو فشل مركب ناتج عن 15 عاما من السنوات العجاف لحكم حماس، وخذلان الفصائل، وإنعاش مال أبناء الحكام في تركيا وقطر وإيران".
وأضاف أبو عيشة: "هذا يدل على عمق الفجوة بين من يتخذ أو يصنع القرار في طهران والدوحة ومن يتحمل النتائج، وأن ما لم تستطع إسرائيل نزعه بالحروب، يقدم لهم اليوم على طبق من الفواكه"، مضيفا: "ببساطة ضيقوا على الناس عيشهم طوال سنوات انقلابهم، وأوصلونا للمربع الأول، الوطن مقابل العمل".
وكانت الغرف التجارية بقطاع غزة، أعلنت قبل عدة ايام عن بدء تسجيل المواطنين الراغبين في الحصول على تصاريح للعمل داخل أراضي الـ، وفقا لما تم إبلاغهم به من قبل الجهات المسؤولة، وشهدت أيام التسجيل حشودات هائلة من سكان قطاع غزة، الذين توافدوا منذ ساعات الليل لحجز أماكن أملا في الحصول على فرصة عمل وتصريح دخول يمكنهم من كسب لقمة عيشهم التي ضيعها الانقلاب وسوء الحكم في غزة.

الصور المرفقة

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024