لطالما ترتد على أصحابها
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
ما الذي تفعله إسرائيل اليمين العنصري المتطرف اليوم، وهي تتوغل بقواتها، ومليشيا مستوطنيها في ممارسة أعنف السياسات العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، في مختلف مدنه وبلداته وقراه..؟ اعتقالات بالعشرات، مصادرة أراض، إطلاق الرصاص كيفما اتفق، ومن بيتا حتى أم طوبا، وكمثال ليس إلا، مخططات استيطانية شرهة، غايتها الاستحواذ على كل الأرض الفلسطينية..!!!
ما الذي تفعله بمثل هذه السياسات، وهل تعتقد فعلا أنها بهذه السياسات، ستؤمن لها مستقبلا من الأمن والاستقرار والازدهار ...!!!
ربما على حماة إسرائيل، ورعاتها، أن ينبهوها إلى أن سياسات العنف العنصرية، لطالما ارتدت على أصحابها.
وإذا ما تفحصنا كتب التاريخ البشري جيدا، سنرى أن كل احتلال مر في هذا التاريخ، وحينما يدرك استحالة القضاء على إرادة الشعب الذي يحتل أرضه وحياته، فإنه ينفلت نحو ممارسة أكثر أشكال القوة عنفا وعدوانية، غير أن الهزيمة في المحصلة لن تكون لسواه.
ويعرف الاحتلال الإسرائيلي، وقد خبر ذلك في واقع الصراع جيدا، أن الشعب الفلسطيني ليس هو الشعب الذي يخاف القوة العدوانية، والذي لطالما واجهها بشتى سبل المقاومة المشروعة، وما زال يواجهها بصموده وتمسكه بثوابته المبدئية، وتطلعاته وأهدافه العادلة والمشروعة، ولا ثمة ملمح واحد يشي بأن الشعب الفلسطيني، بقيادة حركته الوطنية في أطرها الشرعية، قابل للتراجع أو للهزيمة، وتاليا فإن إسرائيل اليمين العنصري المتطرف لا تعرف حقا ما الذي تفعله بسياساتها العدوانية (..!!!) سوى أنها تواصلها لعلها تشكل استعراضات للقوة قادرة على الردع، برغم أنها قد خبرت أن القوة بحد ذاتها، لا باستعراضاتها، لم تفعل لها شيئا يذكر، ضد إرادة الشعب الفلسطيني، وقراره في الصمود والمطاولة.
شعبنا، شعب صغير وفقير، لا يملك أيا من ترسانات القوة التي تملكها إسرائيل، قوته الوحيده تمكن في ثباته وصموده، وقراره مواصلة كفاحه الوطني المعمد بدم الشهداء والضحايا من أبنائه، وعلى سبيل المثال لا التشبيه، فنحن أدرى أن البعوضة تدمي مقلة الأسد، فهل آن الأوان أن يعرف الاحتلال الإسرائيلي ذلك أيضا..!! ولربما عليه أن يدرك كذلك أن توغله في سياساته العنصرية العدوانية، إنما هو في الواقع توغله في مأزقه المادي والأخلاقي أساسا، ولا تنفلت القوة نحو أبشع وأعنف أشكالها، وممارساتها، إلا حينما يبدأ الزمن يضيق من حولها وعليها، فتشتد استعراضاتها هوسا وأوهاما ..!!! وإذا كان لهذا الانفلات من توصيف أخير فإنه لا يشبه غير تنمر ذئب على حملان وديعة، غير أننا لسنا هؤلاء الحملان، ولن نكون أبدا، ولا شك أن الاحتلال يعرف ذلك تماما، لعله يعرف أن لا جدوى من وراء سياساته العنيفة ضد الشعب الفلسطيني، وإذا ما نشد استقرارا وأمنا لدولته، فلا سبيل لذلك سوى السلام الممكن، الذي يؤمن لشعب فلسطين حقوقه المشروعة، في الحرية والعودة والاستقلال.
يبقى أن إسرائيل اليمين العنصري المتطرف وهي تتوغل في هذه السياسات الاستيطانية تحديدا، إنما أرادت أن ترد على وزير الخارجية الأميركية، توني بلينكن، الذي طالب إسرائيل بالامتناع عن أية إجراءات أحادية الجانب، بما في ذلك الاستيطان، فهل ترد الخارجية الأميركية على هذا الرد ....؟؟