الاعلان عن استشهاد حسن نصر الله    الرئيس يعزي باستشهاد أمين عام حزب الله حسن نصر الله    الاحتلال يصيب 6 شبان بالرصاص ويعتقل مصابا وأسيرا محررا في عقابا شمال طوباس    3 شهداء في قصف الاحتلال شمال ووسط قطاع غزة    العدوان الإسرائيلي على لبنان: 33 شهيدا و195 جريحا يوم السبت    شهداء وجرحى مع تواصل غارات الاحتلال على لبنان    أربعة شهداء في قصف للاحتلال وسط قطاع غزة    اعتقالات واقتحامات لقرى ومخيمات الضفة    مصطفى: مجلس الأمن لم يلجم حتى الآن العدوان الإسرائيلي    الرئيس أمام الجمعية العامة: نطالب بتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال استهدف مدرسة تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ    الملكة رانيا: نستحق نظاماً عالمياً يُقابل جرائم الحرب والانتهاكات بالعواقب لا بالاستثناءات    ثلاث إصابات بالرصاص الحي خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في البلدة القديمة من نابلس    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة شهداء قصف الاحتلال جنوب بيروت الجمعة إلى 45    في اليوم الـ352 للعدوان: سبعة شهداء في قصف للاحتلال جنوب ووسط قطاع غزة  

في اليوم الـ352 للعدوان: سبعة شهداء في قصف للاحتلال جنوب ووسط قطاع غزة

الآن

مع اقتراب يوم المرأة العالمي...حليمة... عندما ينهي الماء سيرة العطش!- عيسى قراقع*

القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
في الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي وجدت حليمة ارميلات نفسها في سن التقاعد تحمل ذكرياتها وخطواتها السابقات واللاحقات، وتنظر طويلا في سماء مدينة طولكرم.

وقفت حليمة أمام نافذة الذاكرة ، اقتربت وابتعدت ، اغتربت واتحدت، سال حليبها في مساء الليل، سمع الجميع صوت طفل يولد بعد قليل.

حليمة الناشطة والمعروفة للجميع في نادي الأسير الفلسطيني/ لم تترك فعالية أو اعتصاما للأسرى إلا وتكون القائدة والصارخة والمستغيثة والمنادية، ويكاد يسمع صوتها الاسرى في الزنازين والمعسكرات، ويكاد صوتها يحطم تلك الجدران ويطلق في ذلك الجفاف الندى والمطر.

حليمة ولدت بين نكبتين وحربين، وتحت عباد الشمس بين طلقتين وشتائين، تواصل الحياة، مرتفعات ومنخفضات ، نهار وليل على الجانبين، بابور كاز وخيمة ،جنود ومدرسة للبنات، ملجأ في صخرة، حبات زيت من وكالة الغوث والاكتفاء بالظلال.

حليمة ارميلات التحية من أي زهرة تضحك، صورة أخيها الشهيد في يمينها، وصورة ابنها الأسير في شمالها، وحولها أمهات وأمهات، جالسة وواقفة، غاضبة ومبتسمة، تراجع أسماء الأسيرات القابعات في السجون: هناك طفلة صغيرة، هناك أم، هناك مريضة، هناك لينا الجربوني تطوع البحر لتصل إلى الناصرة.

حليمة ينظر قلبها إلى الأعلى في يوم المرأة العالمي، محمولة بالأمل وتقول: الأنثى هي الأنثى، الأرض وأكثر من الحياة ، والأنثى فلسطينية، وكل سحابة في هذا البلد هي أنثى، ومن كل أنثى زخة مطر، الأنثى الفلسطينية المتكررة، المتولدة، الأم والأب، البصر والبصيرة، الشاهدة والشهيدة، لهذا لا احد هنا يفكر أن يخون الغدير ، أو يتطاول على الجرح البليغ ولا يأكل من تفاحة الجليل.

حليمة الفلسطينية موعد حياة متكاملة منذ أن كانت فلسطين كروية الشكل، منبسطة أو متصاعدة ، حلوة أو مالحة، هائجة أو هادئة، فهي تواصل السير واضحة: القدس في الأغنية ، رضى الوالدين في الدعاء، لا تنظر حليمة للوراء، تفتح بابا وتزور كل بيت، تمسح دمعة، وتزرع قرص شمس.

وقفت حليمة على باب السجن، رأت ولدها ابن نارها المقدسة كالظل خلف الزجاج الفاصل، لا صوت له، مقيد هذا الحبيب، جاف يطلب الماء، لا ثدي يمشي في السحاب ليروي الصحراء، فترضعه بابتسامتها، يقوم ويجري في ممر السجن كنهر يفيض بالأحياء.

تقول للسجان: انا ولدته في البداية لكنه هو من واصل الولادة، لازلت انتظره عائدا من رحلة الأسطورة، أضمه ويضمني حتى تفيق الزلازل في قلبي ويشفى من جروح الغياب، لازلت أطعمه وامسح الغبار عن كتبه، ولا زلت أراقبه كيف يعود إلى طفولته وينجو من النسيان.

حليمة الفلسطينية، الأسيرة ، المربوطة على سرير المستشفى خلال الولادة، مخاض في الحديد والشرايين، وهناك ولدت الخبيزة والميرمية، وهناك تستفيق حيفا والخليل في صباح الغد، نساء كالفراشات يحلقن أعلى من الأبراج، رذاذ ضوء، حنين يصحو ، يرسل ذكرياته إلى إعجاز الأنثى النازلة من الغيب بلا حراس في الآيات.

حليمة الفلسطينية في يوم المرأة العالمي تمد جسمها بقوة الشهية، لا تتعب، لا تشكو، كانت فلاحة في المزارع الخضراء وصارت لاجئة، طوعت الشقاء، رفضت الاهانة، قدست الكرامة، هي أمك بجمالها وشعرها الطويل، بيديها المشققتين ولسانها وأحلامها المزدحمة بالتفاصيل.

حليمة الفلسطينية لا تحتاج إلى مأوى للحماية ولا إلى نص في قانون العقوبات ينصفها، فهي الكل المكتمل في الرجال ، هي التي وصلت الحياة أولا، وهي أبو الرجال، والوعي يحتاج إلى التأمل عندما تصقل حليمة وجه الريح، ترشد الطفل إلى ثدييها والى يدها تهز السرير.

حليمة الفلسطينية الوصية:ابن بيتك يا ولدي خاليا من حطامك الأول حتى يبقى المكان مكانه، كن فدائيا في الحق، استرجع أسماء النبات والجماد والشهداء، أحمل الصخرة عني ولا تدخل القمر في المحاق، احتضن حلمك وأطل على الزيتون حتى لا يلتقى المغلوب بالمنهوب وينتصر المستوطنون والعسكر.

حليمة الفلسطينية هي التي قالت عنها الشاعرة نداء يونس: سيدة الفصول، وغضب الطبيعة في تبدل شكلها، عشتار تخرج من سبات اللون شهوتها، هي مقامات النداء في الأناشيد، والأرض في حمّى التودد للغيوم، وهي الماء عندما ينهي سيرة العطش.
*وزير شؤون الاسرى

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024