اعتقل والده وهو جنينا: عبيدة سيحتضن والده المفرج عنه بعد 19 عاما
عبدالهادي مسلم- اعتقل والده وهو جنين في بطن أمه لم يشاهده ولو مرة واحدة يقبله ويداعبه حرم من قول كلمة بابا طوال 19 عاما في كل زاوية من غرفته يعلق صورة أبيه حبا وشوقا له
هذا الشاب لم يفقد الأمل ودائما كان عنده اليقين بأن الله عز وجل سيفرج عن والده بالرغم من قسوة السجان وظلم المحتل وبالفعل لقد استجاب الله لدعاء هذا الشاب وسيفرج عن والده ضمن صفقة تبادل الأسرى في الأيام القادمة أنه الشاب عبيدة ابن الأسير عيد عبدالله مصلح من سكان مخيم المغازي
الشاب عبيدة ما أن سمع خبر التوقيع على صفقة تبادل الأسرى وأن والده مدروج ضمن القائمة حتى قام وسجد شكرا لله يقول عبيدة أنا اليوم سعيد جدا لأنني سأرى أبي والذي لم أشاهده طوال حياتي وحرمت من زيارته ويضيف وعلامات الفرحة تبدو على وجهه قائلا : أنا اليوم ولدت من جديد سيكون لي أب وكباقي الناس ولن أكون وحيدا وسأعمل كل ما بوسعي من أجل خدمة أبي وطاعته عبيدة فارس أبيه كباقي أفراد الأسرة يقوم بعمل الترتيبات لأستقبال والده المفرج عنه من سجون الأحتلال وهو ينتظر تلك اللحظات على أحر من الجمر
الأسير عيد عبدالله مصلح من بلدة البطاني الشرقي والد الشاب عبيدة والذي اعتقل بتاريخ 12/2/1992 من مخيم المغازي ، محكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة ، بتهمة المشاركة في علميات عسكرية أدت إلى مقتل جنود صهاينة محتلين.وهو متزوج ولديه ثلاث بنات وولد واحد ، محرمون من زيارته منذ سنوات طويلة
استطاع الأسير مصلح أن يقهر السجان الذي استخدم ضده كل أنواع التعذيب. مُنع من كل شيء حتى الهواء والماء . لم يعرف النهار من الليل عاش. حطم داخل زنزانته أسطورة الصمود والبقاء على الثوابت والحقوق. كلت منه غرف التحقيق والزنازين وانهارت وذابت وبقي وسط الألم شامخا.
في بداية عام 2011 انضم الأسير "عيد عبد الله عبد الهادي مصلح " 46 عاما الى قائمة عمداء الأسرى في سجون الاحتلال, بعد دخوله عامه العشرين بشكل متواصل في سجون الاحتلال . ونشأ الأسير مصلح في عائلة بسيطة ، وتتكون من عشرة أفراد وترتيبه التاسع بين إخوته .
تزوج أسيرنا في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي من امرأة صالحة رزق منها بثلاث بنات وولد واحد ، لا زالوا محرومين حنان الأب منذ ما يزيد عن 19 عشر عاما .
تلقى الأسير المجاهد عيد مصلح تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارسة وكالة الغوث " الأونروا " في مخيم المغازي ، وأنهى تعليمه الثانوي في مدرسة المنفلوطي بمدينة دير البلح ، ليتفرغ بعدها للعمل في البناء لمساعدة أسرته في مصروف البيت ، ولتشاء الأقدار في أن يكمل أسيرنا تعليمه الجامعي داخل الأسر في الجامعة العبرية تخصص اقتصاد وعلوم سياسية ، حيث أنه كان سيتخرج لولا قرار المحتل بمنع الأسرى من مواصلة تعليمهم الجامعي لكنه مصر على تكملة دراسته بعد الأفراج عنه في الجامعات الفلسطينية
"أم عيد" والدة الأسير عيد مصلح والمحكوم مدى الحياة انطلق لسانها الذي لتطلق زغرودة أخرجتها من قلبها لحظة أخبارها بأن فلذة كبدها التي حرمت من زيارته سيفرج عنه بعد توقيع الصفقة لأنها كانت على علم مع العائلة منذ سنوات أن ابنها الأسير عيد سيكون ضمن الصفقة
أم عيد كأي أم أسير تحاول أن تكشف ما يخفيه صدرها من شوق وألم وعذاب بفراق الأحبة قالت "رغم اعتقال ابني عيد منذ 19 عاما ما زلت أنتظر.. الحب.. الوفاء.. الإخلاص.. الصبر على أيام العسر والمكاره ".كنت دائما أدعو له ولكل أخوانه الأسرى خاصة في قيام الليل أن يفرج الله كربه !!
الأم المُثقلة بالحنين والأمراض على حد سواء، أشارت في حديثها إلى أنها لا تعرف أخبار ولدها إلا من ذوي الأسرى الذين يتمكنون من زيارة أبنائهم وتابعت والدموع تكاد تتساقط من عينها نتابع الأخبار أولا بأول منذ سنوات وكنا على أعصابنا إلى أن جاء هذا اليوم والذي أتمنى أن يكتمل برؤية ابني الذي حرمت من احتضانه وتقبيله سنوات
"أم عيد ".. امرأة فلسطينية في أواخر العقد السابع من عمرها، رسمت سنوات الصبر ملامح الحزن على محياها.
تذكر "أم عيد" واصفة جزءا من معاناتها ومعاناة أهلها: "بعد أشهر من اعتقال ابني وصلتنا أخبار بأنه موجود داخل أحد السجون الصهيونية، ولكننا لم نتأكد من صحة الخبر حتى جاءنا الصليب الأحمر بالخبر، وعرفنا أنه تعرض لتعذيب وحشي في أقبية السجون والزنازين الصهيونية.وعقب تنهيدة ظهر فيها كل معاني الألم التي صاحبتها منذ اعتقال ولدها قالت: "عندما رأيته أول مرة داخل السجن وفي أول زيارة لم أعرفه، ولكن قلب الأم كان يحكي أجمل لقاء ود وحب ووفاء فاحتضنته بين ضلوعي وكحلت عيوني برؤيته".وقالت بعد هذا الحزن أتى الله بالفرج فالحمد لله على كل شيئ وما بعد الضيق إلا الفرج !!
وتختم أم العبد والدة أبو عبيدة قائلة سأزغرد لولدي، وسأغني له يوم فرجه الذي أتعبني انتظاره، عيد هذا الذي ولدته يوم العيد الله يرضى عليه، ثم بكت"، أما إسراء والتي كانت تتمنى أن ترى والدها يوم زفافها فقالت:" أجمل يوم في حياتي سيكون عندما أقبل بها والدي ساعة الفرج"، و شيماء والذي لا تعرف والدها لأنه اعتقل وكان عمرها 3 سنوات تركت صورتها وتنهدت وقالت:"ينسى أحياناً الأصحاب والدي ويعيشون في حياتهم ربيعها ونظل نحن نرسم لوحة ناقصة في كل مناسبة فرح"،واليوم ستكتمل اللوحة بخروج أبي الذي حرمنا من رؤيته أكثر من 19 عاما عشنا الفراق والوحدة والحزن والالم
أما زوجته الصابرة (أم عبيدة) والتى قامت بتربية الأبناء وإرضاعهم حليب المقاومة وحب الوطن والتضحية من أجله فهي مشغولة بترتيب بيتها لأستقبال زوجها المفرج عنه والتي حرمت منه لسنوات طويلة تقول وتكاد الكلمات تخرج من حنجرتها من شدة الفرح الحمد لله الذي استجاب لدعائي وبكل تحدى وعزيمة واصرار قالت أنا اليوم فخورة لأن زوجي المناضل والذي ضحى بزهرة شبابه من أجل الدفاع عن الوطن سيفرج عنه
وأشارت أنها عملت بوصية زوجها وقامت بتربية أولاده وتحدتت الزوجة الصابرة عن صفات زوجها قائلة كان جندياً صامتاً لم يعرف عن جهاده أحد، حتى أنا فاجئني يوم سماع لائحة فعله البطولي، ساعتها كبر في عيني وعلمت أن هجرته كانت لله وحده،
وأضافت وبعد شهور قليلة كنا على موعد مع حكم المؤبد، عندها توقفت قليلاً أفكر في أيامي القادمة مع أطفالي الثلاث، تحدث الكثيرون وصمت أياماً أراجع ذاتي وأهيئ نفسي لمسير طويل وشاقٍ، أخذت به عهداً مع الله أن أبقى وفيةً لزوجي حتى لو بعد ألف عام، وها أنا اليوم لست نادمة. لأني سأسلم الأمانة لزوجي لنكمل معا المشوار في تربية ولدي الذي أتمنى أن أفرح به ،
أما شقيقه والذي أمضى سنوات في الأسر مصلح مصلح فأيضا لم يخف سعادته وفرحته بهذا الأنجاز الكبير بالرغم من حزنه الشديد على استبعاد القادة من الصفقة وقال وهو يبتسم أنا ولدت من جديد سيعود أخي وسيملأ البيت الذي حرم منه طوال عشرات السنين مصلح والذي كان يعمل في جهاز الأمن الوقائي برتبة مقدم تمنى أن تكون صفقة تبادل الأسرى فاتحة خير على شعبنا وأن تكون أيضا عامل بناء في تعزيز وحدتنا الوطنية واتمام المصالحة
وكان الأسير عيد قد مر بالكثير من أشكال المعاناة خلال فترة الاعتقال ، كان آخرها عزله بشكل انفرادي لمدة 4 شهور في عزل سجن رامون ، ومن ثم نقله إلى سجن نفحة الصحراوي نتيجة تصديه لإدارة السجن التي كانت تحاول إذلال الأسرى والتنكيل بهم وسحب انجازاتهم، ، إلا أنه وبرغم كل محاولات القمع المتكررة التي مارس بحقه تميز بمعنوياته العالية التي تشحن همم الذين هم بخارج الأسر ، ليصبر بذلك عيد أهله وذويه ويبشرهم بأن الفرج بات أقرب من أي وقت مضى ،