الطفل كحيل أتقن عزف أغاني طربية في السادسة من عمره
محمد أبو فياض
تغلغل عازف القانون الطفل الغزي محمود عماد كحيل (13 عاما)، إلى قلوب كل من شاهده، وهو يبكي فوق مسرح برنامج 'arab got talent'، في لبنان. مثلما أتقن عزف معظم الأغاني الطربية القديمة على آلة 'الأورج'، حين كان في السادسة من عمره.
محمود أبكى قبل أسبوعين لجنة التحكيم في برنامج اكتشاف المواهب فوق المسرح، أثناء مشاركته مع فريقه 'التخت الشرقي'، الذي يشرف على تدريبهم أنس النجار في معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى الشرقية، حيث كان لنادي المواهب الفلسطينية الفضل في مشاركتهم في برنامج ' 'arab got talent'، للمواهب، مثلما امتطى الإيقاع للمرة الأولى في حياته وعمره لم يتجاوز أربع سنوات ونصف.
محمود هو الابن الأصغر للدكتور عماد كحيل، مستكشف موهبة محمود، والحائز على لقبي الدكتوراة في الطب البديل وعلم الصحة النفسية، وعازف عود وملحن وكاتب كلمة.
ويقول الأب عن لحظات اكتشاف محمود: 'كنت اعزف في البيت لحنا لأم كلثوم هو صحيح الهوى غلاب. كان الإيقاع بجواري، فامتطى محمود الإيقاع وبدأ بالعزف عليه حينها بمهارة عالية. استغربت ذلك لأنها المرة الأولى التي يقوم فيها بذلك رغم انه كان ينفذ حركات موسيقية بشكل يطرب، باستخدام أدوات المطبخ من شوك وسكاكين وصحون. وقتها انسجمت معه وبدأت بإشراكه معي خلال عزفي في البيت'.
ويضيف الأب: 'وقتها حضر مدير فرقة تلفزيون فلسطين الموسيقية علاء نجم وشاهد ما يفعله محمود، وانبهر بذلك وتم التشاور مع علاء على تنمية موهبة محمود. فسألنا محمود ماذا تحب وعلى أي آلة تحب أن تعزف؟. فقال على الأورج. فذهبت أنا وعلاء واشترينا لمحمود 'الأورج' وكان هذا عام 2006، وتم الاتصال مع الفنان عازف الأورج الأول في غزة حينها أمين الخروبي وهو مايسترو فرقة تلفزيون فلسطين الموسيقية كي يعلم محمود أساسيات الأورج. إلا انه اكتشف أن محمود يطبق أساسيات ما يعلمه له على الفور وبنجاح وخلال خمسة أيام فقط'.
وتابع والد محمود: 'بعد ذلك بدأت بتلقين محمود الألحان القديمة وزرع وتنمية الطرب الأصيل داخله خاصة أغاني أم كلثوم وصباح فخري ووديع الصافي وفيروز وفريد الأطرش. وتمكن محمود من عزف معظم الأغاني الطربية القديمة على الأورج وعمره ستة أعوام'.
وقال: 'قبل ذلك حضر إلى البيت صديقي عاطف عكاشة، وأعجب بأداء محمود واقترح بأن يتقدم إلى امتحان في معهد غزة للموسيقى الذي ترعاه مؤسسة القطان والتابع لمعهد ادوارد سعيد فرع غزة، ودخل المعهد بعد امتحان من قبل لجنة المعهد وكان ذلك عام 2008، لكي يتقن فن العزف على آلة الأورج. بطريقة علمية، واكتشفت اللجنة أن محمود لا يحتاج إلى تعليم لامتلاكه موهبة خارقة تفوق عمره. لذلك قال إبراهيم النجار مدير المعهد إن محمود يمتلك قدرات أعلى من آلة الأورج وأن الأورج آلة صغيرة لا تتلائم وقدرات محمود الموسيقية، الذي لا بد من أن يتعلم ويتدرب على آلة القانون'.
وبين والد محمود: 'أتقن محمود العزف على آلة القانون نظريا وعمليا خلال عام 2008. مع العلم أن الفترة الزمنية الطبيعية المقررة لتعلم العزف على آلة القانون هي خمس سنوات حتى يتقن الشخص العزف عليها. وعقبها خاض محمود أول مسابقة وطنية على مستوى فلسطين عام 2010 في معهد إدوراد سعيد الوطني للموسيقى العربية التابع لجامعة بيرزيت، بمشاركة عازفين من غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة وأراضي عرب 48. وحاز محمود على المرتبة الأولى للفئة العمرية الأولى في تلك المسابقة، وكانت شهادته الأولى في حياته بالنسبة للموسيقى، وهي عبارة عن شهادة تقدير وميدالية، وكان عمره وقتها ستة أعوام، وكان الأصغر من بين المشاركين في المسابقة الذين تراوحت أعمارهم من ثمانية أعوام وحتى 12 عاماً'.
وتابع والد محمود: منذ ذلك الوقت وحتى اليوم يخضع محمود لتدريب منزلي لمدة ساعتين يومياً، إضافة إلى تدريبه في المعهد ثلاثة أيام أسبوعيا. حيث يشارك محمود مع أصدقاء والده في العزف على مستوى القطاع، أمثال: خضر البايض وصلاح أبو حمد ومحمد أبو سمرة ومحمد غبن وزياد القصبغلي وزياد كحيل وآخرين، علاوة على مشاركته لكبار المطربين في حفلات ومهرجانات وطنية مثل: خالد فرج وسامي الحرازين وأكرم حسن وعلي الكيلاني ورامي عكاشة ومحمد الرشيدي وحامد البدي.
ويضيف: يتصدر محمود جميع فعاليات وحفلات المعهد، حتى تكرار مشاركته في مسابقات معهد أدوارد كل عامين، وخاض محمود في عام 2012 مسابقة الفئة العمرية الثانية التي كان عمر المشاركين فيها يتراوح بين 12 وحتى 18 عاماً. وكان عمر محمود وقتها 8 أعوام فقط. ليكون أصغر المشاركين سناً ونال المرتبة الثانية في الموسيقى، وقارع موسيقيين أكبر منه سناً حينها.
وفي عام 2014 شارك في نفس المسابقة في القدس المحتلة، وكانت المسابقة تسمى 'ثلاثي قانون' وحاز على المرتبة الأولى مع زميليه عبد العزيز أبو شرخ وفراس الشرافي. وتم اختياره في برنامج لبنان من قبل نادي المواهب الفلسطينية، وتم اختيار محمود من بين المجموعة لوحده وجرى منحه رقم المسابقة ليسافر إلى لبنان وتم قبوله ليمثل بنفسه فقط الوطن فلسطين. وتم تسجيل المشاركة له خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة الصيف الماضي من أجل المشاركة في مسابقة 'mbc' ارب جوت تالنت.
وحين عرف محمود عن نفسه حين التسجيل قال 'نحن أطفال غزة نستحق الحياة'، ومن خلال هذا التسجيل لفت انتباه لجنة الاختيار للمسابقة، تواصلت 'أم بي سي' مع نادي المواهب واستأذنوا بعد ذلك والده بأن يختار بين مشاركة ابنه وحده في البرنامج او أن يترأس فرقة من عمره لتمثيل فلسطين في المسابقة دون دخول أعضاء الفرقة امتحان الاختيار، واكتفت اللجنة بامتحان محمود فقط لأن نجاح محمود في الاختيار يكفي لنجاح باقي الفرقة. فوافق والد محمود على أن تكون المشاركة وطنية بأطفال فلسطين 'مفضلا المصلحة الوطنية عن المصلحة الشخصية دون النظر لأي اعتبارات مادية'، وفق قوله.
وبعد ذلك توجه والد محمود إلى معهد ادوارد سعيد، وتم اختيار أعضاء الفرقة من خلال أنس النجار ومدير المعهد في غزة إبراهيم النجار، من أجل تدريب وتأهيل أعضاء الفرقة المشاركين في البرنامج وحصل الفريق على الباز الذهبي وتأهل للمرحلة ما قبل النهائية.
ويحلم محمود بان يصبح نجما عالميا يمثل فلسطين في المحافل الدولية. بعد صقل موهبته أكاديمياً.