مُواطِنٌ غزّيٌ يبني بيتاً بعد أنْ سئمَ انتظار الإعمار- عطا الله شاهين
فاقتْ المرأةُ العجوز ذات صباحٍ باردٍ على صوتِ دقٍّ أزعجها.. وحينما نظرتْ مِنْ تحْتَ الرُّكام رأتْ زوجُها الهرِم بلحيته البيضاء يدُقُّ بكُلِّ قوةٍ ألواحَ الزينكو والدُّموعُ تسيلُ مِنْ عينيّه ، ويتمتمُ في ذاته إلى متى سأظلُّ انتظر كيْ يعمّروا بيتي المُهدّم .. فزحفت امرأته العجوزُ على ركبتيّها خِلسةً وسألته ماذا تفعلُ؟ لقد أزعجتَني في هذا الصباح.. فقالَ لها والدموع تسيل من عينيّه : لقدْ سئمتُ مِنْ انتظار إعمارهم لبيتي المدمر، ففي مؤتمر الإعمار وعدونا بأنْ يبنوا لنا بيوتنا المُدمرة ،وحتى اللحظة لمْ نحصلَ على موادٍ للبناء بما تكفي.. وأنا رجلٌ هرِمٌ لا أستطيعُ بعدَ اليومِ أن أنامَ تَحْتَ الرُّكامِ في برْدٍ مجنونٍ يلسعُني في كُلّ ليلة .. يستمرُّ زوجها الهرم في دقِّ المسامير لبناءِ بيتٍ مِنْ الزينكو كان قد احتفظ بألواح الزينكو حينما حينما كانتْ المعابر مفتوحة ليل نهار.. فيقترب الرجل الهرم من امرأته العجوز وتبدو على محيّاه علامات الإرهاق ويقول لها: النّومُ تَحْتَ الزينكو أرحم مِنَ النّومِ على الأرضِ ومِنَ المُؤكّدِ بأنّه سيحمينا مِنْ برْدُ الشّتاء .. ينظرُ الرجلُ الهرِم إلى زوجته العجوز والمتردّدة مِنْ مواصلةِ دقّه للمسامير ، فيعلو صياحهما ويسمعونهما الجيران فيأتون لاستعلام الأمر .. ويدور حديث بينهم فيقنعُهم الرجل الهرم بأنّ الانتظارّ سيقتلنا مِنَ البرْدِ وعلينا أنْ نجِدَ حُلولا بديلة .. تقتربُ امرأته العجوز منه وتقولُ له فعلاً أنت تعمل بمنتهى العقل إلى متى سنظلُّ ننتظرُ؟ لقد سئمنا.. هيا دُقّ المساميرَ قبل مجيء العاصفة وتقتلني مِنْ برْدها المجنون ..