وائل زعيتر: فتى جبل النار وشهيد روما!
نابلس - عبد الباسط خلف: يتحلق رجال جوار بوابة سوق نابلس العتيقة، يًروجون لبضائعهم، ويخلطون السياسية بالفاكهة والخضروات. يقول محمد أبو زنط: "نتذكر شهيدنا حافظ الذي غاب عنا 36 سنة، قبل أن يسمحوا له بالعودة".
فيما تحتل صفقة التبادل حيزاً وافراً من أحاديث الباعة والزبائن على حد سواء. فالفتى جلال أبو صالح، 14 عاماً، ينتظر الإفراج عن قريبه المحكوم بأضعاف عمره في سجون الاحتلال.
وفي سؤال وجهه ألف إلى أهالي المدينة وزوارها عن وائل زعيتر، الأديب والمناضل والدبلوماسي الذي أطاح به رصاص "الموساد" في روما في 16 تشرين أول 1972، يقول إبراهيم علي، القادم من المثلث المحتل عام 1948: "منذ عشرين سنة أزور نابلس، ولا أعرف شيئا عن وائل زعيتر، غير أنني اليوم سأبدأ بالبحث عن حياته، وأعد نفسي بأن لا أنساه، لأنه يستحق الذكرى".
غير أن عاهد عبد الهادي، يؤكد أن وائل زعيتر، ابن بلده، كان ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية في إيطاليا، ولا يعرف بالضبط، كما يقول، السنة التي اغتيل فيها؛ لأن الأحداث فوق رؤوسنا كثيرة، وكل أيام شعبنا مناسبات وطنية، وذكريات سوداء وحمراء، وأيامنا البيضاء قليلة.
وكان زعيتر ولد في نابلس عام 1934من أسرة مشهورة بالعلم والأدب. فوالده عادل زعيتر شيخ المترجمين العرب، وشقيقته نائلة حملت الدكتوراة في الأدب العربي. وعمه أكرم زعيتر الأديب والسياسي أيضاً.
تقول سالي عدنان، التي تدرس في جامعة النجاح، وتعرف شذرات عنه، مستعينة بما تنشره شبكه الإنترنت: "كان وائل يحمل على كتفيه هموم القضية الفلسطينية، ويشرح مأساة شعبه وتاريخه وثقافته للايطاليين وللأوروبيين، خاصة أصدقائه من كبار الفنانين والأدباء والمفكرين مثل الروائي المبدع ألبرتو مورافيا، والكاتب المسرحي الفرنسي جان جينيه، والمؤرخ مكسيم رودنسون، والموسيقي برونو كاليي، وأسس مع أصدقائه من قوى إيطالية مختلفة لجنة للتضامن مع القضية الفلسطينية، وربطته علاقات وثيقة مع الحزبين الإيطاليين الاشتراكي والشيوعي."
تكمل في حوار عبر شبكة الإنترنت قبل يومين من حلول الذكرى: "اغتيل صباح 16 تشرين الأول 1972 عند مدخل شقته في ساحة هانيبال، وسط روما ، وجاء اغتياله انتقاماً للهجوم على الرياضيين الإسرائيليين في عملية ميونخ عام 1972 على يد منظمة أيلول الأسود. ولم يسمح الاحتلال الإسرائيلي بدفن جثمانه في مدينتا، فتم دفنه في مخيم اليرموك في دمشق."
تعترف سالي بتقصير الجيل الجديد، الذي لا يعرف شيئا عن ماضيه، ولا يهتم بالمناضلين والمبدعين، الذين ولدوا وعاشوا في مدنه وقراه. ولعل السبب الرئيس في ذلك، كما تظن، تراجع القراءة وانتشار ثقافات الرياضة الأوروبية، فالجيل الشاب يعرف عن نجوم "ريال مدريد" و"برشلونة" أكثر ما يعرف عن وائل زعيتر، وخليل الوزير، وصلاح خلف، وغسان كنفاني، وفتحي الشقاقي، وعمر القاسم، ودلال المغربي، وغيرهم.