الاحتلال يسرق 'أبو العلايق' و53% من آثار فلسطين
أسيل الأخرس
يقف قصر هيرودوس الشتوي المعروف بـ'تلول أبو العلايق' شامخا، على التلة الشمالية من وادي القلط جنوب مدينة أريحا.
فن معماري ورفاهية عالية من قصور ممتدة وبرك سباحة تدل على أن شعوبا عريقة سكنت المكان، وعلى تفاصيل الحياة التي عاشها هيرودس على بعد 3 كم جنوب مدينة أريحا في فلسطين، حيث قصره الشتوي في أريحا، والصيفي في جبل الفريديس في بيت لحم.
تحت الأرض هنا تاريخ شعوب كتب، ينتظر أن يخرج على الملأ ليحكي قصته التي عاشها في فلسطين وفي أريحا أقدم مدن الأرض، مختلفة في كل شيء، زاخرة بالدفء والتاريخ فإن آثارها تعود الى ما قبل 10 آلاف عام في العصر الحجري الحديث.
ورجح منسق وحدة البيانات والخرائط في وزارة السياحة والآثار محمد جرادات تسمية 'أبو العلايق' إلى أنه اسم عربي مرتبط بالحديقة التي كانت تلفه وتميزه، حيث عرف في العصر الإغريقي بمدينة الحدائق وعرف في التاريخ أن القائد الروماني ماركوس أنطونيوس قدم لآخر ملوك البلاطمة كليوبترا زهور البلسم التي جلبها من حدائق أبو العلايق.
وكانت أول عمليات التنقيب أجريت في الموقع عام 1868 تلاها 3 عمليات تنقيب أخرى في سنوات مختلفة كشفت حجم المدينة الضخم في التلة الشمالية من سلسلة قصور ومبنى كامل مع بركة سباحة، وأرضيات معبدة، وحمامات وحدائق، ومنطقة صناعية كاملة، وأرصفة مشاة وقنوات مياه تعود إلى الفترة الهلينستية المتأخرة.
وعثر في المنطقة الجنوبية على قصرين متماثلين شيدا في الفترة الرومانية المبكرة في عهد هيرودس، إلى جانب العثور عام 1977 على مقبرة كبيرة تضم حوالي 50 قبرا تعود الى القرن الاول قبل الميلاد، ولوحات جدارية في بعض القبور كتب عليها بالارامية والعبرية واليونانية.
يشار الى ان 'تلول ابو العلايق' كانت تمثل مركز مدينة أريحا في الفترتين الهلينستية والرومانية التي بقيت نحو 6 قرون، وتزامنت مع فترات مهمة من تاريخ البلاد كان أبرزها ميلاد المسيح، الى ان هجر الموقع في نهاية الفترة الرومانية، وانتقل مركز مدينة أريحا البيزنطية الى موقع مدينة أريحا الحالي.
ويقع قصري هيرودس الصيفي في جبل الفريديس في بيت لحم والشتوي بأريحا في المنطقة 'ج' ، بالإضافة إلى 3600 موقع أثري تقع تحت سيطرة إسرائيل وغير موجودة على الخارطة السياحية.
وتشكل المواقع الأثرية في منطقة 'ج'، ما نسبته 53% من المواقع الأثرية في فلسطين.
وقال جردات، 'إن إسرائيل تمنع أي اعمال تنقيب أو ترميم أو تهيئة للمواقع كمراكز سياحية للمواقع الأثرية في المنطقة 'ج' التي تعرضت لأعمال نهب وسرقة وتنقيب غير مشروع يعتبر منافيا للقانون الدولي، كما تمنع وزارة السياحة من اجراء عمليات تنقيب او ترميم او تأهيل مواقع اثرية للسياحة فيها'.
واضاف، 'سيطرت اسرائيل وتحت العديد من المسميات على مواقع أثرية، خاصة التي تقع بمحاذاة المستوطنات او المواقع العسكرية، وحولت عددا من المواقع الأثرية في المنطقة 'ج' الى مواقع سياحية، كحال خربة قمران الواقعة جنوب أريحا، وخربة سوسيا جنوب الخليل'.
وأشار إلى أن إسرائيل تصر على انتهاك الاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تحرم على سلطات الاحتلال إجراء عمليات تنقيب او ازالة او عبث بالآثار والتراث الثقافي للأراضي المحتلة.
وعن دور وزارة السياحة والاثار قال، 'منذ عام 1967 وحتى الان جرى استخراج أكثر من مليوني قطعة أثرية، ومع قيام السلطة الوطنية في عام 1994، قامت الوزارة بالتعاون مع الشرطة السياحية والأجهزة الأمنية باسترجاع من 25 ألف إلى 40 ألف قطعة أثرية من لصوص وتجار الاثار'.
واوضح ان عددا كبيرا من القطع الاثرية تسربت الى اسرائيل والى خارج فلسطين، لافتا الى ان هناك تصورا لمشروع توثيق للقطع الاثرية الفلسطينية الموجودة في متاحف اوروبا واميركا، او ضمن مجموعات خاصة، موضحا انه تم اعداد ملف تفاوضي مع اسرائيل في حال استئناف المفاوضات لاسترجاع الاثار على شاكلة استرداد مصر للاثار التي وجدتها اسرائيل في سيناء.
وأكد ان الوزارة واجهزة الدولة المعنية تقوم بحماية المواقع الاثرية في المناطق المتاخمة لمنطقتي 'أ' و 'ب' معتبرا أن عقوبة الاتجار بالآثار غير رادعة حيث لا تتجاوز ستة اشهر سجن وغرامة مالية لا تزيد عن 100 دينار أردني بحسب القانون الاردني المطبق والصادر عام 1966.
ودعا الى ضرورة تنظيم برامج توعية بأهمية التراث والتاريخ، وضرورة الحفاظ عليه وتعديل القانون الخاص بالاثار لحمايتها ووضع حد لسرقة تاريخ فلسطين.