أطفال غزة يتعلمون كيف يحلمون
محمد فياض
لم تكن الحياة بسيطة مطلقا بالنسبة لوعد ياسين، اللاجئة الفلسطينية ابنة الحادية عشرة من قطاع غزة.
وعد هذه الفتاة اليافعة، شهدت ثلاث حروب في السنوات السبع الأخيرة، وتعرف أن عليها أن تتشارك بالتساوي مع شقيقاتها وأشقائها التسعة بكل حصة من الطعام أو قطعة من اللباس.
وعندما يتعلق الأمر بالمدرسة، فإن وعد تعرف، على الرغم من اجتهادها في الدراسة، أنها لا تستطيع أن تتوقع من عائلتها أن تزودها بالكتب المدرسية أو القرطاسية اللازمة لها. فتدهور الوضع الاقتصادي في غزة يعني أنها لا تستطيع حتى أن تتذكر متى كانت آخر مرة عمل فيها والدها مقابل أجر، أو متى تمكنت عائلتها من جني دخل.
وفي آب السنة الماضية، انقلبت حياة وعد رأسا على عقب مرة أخرى عندما تعرض منزل أسرتها البسيط للدمار نتيجة الحرب الأخيرة على القطاع على مدى 50 يوما. وجاء في تقرير لوكالة 'الأونروا' بالخصوص، أن أسرة وعد الآن تعتمد على 'الأونروا' في تلبية جميع الاحتياجات للغذاء والصحة والوسائل التعليمية، وتضطر للإقامة في منزل الجدة الذي يعاني من الاكتظاظ، وتضطر وعد لمواجهة الصعوبات بشكل يومي، فهي لا تزال تشعر بالامتنان لما تملكه من فرص.
في يوم الاثنين الماضي، استلمت الطالبة المتحمسة الدفاتر الجديدة اللامعة التي قدمتها دائرة التعليم في 'الأونروا' ضمن المساعدات السنوية في القرطاسية، ووضعتها فوق بعض على منضدتها المدرسية الخشبية في مدرسة أسماء الابتدائية المختلطة في مدينة غزة، وهي تقول إنها أصبحت الآن قادرة على أن تتطلع لأن تجتهد في دراستها في هذا الفصل الدراسي.
وتقول وعد: 'إن استلام القرطاسية أمر مهم جدا بالنسبة لي. فنحن لم نتمكن من شراء القرطاسية المدرسية لأن والدي لا يملك أي دخل، لذا فقد كنت مضطرة لاستعمال دفاتر مستعملة من الفصل الماضي قبل أن أحصل على القرطاسية من الأونروا'.
وحسب البيان، فإنه على غرار وعد، حصل حوالي 240,000 طالب وطالبة من اللاجئين الفلسطينيين المنتظمين في مدارس 'الأونروا' عبر قطاع غزة على حزمة من القرطاسية في بداية الفصل الدراسي، تحتوي على ثمانية دفاتر بالعربية ودفترين بالإنجليزية ودفتر للرسم، علاوة على أنه تم تزويد كل المدارس بمواد للتنظيف وبعض الأثاث الجديد واللوازم المكتبية، من أجل زيادة فرص التعلم بأقصى قدر.
وقال التقرير: إن ضمان تمكن الأطفال اللاجئين في غزة من الوصول إلى تعليم مدرسي عالي الجودة، يظل يشكل أولوية بارزة بالنسبة للوكالة وجزءا من التزامها الأعم بمساعدة اللاجئين على تحقيق إمكاناتهم الكاملة في التنمية الإنسانية.
وهنا تقول مديرة مدرسة وعد زهرة أبو علبة، إن أغلب طلبتها يأتون من عائلات فقيرة، وإن أغلبهم ما كان باستطاعتهم الحصول على القرطاسية لو لم تتبرع 'الأونروا' بها، 'ويظل الأهل يطلبون القرطاسية لأنهم لا يستطيعون شراء أي منها'.
وأضافت: أن وعد، مثلها مثل العديد من الأطفال المنتظمين في مدارس 'الأونروا' في غزة، تحمل أحلاما كبيرة لمستقبلها وتدرك من الآن أن التعليم سيلعب دورا بارزا في مساعدتها على تحقيق هذه الأحلام، وهي تقول: 'أتمنى أن نستطيع جميعا أن نعيش في سلام، أريد أن أدرس باجتهاد وأن أصبح طبيبة في المستقبل من أجل معالجة المرضى والفقراء'.