مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

بعد 27 عاما.. وائل جودة يروي قسوة الحجارة ورحمتها

يامن نوباني

بعد أيام قليلة من تهديد وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك اسحق رابين بتكسير عظام وأطراف مُلقي الحجارة لوقف زحف انتفاضة الحجارة التي انطلقت شرارتها في 9-12-1987، بعد يوم واحد على قيام مستوطن متطرف بدهس أربعة عمال واستشهادهم في جباليا البلد في قطاع غزة، التقط موشي ألبرت مصور صحفي يعمل لدى تلفزيون 'سي بي أس'، فيديو يهاجم فيه أربعة جنود إسرائيليين الشابين وائل جودة وأسامة جودة، أثناء رعيهما الغنم بأعلى جبل فوق بلدتهما 'عراق التايه' قرب نابلس، في 26-2-1988، في مشهد إجرامي يدل على بشاعة الاحتلال منذ مجازر النكبة (1948) إلى الآن.

هذا ما اقترفته وتقترفه أيدي جنود الاحتلال بحق أصحاب الأرض والحق، مشاهد التقطتها عدسات المصورين، كإطلاق النار على محمد الدرة وهو في حضن والده في أيلول 2000 في منطقة مثلث الشهداء بغزة، والذي بثته كافة وسائل الإعلام، وأخرى حدثت في الخفاء، كحرق جثة الشهيد الطفل محمد أبو خضير من قبل ثلاثة مستوطنين في أحراش دير ياسين بالقدس المحتلة في تموز 2014، ومئات آلاف الجرائم بحق الإنسان والحجر والشجر والشمس والماء والهواء والبيت الفلسطيني.

ظنهم العالم استشهدوا، لكن وائل جودة (43 عاما)، عاد بعد 27 عاما على الحادثة ليروي تفاصيلها، فيقول:، كانت الضفة الغربية تغلي على جنود الاحتلال والمستوطنين، وكانت المدارس والجامعات مُعطلة، لأن الكل يريد أن يشارك في التظاهرات في مختلف المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية، رفضا للاحتلال وممارساته القمعية تجاه أبناء شعبنا، وكانت نابلس وقراها ومخيماتها تشهد توتراً وتصعيداً. صعدت إلى الجبل الواقع فوق قريتي 'عراق التايه'، مع ابن عمي أسامة جودة، وكان يكبرني بأعوام، نرعى الماشية، فتفاجأنا بعشرات الجنود الإسرائيليين مدججين بالعتاد والأسلحة، يصعدون نحونا من 3 جهات بطريقة جنونية، وكان هناك شبان يهربون منهم إلى سفح الجبل ويختفون. أمرنا الجنود بالجلوس على الأرض، وبدأ أربعة منهم بضربنا بوحشية وعنف، يُمسكون أيدينا ويلوونها ويضربونها بالحجارة، هذا عدا عن ركلنا بأقدامهم وأعقاب بنادقهم على كل أنحاء جسدينا.

يتابع جودة لـ'وفا': كان الجنود يضربون ويصرخون علينا، وعلى خوذة أحدهم مكتوب بالإنجليزية 'وُلدت لأقتل الفلسطينيين'، وكانت العادة في الانتفاضة الأولى أن تتجمهر النساء وتبدأ بالصراخ على الجنود كلما اعتقلوا أو حاولوا اعتقال طفل أو شاب، ولم يوقف الجنود تكسيرنا إلا حين تجمعت نساء القرية وبدأن الصراخ والبكاء بصوت عالٍ. استمر اعتقالنا 8 أيام في سجن نابلس المركزي وسجن الفارعة، ولم يُقدم لنا أي نوع من العلاج، وبقينا نعاني الرضوض والكسور والوجع إلى حين خروجنا، وأذكر أنه في الليلة الأولى دخل علينا قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال عمرام متسناع، وقال لنا: 'العالم يعرف الآن أنكم ميتون'، وذلك في محاولة منه لكسرنا.

وأضاف جودة: كان للصحافة الدور الأبرز في إطلاق سراحنا، حيث شاهد العالم بشاعة ما التقطته كاميرا المراسل الأجنبي من همجية الاحتلال في التعامل مع الأطفال الفلسطينيين، ولو لم يتواجد الصحفي لفعل بنا الجنود ما هو أكثر إجراما، وبعد خروجنا من الأسر، قيل لنا أن امرأة من سكان حي الضاحية في نابلس أصيبت بحالة صدمة طويلة أدخلت نتيجتها للمستشفى بعد أن شاهدت ما تعرضنا له، فقمنا أنا وأسامة بزيارتها والاطمئنان على صحتها، ولتطمينها على صحتنا.

وحول تداعيات ما جرى في ذلك الوقت، يقول جودة: في مؤتمر القمة العربية الذي عُقد بتاريخ 7-6-1988 في الجزائر، والذي ضم على جدول أعماله قضية واحدة، دعم الانتفاضة الفلسطينية، تحدث الرئيس الراحل ياسر عرفات، عن الطريقة الوحشية التي تعامل بها الجنود معنا، ومع شبان الانتفاضة، كما اتصل بنا الرئيس الليبي آنذاك مُعمر القذافي، طالبا منا القدوم لليبيا للعيش والعمل والدراسة فيها، كما قام رجل دنماركي بطلاق زوجته اليهودية بعد مشاهدته الفيديو، ردا على جرائم جنود الاحتلال، وفي مقابلة أجرتها إحدى القنوات التلفزيونية الإسرائيلية مع والدة أحد الجنود، قالت: 'لديه ابنة واحدة وأخاف عليها منه'.

وأضافت الطبيبة دلال أبو صالحة من نابلس، والتي أشرفت على علاجهما، بعد الإفراج عنهما ودخولهما مستشفى الاتحاد النسائي في نابلس: أصبت بالصدمة نتيجة ما شاهدته من كدمات وكسور لأطراف وائل وأسامة، ورأيت انتشار بقع حمراء وزرقاء على كامل جسديهما من شدة وقسوة الضرب بالحجارة والبنادق، وحين دخلا المستشفى لم يقويا على الوقوف من الألم والإرهاق الذي أصابهما.

يختم وائل جودة: رأيت الموت بعيني لكن حجارة فلسطين رحيمة على أبنائها.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024