... وقبّل قدمي والدته
وفا- فايز عباس
الاحتفاء بالأسرى، أخر لقاءهم بأحبائهم وأبنائهم وأمهاتهم أكثر من ساعة، لكن ما أن انهي الرئيس محمود عباس كلمته حتى خرج الأسرى باحثين عن أقاربهم، وامتزجت الدموع والابتسامة على وجه الجميع.
أحد الأسرى المحررين، ركض باتجاه امرأة كانت تقف وحدها، وعندما اقترب منها احتضنته وقبلته وبكت طويلا، لكنه ترك حضن والدته ليركع على ركبتيه ليقبل قدميها، كان منظرا مثيرا للغاية، خاصة عندما رفعت "الأم" ابنها عن الأرض واحتضنته مرة أخرى، وكأنها تخاف من أن يفارقها مرة أخرى.
الأسير "معمر غوادرة"، في الثلاثين من عمره، قال لـ"وفا": إنه يقبل الأرجل والأقدام التي تحملت مشاق السفر لزيارته خلال السنوات التي قضاها في الأسر، وهي "الأم" التي لم تفوّت ولا فرصة لزيارة ابنها"، مضيفا: "لقد وقفت والدتي إلى جانبي ولم تتركني أبدا، هي الأم التي كانت تعود من زيارتي، وقد أعياها السفر الطويل والانتظار ساعات طويلة لكي تراني، ولو لفترة قصيرة، وسأكون الابن البار لأرد لها ولو القليل مما فعلت من أجلي".
معمر، ابن قرية بير الباشا بالقرب من جنين، حكم عليه بالسجن المؤبد و20 عاما، قضى منها 8 سنوات، واليوم خرج إلى الحرية بعد إنجاز صفقة تبادل الأسرى، قال: "فرحتي لم تكتمل، لأنني تركت إخوتي في السجون الإسرائيلية يعانون من البطش الإسرائيلي، لكن بفضل الله انتصرنا وخرجنا لكن انتصارنا غير كامل".
والدته عبلة، وقفت جانبا غير مصدقة أنها تنظر إلى عيون ابنها وإلى وجهه، قالت: "عانيت الكثير خلال زيارتي للسجون، كنت أعود إلى المنزل بعد ساعات طويلة من المعاناة، لكن كل هذا قد انتهى، وها هو ابني قد عاد إلى البيت، أشعر بالسعادة التي لا توصف، وفرحت لكل أم خرج ابنها من السجن، وقلبي مع الأمهات اللواتي لم يلتقين بأبنائهن الذين بقوا في السجون".
على بعد أمتار قليلة من معمر ووالدته، كان أحد الأسرى يرد على أسئلة وسائل الإعلام الكثيرة، التي غطت إطلاق سراح الأسرى، وكان شقيقه الشاب، يبحث عنه في مواقع متعددة في ساحة المقاطعة، وطلب منه أخوه الأسير أن ينتظر قليلا لينهي اللقاء الصحفي، لكنه لم يتمكن من امتلاك نفسه "وهجم" على شقيقه وقبله واحتضنه طويلا، لكنه لم يتحمل "صدمة" خروج شقيقه من السجن الطويل، وفجأة بدأ يفقد توازنه، وقام شقيقه الأسير بتهدئته والتخفيف عنه، طالبا منه أن يتمالك نفسه، وكاد أن يغمى عليه من شدة الفرح.
خرج الأسرى إلى بيوتهم، وغدا سيستيقظون على أصوات زوجاتهم أو أمهاتهم وأولادهم، وليس على صوت السجّان، الذي كرهوا سماع صوته خلال السنين الطويلة في الأسر الإسرائيلي.