انقطاع عقار "ترامادول" يضع المدمنين أمام خيارات قاسية
محمد الجمل
وضع مئات المدمنين على العقار المخدر الأكثر شهرة في قطاع غزة «ترامادول»، بين خيارات جلها صعبة وقاسية، بعد أن أصبح العقار المذكور، والذي كان يصل القطاع مهرباً من خلال الأنفاق، شبه مفقود في غزة.
فوفقا لبعض المصادر، فإن ثمن الشريط الواحد من هذا العقار، ارتفع إلى أكثر من 400%، والحصول عليه بات أمرا بالغ الصعوبة.
خيارات قاسية
وأوضح «س» وهو أحد المتعاطين للعقار المذكور، إن الأمر بات أكثر من صعب، فأمامه وغيره من المدمنين أحد أربعة خيارات جلها قاسية، فإما أن يتوجه إلى إحدى العيادات النفسية للعلاج، وهذا قد يخلق له فضيحة وفق اعتقاده، معترفاً بذلك أن إدمان هذا العقار يعتبر بمثابة وصمة عار على جبين صاحبه.
وعن الخيار الثاني أوضح «س» أنه قد يبقى المدمن أسيرا لهذا العقار، ويسعى لجلبه بأي ثمن، وهذا سيحتاج الى الكثير من المال، وجهود مضاعفة، وسيكون على حساب متطلبات الأسرة الأخرى، مضيفاً، إن الخيار الثالث يكمن في تحمل الأعراض الانسحابية القاسية التي تظهر بعد التوقف عن التعاطي، وهذا أمر لا يطاق.
ولفت إلى أن الخيار الرابع والأخير، وهو الأكثر ممارسة من قبل المدمنين، وهو اللجوء لعقار مسكن قوي يسمى «لاريكا»، وهو متوفر في الصيدليات ويصرف بدون وصفة طبية، وهذا المسكن يساعد المدمن على تجاوز الأعراض الانسحابية، لكن البعض قد يتعودون عليه ويصبح بديلاً عن «ترامادول».
من جانبه، أكد طبيب نفسي مختص في علاج الإدمان، أن «لاريكا» هو علاج يستخدم لمن يعانون مشاكل في الأعصاب، وقد أسيء استخدامه، بعد أن اكتشف المدمنون بأنه يريحهم بعض الشيء.
ونفي د. يوسف عوض الله، أن يكون «لاريكا»، من ضمن أدوية معالجة الإدمان، كما انه لا يصنف ضمن العقاقير المخدرة، وهو يسبب التعود وربما الإدمان، في حال تناوله الشخص بكمية كبيرة ولفترة زمنية طويلة.
ونصح عوض الله المدمنين باللجوء للطرق الرسمية في التخلص من الوبال، والخضوع للعلاج تحت إشراف ومتابعة طبيب مختص، بدلاً من اللجوء لبدائل ربما تزيد الأمور سوءاً، وتضر أكثر ما تنفع.
ورغم البديل المذكور، ولجوء الكثيرين له، إلا أن أطباء متخصصين في علاج الإدمان، أكدوا لـ»الأيام»، أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت تزايدا ملحوظا في أعداد المترددين على العيادات الحكومية والخاصة، بهدف التخلص من الإدمان، والعودة لحياتهم الطبيعية.
مخاوف من انتشار الجريمة
وأبدى مواطنون تخوفهم من الانعكاسات الخطيرة لانقطاع العقار المذكور وارتفاع أسعاره بشكل كبير كما يشاع.
من جانبه، أكد المواطن محمد مصلح، أن المدمن هو شخص مريض، وفي حال حاجته للعقار الذي أضحى مرتفع الثمن، لا يتردد بفعل أي شيء من أجل الحصول عليه، حتى وإن نفذ جرائم سرقة وسطو وربما قتل.
وطالب مصلح وزارة الصحة والجهات المعنية بإطلاق حملات تشجيعية من أجل علاج الإدمان، وحث المتخوفين والمترددين على الإقبال على تلك المراكز من أجل العلاج.
ونصح مصلح الصيارفة وحتى المواطنين الميسورين، باليقظة واتخاذ الحيطة والحذر، كي لا يتعرضوا لعمليات سطو.
أما المواطن محمود عيسى، فأكد أن توقف تدفق هذا العقار إلى القطاع، أمر مهم وخطوة جيدة على طريق تخليص الشباب منه، لكن ثمة خطوات أخرى يجب أن تترتب عليها، وأبرزها مساعدة من وقعوا في شركه على التخلص من الإدمان.
وأكد أن هذا الوضع فرصة لأولياء الأمور والمهتمين، لملاحظة أي أعراض غير طبيعية قد تطرأ على تصرفات أبنائهم، ما يجعلهم يدركون إدمانهم، ومن ثم مساعدتهم في التخلص منه.
وشارك عيسى سلفه الرأي، بأن ثمة مخاوف من مخاطر انقطاع هذا العقار، وإمكانية تزايد معدل الجريمة، نتيجة سعي مدمنيه على تحصيل المال لجلبه.
يذكر أن عقار «ترامادول» الذي يصل قطاع غزة عبر الأنفاق، يختلف كلياً عن العقار الطبي الذي يستخدم كمسكن للآلام، من حيث الشكل والجرعة، وقد شكك مختصون في تركيبته، معتقدين انه يحوي مواد مخدرة أكثر تركيزاً، بدليل قدرته السريعة على تحويل متعاطيه إلى مدمنين.