البلوطة والميسة.. حكاية بلدة اسمها يبرود
علاء حنتش
تواجه شجرتا البلوط والميسة، اللتان تشكلان معلما من موروث بلدة يبرود شمال شرق رام الله مخاطر 'الموت' بفعل مرض التسوس، ما يتطلب مختصين زراعيين لإنقاذهما.
البلوطة والميسة لكل واحدة منهما حكاية، ولكنهما تشاركتا في قدمهما، الذي يقدره سكان القرية بآلاف السنين، ورمزيتهما لسكان القرية، البالغ عددهم قرابة 800 نسمة، موزعة على أربع عائلات هي: عمار، وحديد، ودواوود، ومشارقة.
البلوطة أصبحت أكثر شهرة، ودليلا لعابري السبيل، وإشارة للتمييز بين القرية وجارتها عين يبرود، التي كثيرا ما يختلط على المواطنين من خارج رام الله التفريق بينهما، إلا من خلال هذه الشجرة التي لا تزال شامخة في وسط الطريق.
وتجد الإجابة التلقائية لأى سؤال من قبل المارة عن القرى، هي:' يبرود البلد التي في وسط شارعها بلوطة'.
يقول رئيس المجلس القروي خالد فرحات:' كانت البلوطة ملتقى لأهل القرية، خاصة خلال السنوات الماضية، قبل أن يتحول شارعها إلى شارع رئيسي بعد الانتفاضة الثانية بسبب أزمة، حيث كانوا قبلها يستظلون بظلها، ويقضون وقتهم، ويلعبون السيجة، حتى أنها كانت مكانا للدبكة خلال زفة العرسان'.
وأضاف: 'أصبحت البلوطة معروفة أكثر من الميسة، لوجودها في وسط الشارع الرئيس الذي يصل القرى المجاورة، وكان بديلا لمدة سنوات عن الطريق الرئيس بسبب الإغلاقات، مع أن الميسة لها تاريخ كبير لموقعها في البلدة القديمة'.
المواطن عودة عبد الرحيم أبدى تخوفه من فقدان القرية لهاتين الشجرتين، بسبب تسوس أغصانهما، قائلا:' البلوطة تعاني من الجفاف في أحد فروعها الرئيسية الأربعة، وهي تعاني من حشرة تنخر الأغصان، وحاولنا معالجتها ببعض الأدوية دون فائدة، فهي تحتاج إلى مختص، لأن أحد الأغصان الرئيسة جف، ما يعد خسارة كبيرة لمظهرها وبقائها، وأما الميسة فالساق تجوف، بسبب القدم والتسوس'.
وفيما يخص الميسة، أشار المواطن صلاح أحمد( 65 عاما)، إلى أن روايات أهل القرية تقول إن عمرها أكثر من 4000 عام، وكانت تمثل مركزا لاجتماعات سكان القرية ومناسباتهم، لوجودها في البلدة القديمة، وقربها للبيادر التي يجمع فيها الحصاد، ومعصرة الزيتون 'البد' وأكثر من 30 بئر مياه.
وقال:' ضيق مساحات البيوت، وعدم وجود مكان يتسع لأهل القرية في مناسباتهم، كان عاملا مهما لاعتمادهم شجرة الميسة للتجمع، فمساحتها كانت قرابة 150 مترا، وأرضيتها مبلطة بالحجر الأثري المقصوص كبير الحجم، وقام الاحتلال بسرقة جزء كبير من بلاطها، بعد الاحتلال عام 1967'.
وأضاف: 'من أهم الأحداث التي أذكرها تحت الشجرة، إجراء الانتخابات النيابية الأردنية مطلع الستينات، وكذلك الأعراس التي كانت تجرى، وزفة العرسان التي كانت تنطلق من تحتها، وصولاً إلى البلوطة، ومن ثم العودة'.
وتابع:' بعد احتلال الضفة، كان اليهود يأتون إلى البلدة، ويجلسون تحت الميسة، وربما يكون لها أهمية عندهم، وهذا ما يؤكده سرقة الأحجار، ونقلها إلى مكان غير معلوم'.
ويقول عودة عبد الرحيم:' أتذكر وفودا من اليهود كانوا يأتون إلى المنطقة، ويقومون بالبحث والتمعن بالأحجار الموجودة حول الشجرة، ويكون معهم دليل يقرأ ويشرح لهم عن المنطقة'.
فالزائر للقرية خاصة البلدة القديمة يستشعر قيمتها التاريخية، ويستمتع بالرواية من ساكنيها عن تاريخها، إلا أنه في الوقت ذاته يتحسر على الأبنية القديمة، والأحواش الواسعة التي بحاجة الى ترميم، وشجرتي الميس والبلوط اللتان ربما تكونان قد طوتا آلاف الذكريات، وأخذتاها معهما في حال، لم يتم انقاذهما ورعايتهما'.