عويضة ... سُجن سليماً وقضى 20 عاما في العزل ولكن خرج مريضا ومنعزلاً
الأسير المحرر عويضة كُلاب هو صورة مصغرة لمعاناة الأسرى ومرارة الظلم في زنازين السجان الإسرائيلي التي لا ترحم طفلا ولا شابا ولا شيخا.
قصة مؤلمة يعيشها المحرر كلاب بعد أن أمضى أكثر من عشرون عاما في سجون الاحتلال قضى معظمها في زنازين العزل الانفراددي التي خاض أسرانا إضرابا عن الطعام قبل أيام لوقف هذه السياسة الاجرامية لقوات الاحتلال
عويضة خرج من السجن ضمن صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال , ولكن ليس كما دخلها شابا يافعا قويا , فبعد عشرون عاما من العزل وشوق لقاء الأحبة والأهل , خرج عويضة ومعه مرض نفسي يمنعه من ممارسة حياته كالمعتاد نتيجة سنوات العزل الطويلة في زنازين القهر الإسرائيلي.
عويضة أمضى سنوات سجنه في زنزانه لا تتعدى أمتار تكفي بأن يجلس بها الشخص على شكل القرفصاء مع إضائة خافتة تثير الأعصاب ولا يمكنه الحديث مع أي شخص ولا تستمع لأحد حتى تجبرك سنين العزل على نسيان ملامح البشر ومن عاشوا حولك.
عويضة هو من سكان منطقة الشيخ رضوان بقطاع غزة, اعتقل في العام 1988 بعد أن القى قنبلة على تجمع جنود فقتل منهم 6 ، وحكم عليه بالمؤبد أربعة مرات، وتنقل بين السجون والزنازين الانفرادية، ومورس بحقه أقصى أنواع التعذيب والإهانة ، وحرم من أبسط حقوقه وتعريضه للضغط النفسي والجسدي, فأصابته عدة أمراض نفسية وتدهورت حالته خلال تلك الفترة حتى فقد أهليته بشكل تام.
أخته الكبرى "فاطمة كلاب" من سكان خانيونس كانت متواجدة في بيته بالشيخ رضوان بغزة لاستقبال المهنئين بعودته من سجون الاحتلال قالت " زرت أخي في سجن السرايا قبل أن يحول إلى داخل سجون الاحتلال عدة مرات بعد أن حكم عليه بأربعة مؤبدات إثر عملية عسكرية نفذها في جيب صهيوني أدت لمقتل ستة جنود" .
وعن سر المرأة التي كانت تجلس بجواره يوم المهرجان في ساحة الكتبة أجابت أنها زوجة أخيه الكبيرى وليست أمه لكنها بمثابة والدته فهي من ربته منذ كان صغيراً وربت ابنه وبنته بعد أن دخل السجن .
أين أمي؟!
وتابعت أخته بأن أول شخص سأل عنه عويضة أمي قال:" أين أمي" حاولنا بالتدريج إخباره بأنها توفيت منذ مدة طويلة فهي أصيب بالمرض وهو في العزل الانفرادي ولم نستطع أن نبلغه بذلك كانت أمنية والدتي أن تكتحل عينيها برؤيته ولو للحظات بسيطة لكن لم يقدر لها ذلك ولم تره نهائياً منذ حكم عليه بالسجن وعندما أبلغناه أنها توفيت بكى بشدة وكأنه طفل صغير فقد أعز أحبابه.
ما زال يعيش العزل
وأشارت أخته إلى أنه توجه إلى الطبيب ونصحه بعدة جلسات أخرى فهو منذ أن خرج من السجن حالته الصحية لا تسر يتعب من الأكل لأن معدته غير معتادة على الطعام وتصيب جسده رعشة لا يستطيع التحكم بها حيث فسر الطبيب سببها بأنها ترجع لإصابة ألمت بالجهاز العصبي لديه وهو بالسجن وتتابع أخته نلاحظ على عويضة أن جلسته غير طبيعية فمعظم الوقت يجلس كالقرفصاء كمان كان يجلس في زنازين العزل الانفرادي ونحاول كل يوم أن ندلك جسده بالزيت مع التدليك الطبيعي لأطرافه .
وهمست بصوت منخفض عندما رأيته لأول وهلة لم أعرفه فهذا ليس أخي عويضة الذى عهدته مع ذلك يبقى الأمل بأن يعود كما كان فالكلمة التى على لسانه ولا تفارقها " الحمد لله " في بعض الأحيان لا يعرف الناس ويكون جالس وبصره شاخص.
أما زوجة ابنه الوحيد عاصف قالت:" أن أب زوجها من الجهة العقلية سليم جداً فهو يتذكر كل شيء في الحياة التي عاشها قبل الأسر وعندما يسألوه كم كان عمر ابنك عندما سجنت يجيب أربعون يوماً لكنه وجد صعوبة في ربط شخصية ابنه مع مرور الأعوام بالواقع فهو لم يراه منذ كان في عمر العامين بسبب العزل الانفرادي في سجن العدو.
علاج نفسي وصحي
وتتابع زوجة ابنه بأن الأسير المحرر عويضة لا يحب أن يرى باب أو شباك مغلق وأن أول يوم دخل به البيت كان يخجل من التعامل مع أهل البيت جلس وحيداً في غرفته ورفض الاختلاط بالجميع لا يحب الأعداد الكبيرة من الناس ويحاول كثيراً أن يخبأ وجهه بكفيه وتتعبه جلسة الكرسي لأن جسده أخذ على جلسة القرفصاء مضيفة أنهم زاروا طبيب نفساني وأشار إلى أن الأعراض السابقة بسبب العزل الانفرادي الذى قطعه عن التواصل مع العالم الخارجي ونصحهم باتباع جدول مخصص لتخطى الحالة النفسية التي وضعه بها الاحتلال فجميع التعاملات والطعام تتم على أنه طفل صغير مع المحاولة على دمجه بالمجتمع تدريجياً فالطعام عبارة عن شوربات خفيفة ثم طعام خفيف الى أن يستطيع معدته هضم الطعام الطبيعي أما عن التعاملات فنصحنا أن نفتح الشباك ثم الباب ثم نخرجه للشارع ثم للمنتزه ثم لزيارة الأهل وهكذا.
قصة الأسير المحرر" عويضة كلاب" تروى للعالم تفاصيل بشاعة الاحتلال في الحط من كرامة الإنسان الفلسطيني وتكشف عن أوضاع أسرانا في سجون الظلم والقهر الإسرائيلي.