الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

إيمان وصبر وذكريات وسنوات ثلاثين في الأسر.. حكاية "فؤاد" من مدينة السلام‏

غزة- ديمة اللبابيدي

قوام ممشوقة وخطى واثقة.. بدلة رسمية تختال فخراً بمن يلبسها.. وابتسامة لكل من يقترب ليسلم عليه ويهنأه بالتحرر.. هذا هو ابن مدينة السلام "فؤاد قاسم الرازم" الذي قضى 31 عاماً في سجون الاحتلال، ليجد نفسه حراً في غزة بموجب صفقة التبادل مع إسرائيل.

وفي لقاء أجرته معه "إذاعة الإيمان"، عبر "الرازم" عن فرحته الكبيرة حين وطأت قدماه أرض غزة، رغم الغصة التي شعر بها نتيجة بعده عن القدس، وبقاء أكثر من 5000 أسير في السجون، بعضهم أمضى أكثر من 20 عاماً.

بهدوء شديد وتسلسل للأحداث، يستذكر "الرازم" لحظات اعتقاله التي وصفها بالقاسية جداً، لأن والده لم يكن في البيت حينها، ومعظم الموجودون كن أخواته الفتيات ووالدته "رحمها الله".
ويروي "الرازم" تلك اللحظات فيقول: "كان الانتشار العسكري يحيط بالبيت من كل جانب ولم يقبلوا انتظار الاعتقال حتى الصباح. التحقيق كان قاس جداً لأنه كان في شهر كانون الثاني في البرد حيث يتم تجريد الإنسان من كل ملابسه ووضعه تحت المطر، كما ان والديّ وأخواتي عانوا كثيراً من هذا التحقيق حين اعتقلهم الاحتلال ليعترفوا علي بعد أن رفضتُ التكلم، وتم احتجاز والديّ ليوم كامل وبث هواء ساخن عليهم في غرفة مغلقة فأغمي عليهما".

ويوضح "الرازم" أن أبرز التهم التي سجلت باسمه في محاكم الاحتلال، هي قتل جندي إسرائيلي وقتل مستوطن ومحاولة قتل عملاء وحرق سيارات إسرائيلية.

إما أن تقضي على الأسر أو يقضي عليك

أما عن سنوات الأسر التي فاقت الثلاثين عاماً، فيوكد "الرازم" أنه يمكن للإنسان أن يبقى في الزنزانة كل هذه الفترة، بالعزم والصبر وتحدي السجان والتعوّد، كما أن الارتباط بالله والإيمان بعدالة القضية التي يناضل من أجلها، يقوي من عزيمة الأسير صبره.
ويضيف: "تعلمنا في السجن أشياء كثيرة، فتجربة الأسر تختلف كلياً عن واقع الحياة خارج السجن. في السجن يستطيع أن يبني الإنسان نفسه بناء كاملا أو ينهي نفسه بيديه، لقد تعلمنا وقرأنا وخرجنا بشهادات علمية ومعرفية حتى لو لم تكن موثقة من جامعات".

ويوضح أنه بالرغم من عدم المشاركة في الأحداث السياسية الكثيرة جداً خلال السنوات الثلاثين في الأسر واقعياً، إلا أن الأسرى كانوا يواكبون التغيرات من خلال حلقات نقاش والدروس التثقيفية وخطب الجمعة.

ذكريات  ليالي العيد في شوارع القدس القديمة كان خير أنيس

ويعود عميد الأسرى المقدسيين بذكرياته مبيناً أن أكثر الأفكار التي كانت تجول في خاطره، كانت ذكريات عن الأهل والشوق إليهم وإلى المسجد الأقصى بحاراته وباحاته، لكن الاحتلال كان يسرق حتى هذه الخواطر حين يكتبها على الورق.
وبعينين غرقتا في ذكريات الماضي يقول "الرازم": "يعلق في ذاكرتي من مدينة السلام كل تفاصيلها، فالقدس لم تغب عن عقلي وقلبي دقيقة واحدة، فهي مهجة فؤادي التي تربيت فيها، وكنت كل ليلة أتمشى في شوارعها.. أتذكر ليالي العيد في القدس حين نذهب إلى أسواق القدس ونصلي في المسجد الأقصى وشوارع القدس القديمة، وأشتاق لتلك الأيام بشدة كلما مرّ عليّ عيد وأن بعيد عنها".

إسوارة العروس مشغولة بالدهب.. و"فؤاد" مشغول بعيني والدته

"نبيلة الرازم" أخت "فؤاد" التي وصلت إلى غزة بعد معاناة عبرت عن فرحتها بلقاء أخيها، وتقول:" استرجعت كل ذكرياتي مع "فؤاد" كأنه ما زال شاب في العشرين من العمر، وشعرت أن روحه المعنوية عالية وكأن الثلاثين عاماً مضت ولم تؤثر سلباً على أخي". وتروي "نبيلة" قصة إسوارتين كانتا بانتظار "فؤاد"، الأولى اشتراها بنفسه قبل الاعتقال حين كان يجهز للزواج، أما الثانية فهي وصية من والدته التي تركتها لعروس ابنها، كما تركت له مبلغاً من المال حتى لا يشعر بالضيق بعد تحرره.

ويعلّق "فؤاد" على ذلك بالقول :"رأيت وجه أمي لآخر مرة وهي على فراش الموت بعد الحصول على تصريح من إدارة السجون.. أتذكر عيني أمي المعلّقتين بوجهي وثلاث جمل تحدثت بهم فقط رغم أنها كانت غير قادرة على التكلم.. نادتني باسم المتعارف عليه في أسرتي "فواز"، وقالت "الله يرضى عليك"، ثم نطقت الشهادتين اللتين لقنتها إياهما".


رسائل..

أما عن الوضع الحالي الذي كان بانتظار المحررين، فيصف عميد الأسرى المقدسيين، الانقسام بالخنجر في خاصرة شعبنا، ويرى أن هناك قواسم مشتركة بين كل الفصائل الفلسطينية الأمر الذي كان يجب العمل عليه، كما أنه كان يجب استخدان الحوار فقط في حل المشكلات. ويضيف أنه لابد من دور للقادة الذين تحرروا بموجب صفقة "شاليط" رغم أن البناء صعب.

وكان لمدينة السلام ولأهلها رسالة من المقدسي المحرر، الذي طالب أهله بالثبات في القدس حتى وإن قصر معهم الآخرون مادياً ومعنوياً، معتبراً أن تحرير القدس واجب إسلامي وعربي وأخلاقي.

قطار الحياة ينطلق من جديد

وفي ختام حديثه يقول "الرازم" بعد تنهيدة تحكي ما في القلب: "لم أفكر حتى الآن في الأيام القادمة لأن التعب ما زال يسيطر عليّ.. حتى الآن لم أعش حياة الحرية ولا أستطيع أن أعرف ماذا سأفعل في المستقبل.. ولن أقرر أن أتزوج حتى أعرف أين سأستقر وماذا سأفعل في المستقبل".

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024