المحرر المحروم: سيأتي يوما ما على جميع رفاقي الذين تركتهم
" فور عودتي الى جنين توجهت مباشرة الى المقبرة، فلقد حرمتني من أُناس عزيزين على قلبي كثيرا"، هذا ما قاله الأسير المحرر سامر المحروم الذي قضى زهرة شبابه في سجون الاحتلال الإسرائيلي، متنقلا بين المعتقلات فمن المسكوبية الى بئر السبع، وجنيد، وعسقلان، ونفحة، وجلبوع، وشطة، والرملة، والنقب.
ويقول المحروم أول وجهة كانت له فور وصول مدينة جنين (شمال الضفة الغربية) الى المقبرة للقاء الأعزاء الذين لا يستطيع احتضانهم ولكنه لا يملك إلا قراءة الفاتحة والدعاء لهم، فلقد توفي والده وهو داخل سجون الاحتلال، ولم يستطع ان يراه ويودعه.
في الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1986اعتقلت قوات الاحتلال سامر المحروم، بعد أن نفذ عملية فدائية في القدس قتل فيها احد كبار المستوطنين، الذين عرف عنهم اعتداءهم المتواصل على المقدسيين، فكان المحروم على موعد مع الأسر والحكم بالمؤبد (مدى الحياة).
ولم يكن المحروم يتوقع اليوم الذي يفرج عنه فيه من سجون الاحتلال ، وبالرغم من ذلك لم يفقد الأمل، وها هو الآن بين أحضان عائلته بعد 25عامًا من الأسر، ويقول "لا يجب ان نفقد الأمل مهما طال الزمن فبعد هذه السنين الطويلة في سجون الاحتلال ها هو يوم الحرية جاء أخيرا، وكما جاء هذا اليوم علي وأفرج عني فانه سيأتي يوما ما على جميع رفاقي الذين تركتهم."
ولم يستطع الأسر المحرر حتى هذا اليوم من سلخ تفكيره عن معاناة سجنه فهو لا يتخيل أنه أصبح الآن حرا طليقا وينحصر تفكيره في السجن ومعاناته التي طالت كثيرا، سوى أنه بين أهله وأحبته.
والدة الأسير المحرر ولم تتمالك نفسها من شدة الفرح فهي لم تصدق نبأ الإفراج عنه ضمن صفقة التبادل التي أبرمت بين حماس و إسرائيل برعاية مصرية، إلا بعد ان سمعت صوته على الهاتف النقال وهو في طريقه الى المنزل، واحتضنته طويلا كأنها لا تريد أن تتركه، من شدة شوقها إليه.
وتقول الحاجة المحروم " إنها لم تفقد الأمل يوما ما بالإفراج عن ابنها وبقيت طوال السنوات الماضية بانتظار هذا اليوم، وتضيف أنها لم تشعر بالفرح يوما ما إلا وكان اعتقال سامر ينغص عليها فرحها، حتى في الأعياد."
وتوجه الحاجة المحروم دعاءها الدائم لكل من ساهم في الإفراج عن ابنها، وتأمل في ان يأتي اليوم الذي تغلق فيه سجون الاحتلال كاملة بعد ان يتحرر جميع الأسرى.
ويعود سامر المحروم للقول " إن الاستقبال الذي شاهده من جميع فئات الشعب الفلسطيني دليل على ان هذا الشعب لم ولن ينقطع الخير منه، فليس أجمل من ان يشعر الأسير المحرر بقيمته واحترامه بين الناس."
ويقول "إن الشعب الفلسطيني قيادة وشعبا لن يتركوا أسراهم وحدهم فالكل يعمل بما هو متوفر لديه من اجل الوقوف الى جانب الأسرى لحين ان يتم الإفراج عنهم ."
ورفض المرحوم منذ لحظة الإفراج عنه ان يحمل إلا علم فلسطين ولم يقبل في ان يرفع راية لفصيل بعينه، وقال "إن للشعب الفلسطيني علم واحد وهو علم فلسطين، وتحت هذا العلم يجب ان يكون ابناء الشعب الفلسطيني موحدين."
ومنذ زمن طويل تنتظر عائلة الأسير المحرر المحروم أن يلتم شملها وحين الإفراج عنه اغتنم الأخوة الستة الفرصة وهذبوا أنفسهم لأخذ الصور التذكارية مع بعضهم البعض كدليل على أنهم أخيرا اجتمعوا مع بعضهم.
ويرى الأسير المحرر أنه يكاد ينسى معنى العيد بسبب الفترة الطويلة في سجون الاحتلال، فمنذ ان كان عمره (19عاما) دخل المحروم الى السجن ولم يخرج الا بعد ان تجاوز الـ( 45) من عمره وقد شاب شعره.
لكن عيد الأضحى لهذا العام سيكون له نكهة خاصة لعائلته وهذا ما يقوله شقيقه فارس، حين تجمع الدمع في عينيه وهو يصف مشاعره بلقاء شقيقه والإفراج عنه.
ويشير فارس الى أن العائلة تتحضر الآن لكي تعيد سامر الى الحياة الطبيعية وتبحث له عن الاستقرار في بيت الزوجية، معربا عن أمله في ذات الوقت ان تستمر هذه الفرحة، وتعم جميع عائلات الأسرى الذين مازالوا يقبعون في سجون الاحتلال.