مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

شاعر يهزم السرطان

علي العامري 
عاد الشاعر والصحافي جهاد هديب منتصراً على مرض السرطان الذي أصاب حنجرته، عاد من ذلك النزال الصعب، رافعاً نجمة الأمل والحياة والعمل والإبداع. وعلى الرغم من الأزمة التي ألمت به، ودوّخته ثلاثة أشهر، فإن الشاعر عاد منتصراً، بعدما وقف في وجه المرض وتحداه بإرادة الشعر والأمل، ليعود إلى أصدقائه وعمله ومشغل الكتابة من جديد.

كان الصديق هديب منذ البداية جريئاً، إذ إنه هو بنفسه الذي أعلن إصابته بالمرض، وكتب رسالة إلى الأصدقاء يخبرهم بها بأن الفحوص الطبية أكدت تلك الإصابة. وكان بذلك خطا الخطوة الأولى في المواجهة مع مرض شديد الشراسة، وبقيت معنويات الشاعر عالية، وكانت رغبته في الحياة أقوى من ذلك المرض، ومع مرور الأيام واستمرار العلاج، بدأ المرض يتراجع خطوة خطوة، في حين يتقدم هديب على أرض المواجهة، إلى أن هزم السرطان تماماً.
ماء الأمل كان سر سيرة الأزهار، بما توحي به من معانٍ جميلة تدعو للحياة والتفاؤل والحب، حتى إن الأزهار التي توضع على القبر تعمل على تخفيف حدة الموت، وتخفيف قسوة الغياب، وكسر رتابة التراب والشاهد الحجري. عاد الشاعر جهاد هديب حاملاً القلم، ليكتب نجمة في دفتر الأمل.
طلب هديب من كل صديق أن يمنحه دقيقة واحدة، ليكون أكثر قدرة على مواجهة المرض، وكان عبّر عن إرادة قوية كانت متوارية خلف قميصه، كما لو أنه استعاد قوة الشعر الذي أمده بطاقة عالية هزم بها المرض، وعلى الرغم من تلك المرحلة التي تأرجحت بين يأس وأمل، كان الشاعر يفتح بوابات جديدة لسيرة الحياة، إذ أكمل ترجمة قصائد لشعراء من كولومبيا.
الأطباء فوجئوا بالنتيجة السريعة لهزيمة السرطان الذي فتك بكثيرين، وكان الأطباء توقعوا استمرار مسيرة العلاج الكيماوي والإشعاعي فترة أطول بكثير، لكن هديب صرع السرطان، وعاد إلى نشيد الحياة مجدداً وبشغف متزايد.
لم يركن الشاعر إلى العتمة واليأس والانزواء، بل كتب على موقعه في «فيس بوك» تلك الرسالة المؤثرة، فاضحاً المرض على العلن، وكاشفاً عن قوة إرادة، ربما لم يتوقعها المقربون منه، خصوصاً أنه معروف بإنسانيته الرقيقة وعاطفته الفياضة وهدوئه الأثير. كان جريئاً تماماً، في تسميته المرض، ولم يلجأ إلى صفة المرض الخبيث أو العضال أو أي وصف آخر موارب، كما يفعل كثيرون، إذ يلجأون إلى عدم ذكر مرض السرطان مباشرة.
في تلك الرسالة، عبر جهاد هديب عن حزن شفيف، وحب كبير لأصدقائه، وشغف بالكتابة والحياة، إذ إن القصيدة هي بيته الأكثر حميمية، وهي مأواه الأول، وملجأه الدائم، وما الأماكن سوى محطات أو عتبات في الطريق إلى القصيدة.
في الرسالة طلب من كل صديق أن يمنحه دقيقة واحدة، ليكون أكثر قدرة على مواجهة المرض، وكان عبر عن إرادة قوية كانت متوارية خلف قميصه، كما لو أنه استعاد قوة الشعر الذي أمده بطاقة عالية هزم بها المرض، وعلى الرغم من تلك المرحلة التي تأرجحت بين يأس وأمل، كان هديب يفتح بوابات جديدة لسيرة الحياة، وخلال تلك الفترة العصيبة، كان يترجم قصائد لشعراء من كولومبيا، وكان الشعر «زوادة» الأمل.
في شهر فبراير الماضي أنجز ترجمة قصائد لعشرة شعراء كولومبيين، عن اللغة الإنجليزية، مع سيرة تعريفية لكل شاعر. ومن قصيدة «أحلام» للشاعر فريدي تشيكانغانا الذي تعود جذوره إلى حضارة الإينكا، جاء هذا المقطع:
«سعيدٌ هو الماءُ
الذي يجعل الأزهار تنمو فوق هذه الأرض العُرْضَةِ للخطر
لأنها تهبُ جمالاً يواجه الموت».
يبدو لي أن هذا المقطع المكثف عبّر عن حالة الشاعر جهاد هديب خلال خوضه المواجهة الصعبة مع المرض، وعلى الرغم من الأرض المعرضة للمخاطر والعتمة الحادة والقاسية، فإن ماء الأمل كان سر سيرة الأزهار، بما توحي به من معانٍ جميلة تدعو للحياة والتفاؤل والحب، حتى إن الأزهار التي توضع على القبر تعمل على تخفيف حدة الموت، وتخفيف قسوة الغياب، وكسر رتابة التراب والشاهد الحجري.
عاد الشاعر جهاد هديب حاملاً القلم، ليكتب نجمة في دفتر الأمل.

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024