'النكبة' تنكأ جراح المهجرين
عنان شحادة
وقف الحاج محمد علي زبون (88 عاما) من بلدة علار المهجرة ويعيش حاليا في مخيم عايدة شمال بيت لحم، امام بيت في منطقة 'عين الحنية' المهجرة الواقعة في حدود قرية الولجة غربا، قابضا على مفتاح منزله 'مفتاح العودة'، في مشهد يؤكد تمسك الفلسطيني المهجر بالعودة.
رغم حالته الصحية السيئة وصعوبة التحرك ابى الحاج زبون الا ان يشارك في احياء الذكرى الــــــ67 للنكبة في منطقة 'عين حنية' يقول: 'ليل نهار وانا احلم بمسقط رأسي وهذا المفتاح الذي احتفظ به سيأتي يوم لأفتح باب منزلنا ان بقي.
ويضيف: 'امنيني ان اعرم حفنة تراب من ارض قريتي ومن ثم اموت.. اطرق رأسه للحظة وقد بدى انه يريد ان يخفي شيئا في عينيه ثم استدرك قائلا: كانت لدينا اراض شاسعة.. كنت اذهب مع والدي نفلحها ونزرعها بالملفوف، والباذنجان، والخيار، والكوسا والعنب وكل ما تشتهي به النفس لكن حسبنا الله ونعم الوكيل على كل ظالم' يقول الحاج زبون.
يعود زبون بذاكرته لأيام النكبة قائلا: 'ذكرى النكبة تذكرني دوما بأحياء وشارع وارض القرية ..أتذكر اننا هجرنا من قريتنا في شهر تشرين ثاني توجهنا الى قرية الخضر وقتها كان الجو باردا وماطرا، افترشنا الارض والتحفنا السماء، كانت اياما قاسية تصعب ان تمحى من الذاكرة.
ولم يتمكن الحاج زبون من زيارة قريته علار منذ النكبة سوى مرتين، وهو يحرص يحرص على حث ابنائه واحفاده على التمسك بحق العودة وعدم نسيان قريتهم ويقول بعزيمة واصرار كبيرين 'سنعود لقريتنا طال الزمن او قصر'.
الحاجة عيشة الاعرج (85 عاما) تسكن في قرية الولجة غرب بيت لحم، وهجرت من منطقة 'وعر القصاص' في 'عين حنية' تستذكر يوم النكبة بالقول: 'عشنا اياما كلها خوف ورعب، هاجمتنا عصابات الاحتلال وقتلت أكثر من 8 مواطنين، هربنا الى بيت جالا القريبة وسكنا في منطقة واد احمد.
لم تخفي الحاجة الاعرج لهفتها وشوقها للأيام الماضية التي سبقت النكبة، وحاولت استحضار تلك اللحظات بالركون الى زاوية في منطقة 'عين الحنية' قرب منزل هدمه الاحتلال، ومن ثم اوقدت نارا ووضعت صاج حديد عليها لتبدأ بإعداد خبز الصاج امام مرأى جنود الاحتلال، مرددة بعض اهازيج الماضي: 'ياما بلوحي سجاد الحرم ....ياما بلوحي سجاد الحرم على بلاده روح كل واحد لاجئ ....على بلادي روح ..'على عين الحنيه جيتك اخوي ....وحياتك يا اخوي مالي في الهجرانية'.
ويقول رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين الوزير عيسى قراقع: 'إن يوم النكبة هو يوم اسود في تاريخ شعبنا ووصمة عار في جبين العالم الذي لا يحرك ساكنا لإنصافه واعطائه حقوقه التي كفلتها المواثيق والاعراف الدولية.
ويرى قراقع ان إحياء هذه الذكرى الأليمة في حياة شعبنا يأتي بهدف تذكير العالم بان هناك مأساة حصلت لشعب على يد العصابات الإسرائيلية في العام 1948 وهي مستمرة حتى اليوم، مؤكدا بان أبناء الشعب الفلسطيني لن يهدأ لهم بال حتى تحقيق عودتهم الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها مع زوال الاحتلال.