'الميزان' و'عدالة': جهاز التحقيق الإسرائيلي يفتقد النزاهة والحياد
قال مركزا الميزان لحقوق الإنسان في غزّة، و'عدالة' في حيفا، إن جهاز التحقيق الإسرائيلي التابع لجيش الاحتلال، يفتقد الشفافيّة والاستقلاليّة كما يفتقد النزاهة والحياد.
وأضاف المركزان في بيان صحفي، تعقيبا على اعلان الجيش الإسرائيلي، نهاية الأسبوع المنصرم، عن إغلاق ملفّ التحقيق بجريمة قتل أطفال عائلة بكر الأربعة، بهجومٍ صاروخيّ استهدفهم عندما كانوا يلعبون عند شاطئ ميناء الصيّادين في مدينة غزّة، أن 'خوف الشهود ورفضهم الإدلاء بشهاداتهم لدى الجيش الإسرائيلي، يؤكد أن منظومة التحقيق الدوليّة المستقلّة، هي وحدها القادرة على الوصول إلى حقيقة ما حدث في غزّة'.
وأشارا إلى ان الجيش الإسرائيلي اعتمد في تقريره في إغلاق الملفّ على ادعاءات فنّدها مركزا الميزان وعدالة جملة وتفصيلا، وذلك عبر شهادات جمعها المركزان من شهود عيانٍ تواجدوا في الموقع وتوجّهوا على أثرها برسالة عاجلة للمدعي العسكري العام للجيش الإسرائيلي تطالب بفتح تحقيق فوريّ بجريمة القتل النكراء.
وأوضحا أنّ 'الشهادات التي جُمعت على لسان الشهود تؤكّد أن هذه المنطقة لم تكن منطقة عسكريّة، وذلك بعكس ما يدّعيه الجيش الإسرائيليّ في تقريره، وان هذا الموقع 'مكان الجريمة' جزء من ميناء الصيّادين، وهو بمحاذاة استراحة 'الشراع' وإلى جوار عدد من الفنادق وقاعة للأفراح، كما أظهرت الشهادات التي جُمعت أن من كانوا يجلسون في الاستراحة أصيبوا هم أيضًا نتيجة الغارة ذاتها.
وشدد المركزان على أنه 'حتّى بالاعتماد على الادعاءات الإسرائيليّة الكاذبة، لا يُمكن إغلاق ملف التحقيق وتبرئة الجيش من انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. ولو افتراضنا جدلا وجود موقع عسكريّ في المكان، فذلك وحده لا يبرر القصف دون تمييز الشخوص المتواجدة في الموقع، خاصة وقد اعترفت إسرائيل أنه في لحظة القصف لم تكن هناك أيّ أعمال قتاليّة تصدر عن هذا الموقع، وهو ما تشترطه قوانين الحرب الدوليّة'.
وأشارا إلى أن اعتراف الجيش بعدم وجود أي عمليّات قتاليّة صادرة عن ذلك الموقع في لحظة القصف كفيل وحده، بتوجيه اتهامات للجيش الإسرائيلي بانتهاك القانون الإنساني الدوليّ.
واستنكر المركزان ادعاءات الجيش الإسرائيلي بعدم قدرته تمييز الأطفال في مواقع القصف، واعتبراها ادعاءات 'لا تمت للمنطق بصلة – فالجيش الإسرائيلي يمتلك قدرات تكنولوجيّة عالية تمكنه من التحقق من أدق التفاصيل على الأرض، ومع هذا فلم يكن الجيش بحاجة إلى هذه التقنيّات ليميّز أنّ أشخاصا لا يبلغ طولهم، بحسب شهود عيان، مترا وعشرين سنتيمترا بثياب صيفيّة قصيرة ودون أي سلاح، ليسوا مقاتلين.
واستهجنا 'ألا يستطيع الجيش الإسرائيلي، بكل قدراته وخبراته العسكريّة، أن يميّز بين حركة عبثيّة لأطفالٍ يلعبون، وبين حركة مقاتلين يستعدّون لتنفيذ عمليّات قتاليّة'.
وأكد المركزان أنه من أصل أربعة شهود عيان قُدمت إفاداتهم للمدعي العسكري العام، لم يستدع الجيش الإسرائيلي غير شاهد واحد ليُدلي بإفادته في حاجز إيريز، وهو طفل يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة وفقا لتقرير طبي أرسلت نسخة منه للمدعي العسكري، فيما لم يستدع ثلاثة من الشهود أبدوا استعدادهم للإدلاء بشهادتهم.
وفند المركزان ادعاءات الجيش الإسرائيلي بأن الشهود الغزيين الذين تمّت دعوتهم للإدلاء بشهاداتهم رفضوا الحضور، وأكدا أن 'المصادر الصحافيّة الأجنبيّة تؤكّد أن أيا من الصحافيين الأجانب الذين تواجدوا في موقع الحدث، صوّروا فيه وكتبوا عنه لم يتم استدعاؤه للتحقيق. وهو ما يؤكد عدم نيّة الجيش الإسرائيلي الوصول إلى الحقائق'.
وأضافا أن 'ما لا يذكره الجيش الإسرائيلي هو حجم المعاناة، والتنكيل والملاحقة التي يتعرّض لها الفلسطينيّون في معبر إيريز من قبل الجيش الإسرائيلي من اعتقالات تعسّفيّة، وتحقيقات لساعات وأيام طويلة، واستغلال لقدوم الفلسطينيين من أجل الضغط عليهم للتعاون مع المخابرات الإسرائيليّة. هذه ممارسات تقوم بها إسرائيل حتّى ضد المرضى الذين يخرجون من غزة لتلقي العلاج، فكيف يثق شهود العيان الفلسطينيّون بالجيش الإسرائيلي وهم سيدلون بإفاداتهم ضدّه؟'.
وخلص مركزا الميزان وعدالة إلى أنّ 'الجيش الإسرائيلي استمع إلى نفسه وضرب بعرض الحائط الشهادات التي قدّمتها المؤسسات الحقوقيّة، كما تجاهل تماما عشرات الإفادات التي كتبتها الصحافة الأجنبيّة من موقع الحدث، ولم يتكلّف بدعوة الصحافيين للإدلاء بشهاداتهم. لا يُمكن لمن ارتكب جرائم حرب بهذه البشاعة أن يحقق هو بنفسه بهذه الجرائم – جهاز التحقيق الإسرائيلي مصاب بأعطابٍ جوهريّة، وتتناقض أعرافه مع أعراف القانون الدولي الإنساني.'