رمضان ورامي ليفي
خلدون البرغوثي
الكثير من المواد المنشورة على الانترنت مؤخرا تتناول الاقبال على متاجر "رامي ليفي"، المعروفة بتقديمها عروض أسعار مغرية على منتجات يقبل المواطن عليها تحديدا في شهر رمضان. والكثير من التحذيرات التي نشرت مؤخرا أيضا تشير الى اسعار الملابس في "الكنيونات" الاسرائيلية مقارنة بما هو في الضفة.
وجد الكثير من المواطنين أنفسهم أمام معضلة أخلاقية مع حلول شهر رمضان. العدوان على غزة العام الماضي، وإمعان حكومة الاحتلال في اجراءاتها في الضفة، صعدا من حملة مقاطعة الاحتلال ومنتجاته سواء كانت من المستوطنات أم من غيرها. وتزامنت الدعوة للمقاطعة بمطالب لتحسين جودة المنتج المحلي الذي سيستفيد القائمون عليه من تراجع الاقبال على المنتج الإسرائيلي.
تصاعد القلق الإسرائيلي في الاسابيع الأخيرة من تبني الكثير من المنظمات والجامعات في العالم وتحديدا في اوروبا والولايات المتحدة المقاطعة لإسرائيل، كان الأولى أن يكون حافزا للمنتجين وللتجار المحليين على السير قدما في دعم مقاطعة الاحتلال محليا من خلال تقديم ما ينافس المنتج الإسرائيلي جودة وسعرا.
لكن مع حلول شهر رمضان صدم الكثيرون من المواطنين بوقائع حيرت الحليم منهم. فالشحنة الايجابية تجاه مقاطعة الاحتلال، ضربتها شحنة سلبية لسببين: الغلاء الفاحش والاستغلال الذي قصم ظهر الكثير من محدودي الدخل، فصار همهم البحث عن البديل. وانتشار حملات وعروض وتخفيض أسعار من قبل شبكات اسرائيلية تحت شعار "حلول شهر رمضان"!!.
حالة القلق التي عبر عنها التجار ومنتجو المواد الغذائية من العدد الكبير لتصاريح دخول القدس وأراضي 1948، كان الأولى أن تدفعهم لمنافسة المنتج الإسرائيلي، بتقديم عروض وتخفيضات وحملات تدفع المواطن على الإقبال على شراء منتجهم وتصرفه عن منافسه الإسرائيلي. لكنهم فضّلوا الحصول على هامش ربح فاحش، حتى لو اقتضى ذلك الضغط لوقف التعامل مع التصاريح.
من المؤكد أن سلطات الاحتلال سعت الى ضرب الاقتصاد المحلي من خلال كم التصاريح التي اصدرت مؤخرا، لكن هذه الخطوة لم تجابه بجهد فلسطيني توعوي أولا، وعملي على الأرض ثانيا، من خلال حملة منظمة تشجع المنتجين والتجار على تقديم عروض منافسة.
تجارنا بدلا من أن يتقدموا خطوة للأمام، بمراعاة الظروف التي يعانيها المواطن العادي والمغريات التي يتعرض لها من قبل المنافس الاسرائيلي، تراجعوا الى الوراء فأبقوا الاسعار نارية. وللأسف الشديد قام "رامي ليفي" باتخاذ هذه الخطوة، لا حبا بنا طبعا، ولكن بحثا عن ربح وفير يأتيه من تسويق كم كبير بهامش ربح قليل.
إن كان المواطن بشرائه من "رامي ليفي" وأمثاله يرتكب جنحة بحق الوطن والقضية، فإن الجشعين يرتكبون جريمة بحق المواطن والوطن والقضية بدفعهم هذا المواطن إما الى حرمان نفسه، أو الى طرق ابواب "رامي ليفي".