غزّة: "رمضان الكريم" بنكهة الحرب والدموع !!
بالنسبة للشاب فادي البكري الذي كان خارج البلاد أثناء الحرب الاخيرة على غزّة، لا تزال الحرب تثقل على روحه؛ كما لو أنّ أولاد خاله ( لا سيما الذي اسمه رمضان ) الذين ارتبط معهم بعلاقة وطيدة "أكبر من الصداقة" – كما لو انّهم استشهدوا أمس، وأن دمهم لا يزال ساخنا.. وكما لو أن غبار القصف الذي طال منزل عائلتهم لا يزال يحوم حول الركام ...
فادي البكري (22 عاما) وعاد إلى غزة قبل أشهر قليلة، يكابد أوجاع الفقد على طريقته؛ بحنين حارق إلى كثيرين من الشهداء، وإلى الفناءات الضيقة ولكن الحميمة للبيوت التي دمرتها الحرب – الفناءات التي لا تزال تمثل له، حتى بعد ان غمرتها أكوام الركام، "أوطان صغيرة كانت ممتلئة بألف حلم"، حيث أشار الشاب في حديث مع "القدس دوت كوم" إلى أن الحنين يقوده، أحيانا، إلى تمنيات مستحيلة؛ بينها "لو تعود الأيام ونلتقي مع من قضوا في الحرب" !
من بين أشياء كثيرة عن الحرب، لم ينس فادي البكري، بعدعام على بدئها اللحظات التي أبلغ فيها بالقصف الذي طال منازل عائلتهم الصغيرة والمتلاصقة في مخيم الشاطئ، مشيرا في الخصوص إلى أن "دقائق قليلة فصلت بين بدء الهدنة الإنسانية والقصف الإسرائيلي على المنازل" حيث كان يستعد للاتصال بالعائلة للاطمئنان عليها، كما أنه لا يزال يتذكر إلى الآن تلك اللحظة حالكة السواد: حين عاجله أحد أصدقائه برسالة عبر "الخليوي" يبلغه فيها ما جرى للعائلة، وهي رسالة – كما قال – أفقده هولها الوعي.
أما بالنسبة لـ محمد البكري (36 عاما) وأفقدته الحرب شقيقه وزوجته واثنين من أطفاله (أسيل بعمر6 سنوات وأسماء بعمر 3 أشهر )، فهو لا يزال، يكابد أوجاع الفقد المتفاقمة؛ لا سيما حين تتأجج المشاعر بدرجة تفوق قدرة روحه على الاحتمال؛ كلما اقترب موعد الإفطار وهو ينظر لأطفاله الذين لم تقتلهم الحرب، لكنها تركت ندوبا لا تنمحي على اجسادهم.
لم يكن لدى محمد البكري كثيرا من الكلام ليقوله بشأن الندوب التي تركتها الحرب الإسرائيلية على جدار القلب، لكن وجوه أطفاله الذين لم تطلهم قذائف الحرب، تحفزه على الدوام للصمود وحبس ما أمكنه من الدموع؛ كلّما خطرت في مخيلته وجوه شقيقه وزوجته وطفلتيه.
القدس دوت كوم