الفتى صالح الأعرج.. يهزم الاحتلال ويصلي في 'الأقصى'
(يامن نوباني)
هو شوقهم العظيم لملاقاة أقصاهم، شوق الفلسطينيين كبيرهم وصغيرهم، يدفعهم لاختراع وسائل جديدة للتخلص من الحاجز والجدار العنصري، والاجراءات المشددة التي يفرضها الاحتلال على مدينة القدس المحتلة، والوصول الى المسجد الأقصى، أغلى ما يملكون.
صباح اليوم، الجمعة، ظهر الفتى صالح هيثم الأعرج (13 عاماً) من مدينة طولكرم، في صورتين بثهما اعلام الاحتلال، وتناقلتهما المواقع الاخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي بكثافة، وهو يرتدي لباس الصلاة الخاص بشقيقته، ويحاول اجتياز حاجز قلنديا العسكري، حتى يتمكن من دخول المسجد الأقصى، حيث نشرت الصحف الاسرائيلية ما اعتبرته انجازا بسيطا، بالقاء القبض على أطفال تنكروا بزي فتيات لدخول القدس، وقالت إن 'مقلبهم' جرى كشفه، حيث بثت بعد صورة صالح بساعات قليلة صورة لطفل آخر بزي صلاة فتاة على أحد الحواجز القريبة من مدينة بيت لحم.
في الصورة الاولى تمسك جندية 'صالح' وهو بكامل زي الصلاة، وفي الصورة الثانية يخلع عن نصفه العلوي ذلك الزي، ويبتسم لأن وسيلته لم تشفع له بالمرور. قبل أن يحاول ثانية عبر طريق التفافي، يُسميها الاحتلال 'غير شرعية'، ويُطلق عليها الشباب الفلسطيني 'تهريب'، ثم ينجح في الدخول والصلاة.
يقول هيثم الأعرج، والد الفتى صالح، 'في ساعة مبكرة من الصباح رأى صالح جدته تستعد للذهاب الى المسجد الأقصى، فتعلق بها، وطلب منها اخذه معها، لكنها رفضت أول مرة، وقالت له: لن يسمحوا لك بالدخول، لكنه أصر على طلبه، وحمل معه ملابس الصلاة الخاصة بشقيقته روزان '12' عاما.
ويضيف الأعرج الاب، كُنت نائما قبل أن توقظني أم صالح وهي مذعورة وتخبرني أنها رأت صورة صالح على وسائل التواصل الاجتماعي، بيد جنود الاحتلال على حاجز قلنديا، وطمأنتها من أنهم لن يعتقلوه، وأنه سيعود سالما، ثم اتصلت به واخبرني أنه سيدخل مع الشبان الذين أعادهم الحاجز، بطريقة 'التهريب'.
أما صالح، والذي وصل لبيته في مدينة طولكرم في التاسعة مساءً، بعد رحلة شاقة استمرت 13 ساعة، عائدا من القدس، فيقول: هذه أول مرة أحاول فيها دخول القدس للصلاة في المسجد الأقصى، وحين سمعت أن الاحتلال لا يمسح للاطفال بالدخول، خبأت ملابس الصلاة الخاصة بشقيقتي روزان أثناء الليل، وفي الصباح حاولت جدتي 'هلال الأعرج' منعي من الذهاب معها، لكني أصررت على الذهاب وقلت لها: لا تخافي معي ملابس صلاة روزان، والحاجز يسمح بدخول الفتيات، سيظنون فتاة ويدخلونني.
ويضيف صالح، خرجنا من طولكرم في الثامنة صباحا ووصلنا حاجز قلنديا في العاشرة والنصف صباحا، وحين وصلت قريبا من الجندية دققت في ملامحي ثم خلعت عن رأسي ملابس الصلاة، فتبسمت، ولم اشعر بالخوف، وطلبت مني العودة، لكني لم أخرج من طولكرم لأعود، خرجت لأصل الاقصى. ابتعدت عن الحاجز وذهبت مع شبان كبار لم يسمح لهم الاحتلال مثلي بالدخول ودخلنا تهريب، وصليت الظهر والعصر في قبة الصخرة، والتقيت بجدتي وعمتي، وطلبت منهن أن نتجول في أسواق القدس لأشتري لأشقائي الصغار حلوى من القدس، واشتريت ووزعتها عليهم، وفرحوا.
لا يعادل فرحة الفلسطيني شيء حين يدوس بقدميه تراب القدس، ويُحني جبينه بأرضية المسجد الأقصى، ولا تستطيع دولة الاحتلال بكل ما تملك من سلاح وصراخ وقمع وارهاب وحواجز وحصون وجدار وأسلاك شائكة وأوامر عسكرية منع إصرار طفل فلسطيني، قطع مسافة '99' كيلومتر، من مدينة طولكرم إلى مدينة القدس، ضاعفتها الطرق البديلة وغير الآمنة، ليرفع يديه: الله اكبر.