الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني    متحدثون: قرار وقف وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة في فلسطين ضروري ويأتي في الاتجاه الصحيح    الامطار الغزيرة تغرق خيام النازحين في القطاع  

الامطار الغزيرة تغرق خيام النازحين في القطاع

الآن

أجواء باهتة لشهر رمضان في غزة مع تعثر الإعمار والركود

يفترش المسن الفلسطيني خليل عاشور مع عائلته الأرض حول مائدة إفطار على مقربة من ركام متناثر من بقايا منزلهم ما ينغص عليهم فرحتهم بحلول شهر رمضان الفضيل. ودمر منزل عاشور في حي "الزيتون" شرقي مدينة غزة خلال الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة صيف العام الماضي ما حوله وعائلته المكونة من تسعة أفراد إلى نازحين قبل أن يتمكنوا قبل شهرين من ترميم أجزاء من المنزل للإقامة مؤقتا بداخله. ويقول عاشور، في منتصف الخمسينات من عمره ، إن الإقامة داخل غرفتين من بقايا المنزل المدمر أفضل له وعائلته من استقبال شهر رمضان داخل مدرسة للنازحين كانوا أقاموا فيها لثمانية أشهر. ويوضح عاشور أنه استغل صرف مخصصات بدل إيجار له من الأمم المتحدة من أجل ترميم أجزاء من المنزل للإقامة فيه على أمل أن يكون إعادة بناء المنزل قريبا ولا يبقي حلما بعيد المنازل كما هو الحال حاليا. واستهدف منزل عاشور جراء غارة إسرائيلية في 25 من شهر رمضان الماضي وبدا الأصعب عليه وعائلته استقبال شهر رمضان لهذا العام على مقربة من ركام الدمار. ولجأ هذا المسن إلى إضاءة "فانوس رمضان" على جزء من أنقاض المنزل بعد تسلمه كهدية من إحدى المؤسسات المحلية على أمل تخفيف الحزن لدى العائلة بعدم إعادة بناء منزلهم كاملا حتى الآن. ويشير عاشور إلى أن كل عائلة تتجمع عند تناول وجبتي السحور والفطور غير أن مشهد الركام يبقي مبعثا لخيبة الأمل لديهم في تعويضهم قريبا عن خسائرهم. ولوحظ قيام عدد آخر من أصحاب المنازل المدمرة في عدة أحياء مجاورة بتعليق فوانيس رمضانية على أنقاض منازلهم أو على أسلاك وأعمدة خرسانية تحديا لواقع الدمار المنتشر فيها. ويقول علاء عليوة ،في مطلع الأربعينيات من عمره، إن مجموعة "فوانيس رمضان" التي علقها المتضررون على أنقاض منازلهم تقليد رمضاني جديد يعبر عن احتفالهم بشهر رمضان فوق الدمار والخراب. ويضيف عليوة أن هذا هو شهر رمضان الأول الذي يقضيه المتضررون بعد تدمير منازلهم في الهجوم الإسرائيلي الأخير علما أنهم كانوا قضوا معظم أيام رمضان الفائت في مراكز الإيواء وهو ما يزيد حزنهم على واقعهم. وكان الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة بدأ في اليوم العاشر من شهر رمضان للعام الماضي وتسبب بتهجير عشرات آلاف العائلات إلى مدارس تابعة للأمم المتحدة. وعندما توقف الهجوم الإسرائيلي لم تجد ألاف من تلك العائلات سوى ركام منزلها المدمرة بين كليا وجزئيا بانتظارها لتعود أدراجها إلى مدرسة النازحين. وتعهدت الدول المانحة خلال مؤتمر دولي عقد في مصر في أكتوبر الماضي بجمع مبلغ 5.4 مليار دولار لصالح الفلسطينيين يخصص نصفه لإعادة إعمار قطاع غزة. غير أن منظمات فلسطينية ودولية تؤكد أن وتيرة إعادة إعمار قطاع غزة ضعيفة جدا واقتصرت حتى الآن على ترميم المنازل المتضررة جزئيا فيما لم يتم الشروع بإعادة تلك المدمرة كليا رغم الوعود المتكررة بذلك. وتعزو تلك المنظمات تعثر الإعمار إلى شح التمويل الدولي والخلافات الفلسطينية الداخلية عوضا عن قيود إسرائيل على حركة توريد مواد البناء اللازمة للإعمار. وكان الهجوم الإسرائيلي انتهى بإعلان مصر اتفاقا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد أن خلف مقتل أكثر من ألفين و200 فلسطيني وجرح 10 آلاف آخرين عدا عن هدم ألاف المنازل السكنية وإحداث دمار هائل في البني التحتية. ويقيم عشرات آلاف ممن دمرت منازلهم داخل كرفانات حديدية وزعت عليهم كملجأ مؤقت للإقامة فيها بجانب أنقاض منازلهم المدمرة خاصة في الأطراف الحدودية لقطاع غزة. وتترك الإقامة داخل الكرفان الذي لا تتجاوز مساحته 35 مترا مربعا، آثارها السلبية على عائلة أنور قديح مع حلول شهر رمضان خاصة أنه يتوسط فصل الصيف لهذا لعام. ويصف قديح الذي يعيل أسرة مكونة من 11 فردا أوضاعهم بالبائسة والصعبة، مشيرا إلى أنه يشفق على نفسه وأطفاله قضاء نهار رمضان في ظل ارتفاع درجات الحرارة تحت صفيح ساخن. ويقول "بعد أن فقدنا منزلنا تم تركنا هنا نواجه الطبيعة باللحم الحي ولذلك لا نشعر بأي فرحة بقدوم شهر رمضان سوى داخل منزلنا كما بقية البشر وليس في كرفان من حديد". وترك تعثر إعادة إعمار قطاع غزة واستمرار الحصار الإسرائيلي عليه تداعياته السلبية على حلول شهر رمضان بالنسبة لسكان القطاع الذين يتجاوز عددهم مليون و750 ألف نسمة. وطغت أجواء الركود على الحركة التجارية في الأسواق المحلية منذ بداية شهر رمضان رغم تنافس التجار على الإعلان عن حملات لتخفيض الأسعار أملا في جذب المتسوقين. ويقول المسؤول في الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع إن قطاع غزة يعاني أوضاعا اقتصادية صعبة لم يسبق لها مثيل بفعل آثار الهجوم الإسرائيلي الأخير من جهة واستمرار الحصار الإسرائيلي للعام التاسع من جهة أخرى. ويشير الطباع إلى أن "استمرار وتشديد الحصار ومنع دخول كافة احتياجات قطاع غزة من السلع والبضائع المختلفة وأهمها مواد البناء التي تعتبر المشغل الرئيسي للعجلة الاقتصادية يضاعف تدهور الأوضاع الاقتصادية". ويلفت إلى ارتفاع معدلات البطالة في صفوف سكان قطاع غزة إلى نحو 50% فيما ما يزيد عن مليون شخص في القطاع دون دخل يومي وهذا يشكل 60% من إجمالي السكان ما تسبب بارتفاع نسبة الفقر لتصل إلى 39%. وينبه الطباع إلى أن هذا الوضع انعكس على الأنشطة التجارية مع حلول شهر رمضان ومعاناة الأسواق المحلية من كساد وركود بسبب ضعف المبيعات والقدرة الشرائية لدى المتسوقين. غير أن الركود الحاصل في أسواق غزة لا يمنع بروز أنماط استهلاكية جديدة لدى سكان القطاع الساحلي بدأت تخرج عن عادات وتقاليد شهر رمضان فيما مضى، خاصة مع افتتاح عدد من المراكز التجارية الكبيرة بما تشمله من بضائع مستوردة وجديدة. وبدأت مستلزمات رمضان من أجبان وتمور وألبان إلى جانب الحلويات الجاهزة الشرقية والغربية وحتى المغربية والشامية تنافس البضائع التقليدية بطريقة عرضها وطعمها وإقبال المتسوقين عليها. ويعتبر الطباع أن بروز أنماط استهلاكية لدى سكان غزة في المناسبات المختلفة قد يبرز مؤشرات جيدة على الانتعاش الاقتصادي لكنها سرعان ما تتراجع بسبب اقتصارها على فئات محدودة من المجتمع. وإلى جانب الأعباء الاقتصادية تبقى الضغوط النفسية حاضرة لدى سكان غزة مع استمرار أزمات تعطل ملف المصالحة الداخلية، وانقطاع التيار الكهربائي والمياه بشكل يزيد من حدة الأجواء الباهتة رغم مناسبة شهر رمضان السعيدة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025