السوق نازل' من جديد- بدوية السامري
'تحت المنازل يا نازل... ونزلت على السوق نازل ولقيت لي تفاحة، حمرا حمرا لفاحة حلفت ما بذوقها ليجي خيّي وبيّي' بكلمات هذا المديح كان كبار السن ممن حضروا فعالية 'السوق نازل' مساء يوم أمس يرددون، لتعود هذه الكلمات بهم لأجمل الذكريات منذ عشرات السنين في حارات البلدة القديمة في نابلس عندما كانوا يرددونها صغاراً.
ويقول أحدهم 'كنا صبياناً وبنات نخرج من منازلنا بعد الإفطار، نحمل الفوانيس ونسير في مواكب إلى وسط البلد نردد هذا المديح وغيره'.
ويضيف: نحتاج إلى مثل هذه الفعاليات لأطفالنا، كان لرمضان نكهة مختلفة، كانت الأجواء الرمضانية مختلفة جدا، كنا نترقب قدوم رمضان بلهفة، فهو الشهر الوحيد الذي تعطى فيه الحرية والوعود السخية من قبل الأهل.
وكان ائتلاف 'لأجلك يا نابلس' الذي يضم مجموعة من المؤسسات والجمعيات في المحافظة دعا لفعالية 'السوق نازل' وسط المدينة، بحضور آلاف المواطنين وجميعهم من العائلات، وبحضور محافظ نابلس أكرم الرجوب، وعدد من الشخصيات.
وقال مهند الرابي 'تحوّلت نابلس إلى دمشق هذه الليلة، كانت نابلس مختلفة، وتبدو ملامح السرور والبهجة على كبار السن قبل الصغار'، موضحا أن الهدف من الفعالية هو حشد أكبر عدد ممكن من العائلات وجمعها مع بعضها، لإعادة ما كان يحصل في نابلس منذ عشرات السنين، وتقديم فعاليات لهم.
وتخللت الفعالية تقديم فقرة للحكواتي، ومسرحاً للأطفال، وفرقة شامية ووصلات غنائية، وقد ظهر التشابه واضحا بين نابلس التي عرفت دمشق الصغرى وبين دمشق سوريا.
وأضاف أنه تم اختيار منتصف شهر رمضان المبارك، لتنظيم الفعالية كما كانت تنظم من قبل داخل البلدة القديمة، وفي باب الساحة.
وأوضح أن 'السوق نازل' هي عادة نابلسية قديمة، يذهب من خلالها معظم أهل المدينة إلى الأسواق، ويستمر النزول إلى 'السوق نازل' طيلة ليالي الشهر، ينشدون الأغاني التراثية القديمة، وينظمون الاحتفالات والدبكات، ويحملون الفوانيس في جميع ليالي شهر رمضان، وكان بائعو الخروب، والسوس، والذرة، والفول يشكلون دائرة على ساحة جميعها من البلاط السلطاني، وحولهم المشترون.
وأشار إلى أنه بعد ثبوت رؤية هلال رمضان، كان يعلن عن حلول الشهر المبارك بإطلاق سبع طلقات مدفع تومض على سفحي جبلي عيبال وجرزيم بنور ساطع، قائلا: نخرج جميعا أطفالا وشبابا بالفوانيس والمشاعل، ومن لا يملك الفانوس كان يقوم بحفر بطيخة ووضع شمعة داخلها وإيقادها، ونسير معا إلى منطقة باب الساحة لنزف هذا الشهر مهللين بالتحية لقدومه.. حينها كان لا يمكن لقدم أن تتحرك من كثرة الحضور من البلدة والحارات المجاورة، وكأنه عرس بعينه.
وكانت فعالية مماثلة نظمت في نابلس قبل ثلاث سنوات، لكنها لم تكن بحجم فعالية أمس، من حيث الإقبال وعدد والحضور.
ويتمنى أهل المدينة أن تصبح مثل هذه الفعاليات تقليدا سنويا، واستذكارا وحافظا لتراث وعادات المدينة، تتوارثها الأجيال؛ لضمان عدم ضياعها.
ـــــــــــــــ