في غزة: جمعيات تقاسم مواطنين رواتب البطالة والكوبونات الرمضانية
نفوذ البكري- كثيرة هي الجمعيات في قطاع غزة، التي تعتمد سياسة تقاسم رواتب البطالة والكوبونات، في ظل غياب الرقابة اللازمة والخطة الوطنية الواضحة للتشغيل المؤقت أو كيفية توزيع للمساعدات الطارئة، وكل هذا يرتبط باستمرار سيطرة حماس على الجمعيات وإدخال عناصرها في مجالس الإدارة والشروط المفروضة على الكشوفات المرتبطة بالبطالة والمساعدات.
وقالت الخريجة نانسي، انها تعمل في الجمعية متطوعة وعضو مجلس إدارة منذ عدة سنوات، وقبل فترة قليلة حصل رئيس الجمعية على حصة لتشغيل عدد من الخريجات على بند البطالة، وتم إجراء المقابلات وتصديق الشهادات وإحضار شهادة خلو أمراض، وكان اسمها مع مجموعة أخرى من الخريجات للحصول على فرصة عمل على بند البطالة، لكن اشترط رئيس الجمعية على الخريجات التوقيع على تعهد لدفع مئة دولار من كل راتب شهري والبالغ 300 دولار، وتم الاتفاق مع كل خريجة على انفراد والتأكيد لها أن المجموعة وافقت على القرار.
ولم تستغرب رئيسة إحدى الجمعيات هذه الظاهرة، موضحة أن معظم الجمعيات تتبع هذا النهج مشيرة الى أن الخريجات لا يبذلن أي جهد مقابل الحصول على فرصة عمل مؤقتة، وإنما رؤساء الجمعيات يتحملون مسؤولية ذلك، ولهذا يحق اخذ الأتعاب من الخريجات لدفع فواتير الهاتف وأجرة المقر وغيرها من المستلزمات.
وقالت الناشطة النسوية ريما أن هذه الظاهرة من الظواهر العادية المتبعة في الجمعيات الأهلية أو النسوية مشيرة إلى أن إحدى زميلاتها أكدت لها خصم مبلغ معين من راتب البطالة لصالح الجمعية التي تعمل فيها.
ولم يرتبط الأمر بتقاسم رواتب البطالة، وإنما استغلال عمال البطالة لأغراض شخصية جدا لا سيما أن "الحياة الجديدة" شاهدت 3 نساء يعملن في بيارة برتقال بالقرب من معبر بيت حانون تحت أشعة الشمس الحارقة ودون أي وسائل للحماية، وتقوم النساء بتنظيف المكان من الأعشاب، وعند السؤال عن سبب التواجد أو أن البيارة خاصة بالعائلة، فكان الرد أن صاحب البيارة تمكن من الحصول على فرصة بطالة لمجموعة من النساء، واشترط العمل في البيارة الخاصة به وهذا ما انطبق أيضا على جمعية أخرى جنوب القطاع، حيث قام رئيس الجمعية بتحويل العمال إلى البيارة أحد أقاربه المزروعة بأشجار الزيتون.
وفي سياق متصل تقوم الجمعيات بإعداد كشوفات الكوبونات لأسماء معينة وتكون بعيدة عن الشبهات والتشابه في أسماء العائلات، ولكن يتم الاشتراط مع تلك الأسماء الاستلام والتسليم فور توزيع الكوبونات واخذ الحصة المتفق عليها بعيدا عن الكاميرات التي توثق عملية التوزيع.
ونشطت الجمعيات في توزيع الكوبونات وحملات إفطار الصائم خلال شهر رمضان وتبين أن معظم الحملات هي لفضح الصائم وليس إفطاره، حيث يتم التصوير بدقة ووضع ذلك على الصفحة الالكترونية للجمعيات.
كما لاحظت "الحياة الجديدة" أن الافطارات الرمضانية أدت إلى ارتفاع أسعار الدواجن حيث يلجأ اصحاب المزارع للبيع للمؤسسات والجمعيات التي لا تركز على السعر المحدد، ولديها الراحة لرفع قيمة الفاتورة كيفما شاءت لأنه يعطي فرصة للاختلاس والاستغلال على حساب الفقراء.
والملاحظ أن معظم الجمعيات التي تمارس تقاسم الرواتب والكوبونات هي في الأصل جمعيات تم إنشاؤها خلال فترة الانقسام، وحصلت على الترخيص من حماس وأخرى حاصلة على الترخيص من السلطة الوطنية، لكن الأخيرة يتم إجبارها على تغيير مجلس الإدارة وإدخال عناصر من حماس الذين يتابعون بدقة كل ما يرد، وكل ما يتم ارساله للجهات الداعمة، ويتم الانتظار إلى حين الاتفاق ووصول الشاحنات ودفع الرسوم وما تشابه وبعد ذلك يتم الاستيلاء أو التقاسم بصورة علنية أو بكاتم الصوت.
من جهته اعتبر الناشط النقابي سلامة زعيتر إن معظم المؤسسات لا تركز على البعد التنموي بل الجانب الاستهلاكي واستنزاف الأموال، كما أن برامج التشغيل المؤقت خلقت عدة أفكار استغلالية تحت مسميات مختلفة، والاستفادة من التقاسم وتحويل ثقافة العامل من إنسان منتج إلى اتكالي، وكذلك استنزاف الطاقات دون التفكير بأي فرصة لاستمرار العمل والتنمية.
وقال زعيتر لـ "الحياة الجديدة" انه من المفترض أن تكون برامج التشغيل المؤقت تعتمد على خطة وطنية ذات بعد تنموي لدعم قطاع التشغيل وتفعيل الرقابة واستهداف بعض القطاعات الإنمائية وخلق فرص العمل، لا سيما أن معظم المشاريع التي تتم في سياق التشغيل المؤقت أو المشاريع الصغيرة لا تتم حسب سياسة تنموية أو دراسة القطاعات بصورة منهجية لإمكانية التطوير، خاصة إن كانت المؤسسات غير مختصة ببرامج التشغيل التي تحصل عليها.