دير الحطب: عشرة رجال و"علالي" ومياه تقهر الجبل !
نابلس - ألف -عبد الباسط خلف:
يتفاخر الشاب ثائر إسماعيل بأن بلدته دير الحطب، الجار اللصيق لنابلس من جهتها الشرقية، تحتفظ ببناء تاريخي يفوق عمره القرن، فيما تشق مياه "عين الكبيرة" باطن الجبل، وتستوطن فيه على بعد نحو تسعين متراً، قبل أن يسرقها الاحتلال ومستعمرو "ألون موريه" منذ العام 1980، وتجف القناة التي كانت تنقل مياه النبع إلى القرية، بطول نحو 3 كيلو مترات.
فيما يكمل الشاب أسعد عبد الله: كانت بلدنا مقسمة بين عشرة رجال، هم أساس البلد وبدايتها، ولكل واحد منهم حصة أو اثنتين، وهم: حسين، وعودة، وزامل، وإسماعيل، وشحادة، وأبو حميد، وعمران، وإعمر، أما دار عبد الهادي، فكانوا وكلاء الأتراك، وحظوا لوحدهم بثلث أملاك القرية وأراضيها.
وتستلقي" العلالي" في وسط البلدة، بعد أن تحولت إلى مقر للمجلس القروي، فيما تحتفظ حجارتها ونمط معمارها وتسميتها إلى مكان يفوح بالتاريخ والأحداث، وصارت قاعتها السفلية الواسعة صالة أفراح.
ووفق سمير حسين التاجر الذي يجاور البناء التاريخي، فإن أجداده أخبروه بأن المكان بُني قرابة العام 1890، وكان دائرة حكومية للأتراك، قبل أن يمنح من جانبهم إلى دار عبد الهادي، وفيه "بايكة" و"إسطبل" و"علالي"، وتمتد مساحته على نحو 500 متر مربع، فيما ظل قرميده الأحمر شاهد عيان على قدمه، قبل أن يُعاد ترميمه حديثاً.
ويحتفظ الأهالي بذكرياتهم مع المكان، فبعضهم كان يلعب على مقربة منه لعبة " الغميضة"، وآخرون كانوا يشاهدونه حين تحول كمخزن للتبن، فيما فضّل البعض الاعتقاد ببعض الشائعات التي كانت تتردد، عن أن الأفاعي تنتشر فيه، أما منظره من الخارج، فأحيط بسور سميك، وتسكنه بعض التفاصيل، التي تشير كالنوافذ إلى التحصينات التي بذلت في تشييده.
ويتحسر خالد محمد على ضياع آثار "العلالي" و"البايكة"، وما كانت تكتنزه من بلاط أرضي، وشبابيك خشبية، مثلما يفتقدون عين الماء، الذي كانوا يدخلون إليها في الجبل، وتشبه بناء البتراء، في شقها الصخري الضيق، وحجارتها، وسحرها.
وتسكن في ذاكرة الأهالي، كرامات"الشيخ بلال" الذي سكن جبال دير الحطب، لدرجة أنه كان يحلق شعر الأطفال أول مرة في عمرهم، وظن البعض أن من لا يحظى بذلك الشرف يخسر كثيراً.
غير أن أمور دير الحطب، التي يسكنها نحو 2300 نسمة، لا تجري بأحسن حال، فينثر بعضهم ككايد عبد الغني حسين، الذي حرم وأخوته منذ 23 عاماً من دخول أرضهم الممتدة على نحو 90 دونم، تعود أيضاَ لأبناء عمومتهم؛ بدعوى أنها منطقة عسكرية مغلقة.
ويتذكر كايد، كيف سرق المستوطنون ثمار لوزه وزيتونه، وهددوه بإطلاق النار إذا ما عاد إليها مرة أخرى، رغم أن ما تسمى" محكمة العدل العليا الإسرائيلية" أقرت بملكيته للأرض. يقول: نفتش عن طريقة لنصل بها أرضنا، وأشتقنا لزيتونها وللوزها، وشم ترابها، فهي ميراثنا عن الأجداد، وتشهد "الكزاشين" التي نملكها، أنها سرقت منا، ولا بد أن تعود.
يقول الشاب صلاح محمود: نعرف أنهم سرقوا الأرض، وصادروا عين الماء، وأقاموا المستعمرة، لكننا لن نرحل، ولو لم يبق لنا إلا الحطب، الذي تقول روايات تاريخية إننا كنا نشتهر به.