تيبيس التشريعي لتسييس القضاء - موفق مطر
أليس مسيسا للقضاء وأحكامه ذلك الذي يفتح قاموس الصفات والنعوت على الصفحة التي تعجبه, ويقصف بمصطلحات (كيفية شخصانية) القضاء الفلسطيني النزيه, كرهاً برأس السلطات الثلاث في البلد, كما يهجم بها وبعدائية متأصلة على رأس السلطة التنفيذية.
لنبدأ اولا بنموذج ممن يتربحون من مسمى ( محلل سياسي ) حيث يقبض على احدهم بالجرم المشهود وهو يفقأ عين الحقيقة خدمة لمن يدفع "لطنطنته" ويظنهم مراكز قوى، حلل في مختبر (الجيب) الذي يحمله معه الى كل وسائل الاعلام, قرار محكمة العدل الأخير بخصوص محاكمة محمد دحلان فقال: "بالتأكيد هذا إضعاف للرئيس وبالتأكيد هذا خبر سيئ للرئيس، والسلطة لأنها تحاول أن تطوع القانون لأغراض سياسية". لكن المنطق يقول : إن قرار محكمة العدل يقوي مصداقية الرئيس, ويعزز صورة التزام السلطة التنفيذية بالقانون, وبرهان على مبدأ الفصل بين السلطات, وما هذا المسمى (تحليل) الا سقوط كفراشة الليل من فوق ألسنة لهب (مسيسي القضاء) والسؤال هنا : لماذا رأى المحلل ( الجهبذ) الخبر سيئا للرئيس, والسلطة ولم يره بيانا جديدا على نزاهة القضاء واستقلاليته في بلادنا, فهذا التحليل (المدفوع) بكل الأسباب كثيرة ماعدا الحقيقة والمنطق ومبادئ احترام عقل المواطن المتلقي, هو (تحليل مسيس) وتسييس للقضاء, وجب على السلطة القضائية عدم السكوت عنه, وعمن وصفهم بالمنتفضين والفدائيين, فالقضاة في بلدنا هم قضاة, وهذا اسمى اسم أو وصف يستحقه انسان, وكل من مداهن او منافق مكشوف, فشخصية الدكتور نافع المتلونة, الخالية من القيم والمبادئ والفلسفة في الحياة, في مسلسل (استاذ ورئيس قسم) عندنا منها الكثير, وبعضهم بمرتبة ( محلل سياسي ) لكنهم في الحقيقة (مُسَيِسون) بكسر الياء لما لا يقبل التسييس, و(مُسيَسون) بفتح الياء.. تجمعهم مع ( عائلة اللوامين المشككين ) صلة قرابة, فالدم في عروق هؤلاء ( اخضر) عافانا الله واياكم من سطوته على النفس, فهو لا يترك شأن الضعيفة منها حتى تترك مسار الحق وتنقاد للباطل.
انطلق لسان محمد دحلان ومن تبعه من (المُسَيَسِين) وليسوا سياسيين، بسجية المديح للقضاء اثر قرار محكمة العدل الأخير رد الدعوة لعدم اسقاط النيابة العامة الحصانة عن دحلان حسب القانون الأساسي، ووصفه ( بالانتفاضة ) بوجه الرئيس ابو مازن، رغم علمه ان ملف التهم لم يسقط عنه!!, أما التابعون, الذين مازالوا يرتعشون معه ضمنا, من استقلالية القضاء, وثقل ملف التهم الموثقة, فقد وصفوا هيئة المحكمة ( بالفدائيين )، فهل من (تسييس) افظع من هذا (التسييس) للقضاء، فالقاضي انسان عاقل ينتصر للقانون, بهدوء وعقلانية لا ينتفض بوجه أحد, أما وصفه بالفدائي، فهذا يجعله عنصرا مأمورا, يقتحم جبهات العدو لتدميرها من اجل هدف سياسي, فيما الحقيقة أن القاضي يحكم بالحق لرفع اسس وركائز العدالة بالمجتمع, ليس مأمورا من احد, ولا يخضع الا لنداء ضميره القانوني.
دحلان وصف قضاة محكمة الفساد بـ (الزمرة والدمى، واللاشرعية) بسبب نشر المحكمة بلاغا في وسائل الاعلام لاستدعائه كمتهم، وقال: " ان المحكمة لا تملك صلاحية محاكمة نائب منتخب يتمتع بالحصانة القانونية " !!! وسؤالنا الكبير: وهل يملك النائب المنتخب ( المتهم ) الهارب من العدالة صلاحية اهانة القضاء ؟! فقانون الشعب يجب ألا يسمح لنائب ( متهم ) بجرائم فساد كمحمد دحلان, باستغلال فراغ السلطة التشريعية, ليتحصن بقلعة نصوص القانون الأساسي, والا ما نفع المادة ( 43 ) من القانون الأساسي المعدل للعام 2005 التي اعطت للرئيس صلاحية اصدار القرارات بقوة القانون عند غياب المجلس التشريعي.. فقد نصت المادة على: " لرئيس السلطة الوطنية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، إصدار قرارات لها قوة القانون، ويجب عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات وإلا زال ما كان لها من قوة القانون، أما إذا عرضت على المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون".
وأسئلتنا التي لا تحتاج لاجابة : اليس رئيس السلطة التنفيذية المنتخب من الشعب مؤتمن ايضا على انفاذ القانون ؟!. هل توجد حالة ضرورة اخطر من التي نعيشها، حيث الاحتلال يناصر المؤامرة على المشروع الوطني, ودحلان احد اطرافها، وحيث لا مجلس تشريعي منذ انقلاب حماس قبل 8 سنوات, وحيث يستغل متهمون حصانتهم النيابية للتوغل حتى العظم في جسد المجتمع الفلسطيني فيقطعونه بسيف الجهوية والعشائرية السياسية.. من قريب وهم في احضان حماس، ومن بعيد وهم متحصنون ( بجنسيات اجنبية ) ايضا ؟!.
لا نرى بدا من الأخذ بقرارات الرئيس الصادرة بقوة القانون في ظل غياب التشريعي, ونقصد القرارات التي تحتاج لمصادقة التشريعي ـوالا فاننا سنبطل المادة 107 من القانون الأساسي حيث نصت: يعين النائب العام بقرار من رئيس السلطة الوطنية بناءً على تنسيب من المجلس الأعلى للقضاء وبمصادقة المجلس التشريعي الفلسطيني.
2- يتولى النائب العام الدعوى العمومية باسم الشعب العربي الفلسطيني ويحدد القانون اختصاصات النائب العام وواجباته.
يتبين لنا مما تقدم حق الرئيس باصدار القرارات بقوة القانون, ومنها قرار سحب الحصانة عن نائب متهم بجرائم خطيرة بحق افراد ومؤسسات بالوطن, ويتبين لنا ايضا حق النائب العام بتمثيل الشعب الفلسطيني كطرف مدعي على المتهمين بالفساد والجرائم بكل مراتبها في كل الأحوال, لأننا اذا انتظرنا مصادقة المجلس التشريعي فان بلادنا ستبقى بلا ناظم او ضابط قانوني، ولا نائب عام، اي بسلطة قضاء غير مكتملة الأركان!.وعليه فانا نرى وجوب سعي فقهاء القانون على ايجاد مخرج قانوني لهذه الاشكالية, لمنع الانتقائية في تفسير القانون نهائيا.. ولوضع نهاية لنوايا ومخططات نواب سلموا غزة لحماس, وآخرين ارتكبوا جريمة الانقلاب, فهؤلاء جميعا مستفيدون من دوام الانقسام والانفصال, وتيبيس التشريعي لتسييس القضاء.