صندوق (الكرامة 65) ..لا صناديق الحكواتية ؟! موفق مطر
نعتقد بضرورة تشكيل صندوق وطني تحت اشراف الرئاسة, تديره لجنة مختارة بعناية فائقة, تمثل مكونات رسمية ورأسمالية وطنية وشعبية واجتماعية لا خلاف على نزاهة وامانة أعضائها.
نتمنى تجسيد فكرة صندوق وطني, يستجيب لنداء الحالات الانسانية, والمناشدات الموجهة للسيد الرئيس ورئيس الحكومة قبل اضطرار المواطن (المناشد) لبثها او نشرها عبر وسائل الاعلام, ففي البلاد مواطنون يموتون ببطىء وبصمت, ولا يجدون متطوعا لخط مناشدة للجهات الرسمية, لانقاذهم واخذهم الى طريق الحياة الكريمة في اللحظة المناسبة.
نريد صندوقا وطنيا مفتوحا، مدعوما من ركائز أساسية هي: الرئاسة, الحكومة, رجال الأعمال, واصحاب رأس المال الوطنيين في الوطن والمهجر، الشركات الكبرى وحتى الصغرى, المواطنون المتبرعون من حصالاتهم أو ارصدتهم في البنوك.
يتبين لأي باحث سرعة استجابة مؤسسة الرئاسة لمناشدات ونداءات من مواطنين, لم يجدوا قلبا رحيما يلبيهم كقلب الرئيس، او انسانا يضيء شمعة امل في دروبهم في اشد لحظات محنتهم قتامة كالانسان ابو مازن, وهذا ما كان لولا شعور المواطن بمحبة القائد الرئيس له, ولادراكه ان نداءه مستجاب.
نعلم ان وزارة الشؤون الاجتماعية في اطار المؤسسة الرسمية (الحكومة)، تقدم ما بوسعها في اطار مهماتها وواجبها (الفرض) تجاه آلاف المواطنين المصنفين كحالات اجتماعية تستوجب المساعدة الدورية, لكن ذلك لا يمنع مساهمة الحكومة بنسبة معينة في هذا الصندوق المقترح, باعتباره معنيا بالحالات الانسانية والاجتماعية الطارئة والاستثنائية, التي قد تكون مكلفة جدا, ما يعني وجوب مساهمة كل شرائح المجتمع في تحمل انقاذ فرد منه ما دام الأمر ممكنا, وهذا سياق التبرع, أما مساهمة المجتمع (الواجبة) حسب القانون فان الضرائب عمودها الفقري.
اذا لمس المواطنون والراغبون بالتبرع نتائج اعمال قد يفتح تأسيس هذا الصندوق, فان فاعلي الخير- وما اكثرهم في بلادنا – سيساهمون بشكل أو بآخر في تحمل مسؤوليات اخلاقية, هي جزء من مناقب عقائدهم الروحية الدينية, أو فلسفتهم الدنيوية ونظريتهم للعلاقة الانسانية بين افراد المجتمع, ما يعزز الثقة بمفهوم العمل الوطني المشترك بين المؤسسات الرسمية والقواعد الشعبية على تنوع شرائحها, ناهيك عن المسؤولية الوطنية – حسب المفاهيم السياسية – باعتبارنا جميعا في مركب حركة التحرر الوطنية, المبحر نحو ميناء الحرية والاستقلال (الدولة) ما يستوجب تحكيم الضمير في الأداء, لضمان سلامة سفينة نوح الفلسطينية, بضمان سلامة صحة وقوة وترابط وتكامل عمل كل فرد فيها, حتى ينحسر طوفان الاحتلال على الأقل.
لقد نجحت تجربة الرئيس الرائدة بتشكيل صندوق الطالب الفلسطيني في لبنان، وبامكان الشعب الفلسطيني وقيادته انجاح مبادرات خلاقة ما دام الانسان (المواطن الفلسطيني) هدفها الأول والأخير، وآن الأوان لنعيد حساباتنا، والتفكير والاقرار بأن الافراط بالشعارات والخطابات والمهرجانات والولائم والمآدب, ومصاريف (ندوات الحكواتية), ستفرط عقد وحدة وتلاحم وتضامن المجتمع، لأن عيون هؤلاء على صناديق الانتخابات فقط, فيما المواطن المسكين المحتاج لكرسي متحرك، لن تحرك الخطابات النارية شعرة في بدنه, وكذلك الطفل او الشاب الواقف على حافة جورة الموت, فانه لايهتم لاندفاع الخطباء, ودعواتهم للصولات والجولات في المعارك الحربية, ما دام هذا الانسان، الذي ورث الفقر او المرض او الداء, او الاعاقة, او اصيب فجأة, وهو لا يملك من الدنيا الا كرامته لا يحتمل ريشة قد تدفعه على خفتها الى القبر وهو في عز الحياة, وعليه فان رسالة الصندوق هي البحث عن هؤلاء قبل (لجوئهم) الى خيمة وسائل الاعلام بمناشدة ما، فنحن قد مللنا (اللجوء) حتى كرهنا هذه الكلمة، ولا ننسى ان ثورتنا قد انطلقت قبل خمسين عاما, لاستعادة كرامة الانسان الفلسطيني, ولا بأس من تسمية الصندوق بـ ( الكرامة 65 ) نسبة الى عام انطلاقة الثورة الفلسطينية 1965..فهل سنراه حقيقة ؟.