ترحيل عائلة غسان أبو جمل عن مدينة القدس استمرار لسياسة العقاب الجماعي
في آخر قراراتها التي تنصاع فيها لتنفيذ سياسات الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة، ردّت المحكمة العليا الإسرائيلية أمنس، الأربعاء الموافق 22/7/2015، الالتماس الذي تقدم به مركز الدفاع عن الفرد "هموكيد"، للسماح لأطفال المواطن الفلسطيني غسان أبو جمل، بالبقاء في مدينة القدس بوصاية والدتهم السيدة نادية أبو جمل. وأمهلت المحكمة العائلة حتى مطلع شهر تشرين أول (أكتوبر) القادم، للرحيل إلى الضفة الغربية. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، يؤكد مجدداً أن حكومة الاحتلال توظِّف أعلى هيئة قضائية في إسرائيل لشرعنة قراراتها التي تتنافى مع أبسط قواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد عقدت جلسةً لها صباح يوم الأربعاء المذكور لبحث الالتماس الذي تقدّم به مركز الدفاع عن الفرد "هموكيد"، للمطالبة بالسماح لأطفال غسان، وهم: وليد، 6 سنوات؛ سلمى، 4 سنوات؛ ومحمد، 3 سنوات؛ بالبقاء في منزل عائلتهم، وبين أفرادها، وفي قريتهم في مدينة القدس التي عاشوا وترعرعوا فيها مع والدتهم. وخلال الجلسة، تم توضيح ضرورة وجود الأطفال مع والدتهم وعائلتهم في مدينة القدس، وأن ترحيلهم عن المدينة يعني فصلهم عن أقربائهم، وأصدقائهم، كذلك سيتم تجريدهم من مخصصات التأمين الصحي والوطني، وسيُحْرَمون من الالتحاق في مدارسهم، ناهيك عن الوضع والحالة النفسية التي يعيشون بها منذ مقتل والدهم.
وأفاد معاوية أبو جمل، وهو عمّ الأطفال، لباحثة المركز، أنه، وبعد سماع الادعاءات، رفض القاضي السماح للمواطنة نادية أبو جمل بالتواجد في مدينة القدس لأي سبب كان، وبالتالي، وحسب القانون فإن وصاية الأطفال بعد وفاة الوالد تنتقل للوالدة، وعليه فإن الأطفال يتم ترحيلهم مع والدتهم إلى الضفة الغربية. وذكر أن القضاة اقترحوا خلال الجلسة شفوياً أن تُنْقَل وصاية الأطفال لعائلتهم ليتمكنوا من بقائهم داخل القدس، واستغربت العائلة من ذلك، بقولها: "كيف يمكن لنا أن نحرم الأطفال من والدتهم بعد رحيل والدهم، وكيف يمكن أن نحرم الأم من أطفالها، وهي التي فقدت الزوج والبيت والإقامة داخل القدس مع عائلتها". وكان مركز "هموكيد" قد التمس من المحكمة العليا السماح لزوجة غسان بالتواجد في قرية جبل المكبر فقط، وإعطائها تصريح "إقامة في القرية"، إلا أن طلبه رفض كذلك.
يشار إلى أن سلطات الاحتلال حرمت الأطفال الثلاثة من العلاج في المراكز والمستشفيات الإسرائيلية، علما أن الابن الأكبر وليد مريض بالقلب، والأصغر محمد يعاني من أمراض بالأعصاب، وهما بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية خاصة، فضلاً عن حرمانهم من مستحقات التأمين الوطني. كما أن المحكمة المذكورة كانت قد صادقت نهاية شهر أيار (مايو) الماضي على قرار وزير الداخلية الإسرائيلي القاضي بترحيل والدتهم، نادية أبو جمل، من المدينة، وإلغاء معاملة "لم الشمل" الممنوحة لها من قبل سلطات الاحتلال.
المواطنة نادية أبو جمل من قرية السواحرة الشرقية، تحمل هوية الضفة الغربية، وفي عام 2002 تزوجت بالمواطن غسان أبو جمل، وقدمت "معاملة لم شمل"، وفي بداية الأمر تم رفضها حتى حصلت عام 2009 على موافقة "إقامة وتصريح"، حتى تتمكن من الإقامة داخل القدس والتنقل بين المدينة والضفة عبر الحواجز الرئيسية فقط، ويتم تجديد الإقامة كل عام. يشار إلى أن المواطن غسان أبو جمل كان قد نفذه برفقة المواطن عدي أبو جمل على كنيس يهودي بالقرب من منطقة دير ياسين، غربي مدينة القدس في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014. وبعد نحو أسبوع من الهجوم، قرر وزير الداخلية الإسرائيلي إلغاء إقامة زوجته في القدس.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وإذْ يدين قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بترحيل عائلة أبو جمل عن مدينة القدس المحتلة، فإنه:
1) يؤكد على أن القدس الشرقية هي مدينة محتلة، ولا تغير كافة الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال في أعقاب احتلال المدينة في عام 1967 من وضعها القانوني كأرض محتلة، وبالتالي فإنّ إبعاد عائلة أبو جمل عنها هو إبعاد قسري، ويندرج في إطار سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها تلك السلطات ضد المدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة.
2) إنّ قرار المحكمة العليا الإسرائيلية يتنافي مع أبسط قواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك ميثاق حقوق الطفل لعام 1989.
3) يطالب الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالوفاء بالتزامها بموجب المادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف بضمان احترام الاتفاقية في كافة الظروف. ويرى المركز بأن مؤامرة الصمت التي يمارسها المجتمع الدولي تشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما فيها إجراءات تهويد القدس الشرقية المحتلة.