اسرائيل تخوض معركة غير مسبوقة ضد واشنطن.. ولا تفكر بالعواقب
ترجمة خلدون البرغوثي - اعتبر الصحفي الاسرائيلي "حيمي شاليف" ان الخلافات والمواجهة الحالية بين اسرائيل والولايات المتحدة غير مسبوقة، ورغم ان خلافات وقعت بينهما سابقا لكن لم يقترب اي منها من المعركة الوشيكة، التي قد يساوي أثرها آثار حرب تقليدية.
يقول شاليف، وهو مراسل "هارتس" في الولايات المتحدة، في مقاله: "حسب معجم مصطلحات الجيش الإسرائيلي فإن الحرب تعني "وضعا تقوم خلاله أطراف متضادة باستخدام قواتها ومصادرها لفرض إراداتها، أو لمقاومة محاولة فرض هذه الإرادات". وفيما يتعلق بالصراع غير المسلح، ينص البند رقم 40 في قانون أساس الحكومة (الإسرائيلي) تحت فقرة "إعلان الحرب"، على: "لن تُقدم الدولة على خوض حرب إلا بقرار تتخذه الحكومة".
وربما يجب على المستشار القانوني للحكومة ان يفحص إن كان هذا البند ينطبق على المعركة السياسية التي تشنها إسرائيل كي تفرض إرادتها على إدارة اوباما في موضوع الاتفاق النووي مع إيران: فنتائج هذه المعركة قد تكون مؤثرة مثل نتائج حرب تقليدية. هذا انفجار كبير، على الأقل من الناحية النظرية، فبنظرة الى الوراء يمكن تعريف فترة حكم نتنياهو بأنها حرب السنوات الست بينه وبين أوباما.
فإسرائيل وضعت قواتها وخبراتها وكتائبها "الساحقة" في اللوبي الذي يتحرك باسمها في المعركة. ولإسرائيل حليف ذو قوة كبيرة في الحزب الجمهوري، لكنها ستواجه القوة العظمى للإدارة الاميركية وتحديدا الرئيس، وهؤلاء لا يعتبرون الفشل خيارا. السؤال هو: هل الاتفاق الموقع في فيينا سيئ كما تحاول إسرائيل الادعاء، أم أنه رائع كما تحاول الإدارة الاميركية تقديمه؟. هذا ليس مهما، فهذا هو الاتفاق ولا بديل له، وإسرائيل ليس بمقدورها إطلاق معركة لإفشاله فقط من أجل إثبات قوتها أو صدقها، فهي الآن مثل الذي يقامر على منزله بعد أن خسر كل ماله. كان على الحكومة أن تجري حوارا يخلص إلى أن الانتصار ممكن، وإنجازاته تساوي الثمن الذي ستتم جبايته. وما لم تفعل كذلك فستؤدي هذه المغامرة إلى خلق المبرر لتشكيل لجنة تحقيق مستقبلية (في فشل إسرائيل في التعامل مع نووي ايران).
المتحدثون الإميركيون بدءا من أوباما وكيري، وصولا إلى المتحدثين الصغار، يصفون إمكانية رفض الكونغرس لاتفاق مع ايران بالكارثة: "الولايات المتحدة ستعاني من العزلة، منظومة العقوبات (على إيران) ستنهار، إيران ستحتفل، والمنطقة كلها ستكون على شفير مواجهة عسكرية مدمرة. إسرائيل ومؤيدوها لم يقدموا حتى اللحظة سيناريو بديلا مقنعا يمكن أن يوصي به الكونغرس للرئيس ليتجنب الهزيمة التامة التي تريدها إسرائيل له، سيناريو يقوّي موقف الولايات المتحدة، وتوافق عليه روسيا والصين، وتستسلم له إيران. يعلق شاليف على هكذا سيناريو قائلا: "حتى في إسرائيل يدركون تماما أنه سيناريو خيالي".
أقوال أوباما وكيري كانت واضحة، ولن يتم توجيه إصبع الاتهام إلى الكونغرس فقط في حال رفض الاتفاق مع إيران، بل سيوجه إلى إسرائيل "وجماعات الضغط" كما وصفها أوباما. أما كيري فقال "إسرائيل ستكون المتهمة بإفشال الاتفاق وستزداد عزلتها"، وهذه حقيقة مزعجة.
قبل نحو عقد من الزمن تطلب جهودا جبارة في صفوف الجالية اليهودية في اميركا من أجل نفي نظرية ستيفن وولت وجون ميرشماير التي قالا فيها إن اللوبي المؤيد لإسرائيل هو الذي دفع أميركا لشن الحرب ضد العراق: حينها أبقى شارون ظهوره في هذه القضية منخفضا، الآن اللوبي يستعد لمعركة حياة وموت بشكل علني دعما لرئيس الوزراء الذي يتفاخر هو أيضا بقيادته المعسكر المضاد (لأوباما).
الآن إن انفتحت المعركة ضد إسرائيل واللوبي المؤيد لها لدوافع موضوعية أو معادية للسامية، فستجد الجالية اليهودية صعوبة في مواجهتها: ستكون منشغلة بصراع داخلي وربما، ستواجه انشقاقا بين غالبية الصف القيادي الذي يدعم نتنياهو، وغالبية اعضاء الجالية الموالين لأوباما. في الماضي وقعت مواجهات بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكن لم يقترب أي منها، إلى درجة خطورة المعركة الوشيكة، الأب المؤسس بنجامين فرانكلين قال: "عند اندلاع الحرب لا ندفع ثمنها، دفع الثمن يأتي في نهايتها". في معركة دوافعها مشبوهة، وأهدافها غير واضحة، ونتائجها مشكوك فيها حتى في حال النصر، الثمن سيكون باهضا، والحساب مؤلما وصادما.