ليث الخالدي.. في دوما كانت البداية
يامن نوباني
لن يكمل الشهيد ليث فضل الخالدي عامه السادس عشر، ولن ينتقل للصف الحادي عشر، لأن رصاصة جندي إسرائيلي قررت ذلك، عندما قرر هو وأقرانه، الخروج بمسيرة سليمة عند حاجز عطارة القريب من بلدة بيرزيت، استنكارا وتنديدا باستشهاد الطفل علي دوابشة حرقا.
استفاق الخالدي من مخيم الجلزون، وأبناء شعبنا كافة، صباح الأمس على نبأ حرق المستوطنين لمنزل الدوابشة ما أدى لحرق الطفل الرضيع علي واستشهاده على الفور، ليخرج كما المئات في كافة المناطق للتعبير عن مشاعر الغضب والاحتجاج بصدورهم العارية أمام الآلات العسكرية الإسرائيلية الحديثة.
والد الشهيد فضل الخالدي، دخل بجثمان نجله ليث إلى غرفته، وسرير نومه كما طلبت والدته سمر الخياط، قائلا: 'هذا الشهيد فدا فلسطين، ما حدا يبكي عليه'، لينفجر بالبكاء لحظة خروج الجثمان من باب البيت.
وفوق رأسه وقفت والدته الخياط التي تعمل ممرضة في مستشفى رام الله الحكومي صارخةً: 'سرقوا الفرح من بيتي، لماذا لم يصبروا عليه سنتين لأراه في الجامعة، كان الحنون عليّ'، لتسقط بعدها أرضا قبل أن ترفعها قريباتها، ثم تدخل شقيقته تالا (17 عاما)، وتحتضن جسده، دون أن تملك سوى بضع كلمات مكررة: 'أخوي بحبه، والله بحبه'، فينحصر الشهيد بين أمٍ وشقيقة تلتقي دموعهما على خديه.
ونقلت إحدى صديقات العائلة عن ممرضة تعمل في مستشفى رام الله قولها: 'كانت والدته سمر حين يأتي شهيد إلى المستشفى تبكيه في الخفاء، تذهب إلى زاوية لا يراها فيها أحد وتجهش بالبكاء على الشهيد الغريب'.
وتضيف إحدى العاملات في جامعة بيرزيت مع والده لـ'وفا'، أن ليث حضر، يوم الأربعاء الماضي، مهرجان ليالي بيرزيت وألتقط نحو 500 صورة حتى مع غرباء، وكأنه يريد أن يشارك الجميع صوره وضحكاته، ويودعهم، وكان معجبا جدا بصورته مع والده فضل.
أصدقاء ليث استظلوا بشجر اللوز الكثيف حول بيته قبل وصول جثمانه الطاهر: 'كان مشهودا لليث أدبه وحسن خلقه، كان هادئاً جدا، ولم نستطع إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه إلا عن بُعد'.
ظهر يوم السبت، الساعة تشير إلى 12:17 ظهرا، جثمان الشهيد يخرج من بيته، الأهل والأصدقاء والأقارب، والصحفيون، وحاملوا الرايات، وسيارات الاسعاف كلهم كانوا في الانتظار، بينما كانت شقيقته الصغيرة 'لور' ابنة الثمانية أعوام على مدخل البناية، تنظر لكل الجهات مرةً واحدة، نظرة تقول: 'لا أرى أحدا'، ونظرة أخرى تقول: 'أرى الجميع ولا أرى أخي ليث'.
غادر ليث منزله في جفنا للمرة الأخيرة، ووالدته تلاحق سيارة الاسعاف التي حملت جسده نحو مخيم الجلزون حيث كانوا يقيمون من قبل، مرددة: 'راح الهادي راح المحبوب'.
بينما اكتفت شقيقته تالا بالهمس والبكاء وهي تسبق والدتها نحو سيارة الإسعاف: 'رح ترجع يا ليث، ليش رُحت، بعرف إنك راجع'.