دوما... مهد لرضيع سيبقى شاهدا على المحرقة
بلال غيث
لعب للأطفال وقنينة حليب أطفال وبعض بقايا الطفل علي دوابشة وأخيه أحمد، هي المتبقية في منزل عائلة سعد دوابشة الذي أحرقه المستوطنون فجر الجمعة الماضي، بالإضافة إلى بقايا أثاث المنزل البسيط المحترق، هذه مكونات 'منزل المحرقة'، في قرية دوما جنوب نابلس.
عائلة دوابشة طلبت رسميا من الجهات المختصة التي حضرت إلى البلدة في أعقاب جريمة حرق العائلة في منزلها، أن يجري تحويل هذا المنزل إلى 'بيت للمحرقة' ليكون شاهدا على جرائم الاحتلال العنصرية المرتكبة بحق شعبنا والتي وصلت حد إحراق الأطفال أحياء في جريمة تكررت مرة أخرى في غضون عام تقريبا.
حسن دوابشة عم الشهيد الرضيع علي دوابشة، قال إن العائلة بالتعاون مع الجهات المختصة ستقوم ببناء منزل جديد للعائلة بعد شفائها رغم أن حروقها صعبة للغاية، وسيجري تحويل المنزل إلى متحف يزوره كل من يحضر إلى فلسطين، يطلع من خلاله على جرائم المستوطنين الإسرائيليين وعنصريتهم، وتطرفهم الذي وصل حد حرق الأطفال والتلذذ برؤيتهم يموتون حرقا وهم أحياء.
وأضاف حسن دوابشة، أنه فور وصوله إلى منزل أخيه بعد إخلاء المصابين استمع إلى روايات مخيفة عما جرى، أبرزها أن المستوطنين قاموا بإحراق المنزل وانتظروا بالقرب منه للتأكد من احتراق أصحابه، وقاموا بعد ذلك بالانسحاب من المكان بعد التأكد من أن جريمتهم تمت على أكمل وجه، وأن جيش الاحتلال حضر إلى المكان بعد وقت طويل ولم يحرك ساكنا حتى اليوم من أجل اعتقالهم.
وبين حسن دوابشة أن فرقا من المتطوعين من أبناء القرية تقوم بإرسال كل المعزين القادمين للقرية إلى البيت المحترق للاطلاع على جرائم المستوطنين وليكون هذا البيت شاهدا عليها، مشيرا إلى أن المجلس القروي والجهات المختصة ستسهل الطرق للوصول إلى هذا المنزل، وستدعو السفراء والقناصل وضيوف فلسطين لزيارته ليصبح شاهدا على المحرقة، كما يفعل الإسرائيليون حين يطلبون من ضيوفهم زيارة نصب المحرقة النازية.
وقال إن العائلة تؤيد جميعها إبقاء البيت شاهدا على إرهاب المستوطنين، وإبقاء آثار الجريمة وأدواتها التي وجدت هناك، بل والاحتفاظ بها لتمكين العالم من رؤيتها، لعل ذلك يسهم بالتخفيف من تلك الجرائم ويسهم في لفت النظر إليها لدفع الاحتلال لوضع حد لها، 'رغم أن القرار النهائي في هذا الأمر سيبقى لأخي سعد الذي يرقد في سرير الشفاء'.
وعن تفاصيل ما جرى، يروي حسن دوابشة تفاصيل الحادثة قائلا: 'في تمام الساعة الثانية من فجر يوم الجمعة، تمكن 4 مستوطنين على الأقل، يلبسون لثاماً أسود، من دخول قرية دوما بمحافظة نابلس، والسير بصورة متخفية بين عدد كبير من منازل القرية''.
ويضيف: 'بحسب شهود وسكان من القرية فإن المستوطنين الأربعة اقتربوا من أحد المنازل، وهو منزل شقيقي، الموجود ضمن عدة منازل على أطرف القرية، وقام أحدهم بكسر نافذة المنزل وإلقاء أكثر من 3 زجاجات حارقة داخله'، مبينا 'أن الغرفة التي ألقيت فيها الزجاجات الحارقة كانت غرفة الشهيد الرضيع علي، وباقي أفراد العائلة الأم والزوجة والطفل الآخر كانوا في غرفة بجانب غرفة النوم التي كان فيها الشهيد علي'.
من جانبه، قال مدير عام الحكم المحلي في محافظة نابلس وقريب الشهيد الرضيع زياد دوابشة إن ممثلين عن القيادة زاروا البيت وقرروا إبقائه شاهدا على المحرقة، وبناء بيت جديد للعائلة المنكوبة.
لكن البعض يطرح تساؤلات حول جدوى إبقاء البيت المحروق شاهداً على جرائم الاحتلال ما دام الفلسطينيون وحتى العرب، لا يملكون تلك الآلة الإعلامية القوية في العالم، في الوقت الذي نجح فيه جيش الاحتلال بالظهور كمتعاطف بدلا من مجرم، عندما عقد جنوده مؤتمرا صحافيا أمام بيت الدوابشة، وتحدثوا كأنهم جهة محايدة عن 'العمل الصعب' الذي قام به المستوطنون، حسب تعبيرهم.
من جانبه، قال مسؤول ملف مواجهة الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، إن الجهات المختصة ستعمل من أجل أن يبقى البيت شاهدا على ما جرى ولكن ذلك الأمر يعود للعائلة، 'رغم أننا نفضل أن يبقى المنزل شاهدا على النازيين الجدد الذين يسمون أنفسهم حركة تدفيع الثمن الإسرائيلية، وهم من قاموا باقتحام منزل العائلة وإحراقه وقتل الرضيع علي دوابشة في مهده'.
وبين دغلس أنها ليست العملية الأولى لإحراق منازل للفلسطينيين في الضفة الغربية، لكن عملية دوما كانت الأقسى إذ عادة ما كان يجري اكتشاف أمر أولئك المستوطنين والتصدي لهم.
وشدد دغلس على أن شعبنا بحاجة لإنشاء لجان حماية شعبية في مختلف القرى، خصوصا القرى المهددة من قبل المستوطنين من أجل التصدي لأي جريمة جديدة قد يرتكبها المستوطنون في القريب، داعيا العالم إلى الالتفات لمعاناة شعبنا جراء إجرام المستوطنين، والعمل على وضع حد لها عبر مختلف المؤسسات الحقوقية والدولية.