شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات    مجزرة جديدة: عشرات الشهداء والجرحى في قصف للاحتلال على مشروع بيت لاهيا    3 شهداء بينهم لاعب رياضي في قصف الاحتلال حي الشجاعية وشمال القطاع    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي الصبرة جنوب مدينة غزة    لازريني: مجاعة محتملة شمال غزة وإسرائيل تستخدم الجوع كسلاح    شهيدان جراء قصف الاحتلال موقعا في قرية الشهداء جنوب جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على بلدة قباطية جنوب جنين    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منازل ومرافق في النصيرات وخان يونس    إسرائيل تبلغ الأمم المتحدة رسميا بقطع العلاقات مع الأونروا  

إسرائيل تبلغ الأمم المتحدة رسميا بقطع العلاقات مع الأونروا

الآن

الشباب يرفضون رؤية الحياة بعيون الآباء

رجاء الشاعر

رغم تغير المفاهيم من زمن لآخر، الا ان حرص الأب على ابنه يفسر في كثير من الأحيان تسلطا من قبل الشباب، لكنهم يمارسون مع ابنائهم ذات السلوك عندما يكبرون بحجة "الحرص على مصالح الأبناء". يعتبر الشاب ان لكل جيل ظروفه ومتطلباته وطرق التأثير عليه، مع اقرارهم بعدم تغير الأصول والمبادئ التربوية، يطالبون بتعديل أسلوب وكيفية التعامل مع الأبناء من أجل الوصول إلى القناعات المطلوبة. إن أسوأ ما يمكن أن يتوارثه آباء اليوم من آباء الأمس التسلط الذي قد يمتزج بالقسوة في غالب الأحيان أو بالشدة الخارجة عن حيز الاعتدال، فما صلح بالأمس لن يصلح اليوم.  

سلطة وجبروت

سالي اليازجي (17 عاما) تقول "أهلي لا يهتمون برأيى ولا يكترثون بما أحب أو أكره، يجبرونني على أمور لا أرغب بها وخارجة عن ارادتي، أسوأ موقف اتذكره حين فرض عليّ والدي الدراسة في الفرع العلمي الذي يفوق قدراتي، وبالرغم من رفضي وبكائي المستمر لم أصل معهم لنتيجة مرضية متناسين ميولي واهتماماتي، وفوق هذا وذاك التحقت بمدرسة لا أريدها ولا أتوافق معها ما سبب لي احباطا وفشلا دراسيا ايضا. اما كامل حامد (22 عاما) فيقول: "أمي طيبة القلب لأقصى الحدود وهي أم مثالية من وجهة نظري بينما ابي غريب الأطوار ربما لاعتبار انه المسؤول داخل المنزل وله الكلمة الاولى والأخيرة، فهو سريع الغضب، تمتد يده بالضرب لأتفه الأسباب ولا يعي بذلك انني لست صغيرا سواء حين يتعامل معي او مع اخوتي، متناسيا مدى تأثير هذه الأساليب على امور حياتنا فهو يجعلها معقدة وان كانت بسيطة". وتقول منى النجار (18 عاما) عن والدها: "لا يحب الكلام مع أحد، يجلس وحده ولا يخالطنا أغلب الأوقات، ونحن ايضا نتحاشاه ولكن الأمر الأكثر ازعاجا حينما يُفتح باب النقاش حول قضية ما، لا يعطي مجالا للحوار وعند اختلافه مع أحد في الرأي ينزعج ويغضب ويبدأ صوته بالارتفاع ويرفض الرأي الآخر بشكل قاطع ويمنع على اي أحد ايضا تبني رأي أخر مخالف لرأيه خوفا من ذهاب سلطانه".  

حب مبالغ فيه

وتعاني آلاء أحمد (20 عاما) من حب والدتها وقلقها الشديد عليها فتقول: "أمي قلقة على مستقبلي خصوصا بعد وفاة والدي، فهي كباقي الأمهات همها الأساسي والوحيد ان تطمئن على ابنتها في بيت الزوجية بحيث ان أول عرض زواج من شاب غير متعلم لا يشكل مشكلة لديها بينما أنا طالبة بكالوريوس، حلمي الارتباط بشاب متعلم حاصل على شهادات علمية بحيث يتوفر الانسجام والتفاهم والتخطيط للمستقبل لكن قرارها وتسلطها حالا دون ذلك". ويرفض وليد البلعاوي (16 عاما) الحاح والديه المتكرر من أجل المذاكرة بالرغم من انه يبذل قصارى جهده، وهما علي علم ويقين بذلك لكنهما يصران على الالحاح ما يشعره بالضجر والضيق الشديدين ولا يتقبله في بعض الأحيان وهو يعلم بأنهما يفعلان ذلك بدافع الحب والقلق. "حرص والدي الزائد وقلقه على مستقبلي أمر مبالغ فيه ويزعجني" .. هكذا بدأت اسماء يونس (19 عاما) حديثها. وتواصل: "وصل به الأمر بان يختار التخصص الذي سألتحق به في الجامعة دون الأخذ برأيي ومشورتي واحترام قراراتي على أساس انه مناسب لي بشكل خاص وللفتيات بشكل عام من وجه نظره، متناسيا بذلك كافة رغباتي وطموحاتي ومخططاتي للمستقبل التي ارغب بالوصول اليها".  

اختلاف الاجيال  

تقول الهام العبسي (15 عاما): "تنحصر مشكلتي في فارق السن الكبير بيني وبين والدي الذي يصل لأكثر من عشرين عاما فانا أصغر اخوتي، وهذا الفارق جعلني من جيل مختلف تماما عن جيل والدي، فأجد اختلافا في اسلوب ونمط الحياة في بعض الأحيان يتحول الى خلاف يحول دون ان يكون هناك تواصل بيني وبينهم بالرغم من انني أحبهم جدا ولا اتحمل غيابهم ومع ذلك لا يتقبلون تطورات العصر كما انسجم وأتفاعل معها كغيري من ابناء جيلي فيوجد اختلاف في الرؤية والنظرة لبعض الأمور وان كان الأمر لا يستحق". وتضيف: "عندما اتزوج سأنجب اولادي سريعا ان شاء الله حتى لا يحدث هذا الفارق بيني وبينهم". اما عمر يحيى (19 عاما) فيرجع الخلاف بينه وبين والديه الى النظرة المثالية التي ينظران اليه بها قائلا: "الأهل يريدون منا ان نكون مثاليين من وجهة نظرهما، لكننا جيل مختلف عنهما في كثير من الأمور ولنا طريقة وحياة مختلفة، فالأب يريد من ابنه ان يلبس كما يحب هو، وطريقة تصفيف الشعر والدراسة". ويضيف: "نحن نتقبل ان يوجهنا الآباء بحدود معقولة، فطالما اننا في إطار المسموح فلا ضرر بذلك لكلا الطرفين وبناء على ذلك عليهم السماح لنا بقدر من الاختلاف".

  لسنا صغارا

تقول سمر سلامة (14 عاما ): "كثيرا ما أجد والدين يتركون المجال لأبنائهم في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية حتى يكون باستطاعتهم الاعتماد على أنفسهم والتمسك بزمام أمور حياتهم ومستقبلهم بكل مسؤولية وحرص، إلا والدتي طبعها غلب تطبعها فمهما كبرت في أعين الآخرين ما زلت صغيرة في نظرها، لا تترك لي المجال في اختيار ابسط اموري كالملابس التي تعجبني، ترى انها لا تناسبني وبالنهاية ألبس كما تختار هي، كذلك اختيار الصديقات وتضيق علي الخناق اذا قررت الخروج في رحلة مدرسية فأنا بالنهاية سأكون بحاجة ماسة للاعتماد على نفسي واتخاذ قراراتي فأنا لست صغيرة".

اما احمد ريان (16 عاما) فيوضح كيف تسببت معاملة والديه المتضاربة في عدم تقييم نفسه، فكثيرا ما يطلب منه التعقل والتصرف السليم، ويقول والده له "انت كبرت وعليك تحمل المسؤولية والاهتمام ببعض الأمور بنفسك"، لكن عند اتخاذ قرار في بعض الأمور الجادة لا يجد مجالا للاختيار او امكانية التصرف معتمدا على نفسه فقط دون الأهل فيقول احمد: "احترت مع هذا التناقض هل أنا كبير أم صغير؟".

 الحرية والاستقلال الذاتي

ويقول إسماعيل عيد الهلول الأخصائي النفسي: "نظراً لمرور المجتمعات الحديثة بالعديد من التغيرات السريعة، نجد أن الشباب أصبح يتطلع إلى الاستقلال والحرية في التعبير عن آرائهم، وعدم التقييد بآراء الوالدين ومخالفتها أحياناً، ما يدعو الوالدين للشك في سلوكيات أبنائهم، لعدم امتثالهم لأوامرهم"، مشيراً إلى أن الابن والابنة في حاجة إلى التوجيه والإرشاد في كافة مراحل النمو، لكن لكل مرحلة عمرية أساليب مناسبة تتناسب مع ما يمر به، بعيداً عما يحرجهم أو يجرح مشاعرهم وحتى لا يولد عندهم ردة فعل، ومتابعة الأبناء في مختلف مراحل حياتهم أمر ضروري، وهي لا تعني عدم الثقة وإنما تأتي معززة لها، ويبقى دور الوالدين كبيراً ومؤثراً في بناء شخصية الأبناء متى تجاوزا تلك السلبيات المحبطة، مع الأخذ بكل وسيلة وسبب يعمل على تعزيز إيجابياتهم والتغلب على سلبياتهم، لينشأ الأبناء مواطنين صالحين مؤهلين لخدمة دينهم ووطنهم، كما أنه لا ينبغي الحكم على الأبناء من خلال المظهر الخارجي من طريقة اللبس ومواكبتهم لآخر صيحات الموضة وقصات الشعر ونحوها، فهذا يحدث كنتيجة حتمية للاتصال الثقافي وتقارب الحضارات والعولمة، ولا يعني الحكم عليهم من مظاهرهم. ويضيف: "لدينا فرص ويجب على الآباء والأمهات الا يحكموا على الأبناء بالجرم من غلطة واحدة وأن نتذكر أننا نحن الآباء بشر نخطئ، ويجب علينا أن نتسامح مع أبنائنا ونعطيهم الفرصة لتصحيح أخطائهم في الحياة".

  تباين أنماط التنشئة

ويري د.رفيق محمود المصري مدير قسم علم الاجتماع بجامعة الأقصى ان هناك عدة أنماط للتنشئة الاجتماعية، منها الديمقراطية وهو النمط المرغوب والمفضل وتسعى اليه كل الشعوب والافراد، والآخر النقيض له وهو التسلطي، القمعي المعبر عن الاستبداد والاستحواذ والمصادرة والتهميش، ويقع بينهما نمط فوضوي أو الترصدي، وفي كثير من الأحيان يتم الخلط بين الديمقراطية والفوضوية، فما يحدث في الأسرة من اختلافات في الفكر والثقافة يخلق نوعا مما يسمى صراع الأجيال، فيبدو للأهل ان ما يمارسونه ليس تسلطا انما ضبط وربط وتنشئة اجتماعية باعتبارهم اكثر خبرة في الحياة لكنه يبدو للأبناء بأنه شكل من اشكال التسلط تحت مسمى الحفاظ على الضبط والربط، وباعتقادي انها عملية تربية وتوجيه وارشاد اكثر من كونها الزاما، لذا على أولياء الأمور توجيه وارشاد أبنائهم وتسليفهم خبراتهم ومعارفهم، لكن في المقابل يجب ان يمنحوهم الخيارات لاختلاف الأجيال، لكل مرحلة عمرية ثقافة وانماط ومتطلبات معينة وهذا ما لا يتم استيعابه من قبل الأهل أحيانا لا سيما في المجتمعات التي تتعرض للأزمات ومستوى عال من الفوضى وانعدام الأمن والأمان، وبالتالي يسيطر الخوف والريبة في نفوس الآباء فيضطر لاستحضار نمط الضبط والربط للحفاظ على ابنائه ما يدفع الأبناء لاتخاذ ردود فعل سلبية. ويضيف المصري: "يجب التمييز بين طاعة الوالدين وحوار الوالدين، فطاعتهما تكون من باب الاحسان وحكم الدين والثقافة، لكن الطاعة لا تلغي الشخصية لان الأب يجب ان يساهم في بناء شخصية ابنائه، وان طُبق ذلك تظهر شخصية متماسكة ومستقلة ومتوازنة وصاحبة قرار مسؤول".

 الاستماع للآخر

ويقول المصري: "انصح كل أولياء الأمور بنصائح اختصرها بنقطتين أولها ان يكونوا حلماء مع أبنائهم، بمعنى التقارب والاستماع والتفهم والاقناع، فلكل جيل استحقاقه وواجباته، بالإضافة لفتح باب للنقاش واعطائه مجالا ومنبرا للتحاور، وان يكون الاقناع هو سيد الموقف مع تدعيمه بالحجة، على ولي الأمر استيعاب ان لكل جيل موضة خاصة بعصره وأفكار جديدة ومتطلبات مختلفة، في المقابل على الأبناء ان يتفهموا ان الأب بحكم تخوفه وقلقه يتخذ أحيانا إجراءات غير مناسبة لكي يحمي أبناءه، عليهم تفهم حرص آبائهم والبحث عن طريقة مناسبة لخلق جو تفاهم مع ضرورة وجود صداقة بين الأب وابنه لإزالة الحواجز".  

استيعاب الأهل

يقول الكاتب والمدرب في مجال التنمية البشرية صابر أبو الكاس: "يجب على الشباب الذين يشكون من الآباء مع اتهامهم دائما بأنهم اصحاب فكر منغلق ان يقوموا باستيعاب والديهم، من وجهة نظري لك عادات وسلوكيات يراها هو انفلاتا، وتراها انت حرية، وأمور يراها الأب غير صحيحة وتراها أنت صوابا، عليك كصاحب رؤية جديدة ان تأخذ زمام المبادرة وتناقش والدك باحترام، قدر فضله ومكانته وتضحيته، لقد عاش حياته كجذر ثابت يمد الغذاء لشجرة الأسرة التي أنت ثماره، تفهم ان ما تراه من تحكمات في سلوك والديك تجاهك وان كان في بعض الأمور تأتي بدافع الحرص والقلق على مستقبلك متمنين الافضل لك دائما في مشوار حياتك".   

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024