تقليصات 'الأونروا' تمس حقوق اللاجئين
زكريا المدهون
أعرب اللاجئ سامي أبو غبن عن قلقه الكبير من الأنباء التي تتحدث عن نية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، تقليص خدماتها وتأجيل العام الدراسي الجديد.
أبو غبن (45 عاما) يقطن مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، يعتمد كليا على المساعدات التي يتلقاها من 'الأونروا' في مجالات التعليم والصحة والاغاثة الاجتماعية.
وتقول المنظمة الأممية: 'إنها تعاني من أزمة مالية خانقة قد تضطرها الى تقليص خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملها الخمس (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان)، فيما تتهم جهات رسمية وشعبية القرار بأنه 'سياسي' لا علاقة له بالأزمة المالية التي تبلغ حوالي 100 مليون دولار.
يقول أبو غبن العاطل عن العمل منذ سنوات: 'أولادي جميعا يدرسون في مدارس الوكالة ونتلقى العلاج والأدوية من عيادتها، اضافة الى حصولي على المساعدات الغذائية والتموينية من 'الأونروا'.
وازدادت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية سوءا في القطاع الساحلي بعد العدوان الاسرائيلي الأخير صيف العام الماضي، حيث تشير التقارير الى ارتفاع معدلات البطالة الى حوالي 50% ومعدلات الفقر الى أكثر من 60%.
وشدد أبو غبن على أن اللاجئين خاصة سكان المخيمات يعيشون ظروفا معيشية واقتصادية صعبة للغاية، وأنهم يعتمدون كليا على المساعدات والخدمات التي تقدمها 'الأونروا'، مطالبا الوكالة الدولية بالعدول عن قرارتها التي تمس ملايين اللاجئين الفلسطينيين.
وتشير الاحصائيات الى وجود (250 ألف) عاطل عن العمل في قطاع غزة.
ولاستشعاره خطورة الوضع، اطلع الرئيس محمود عباس، لجنة متابعة مبادرة السلام العربية (لجنة المتابعة) في اجتماعها على مستوى وزراء الخارجية، مساء الأربعاء الماضي، في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرةـ، على الازمة التي تعيشها 'الاونروا'.
وقال الرئيس، 'إن وكالة الغوث معرضة لإقفال المدارس، والخطر ليس في الضفة وغزة فقط إنما أيضا في الأردن وسوريا ولبنان، وهناك 700 ألف طالب سيكونون في الشارع، جاهزين لداعش، متمنيا المسارعة في مساعدة 'الأونروا' لمساعدة هؤلاء الشباب وألا يكونوا في الشارع وعرضة لابتزاز المنظمات الإرهابية'.
بدورها حذرت 'الأونروا' في تقرير رفعته حديثا للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من أنه 'ما لم يتم الحصول على تمويل بكامل قيمة العجز المالي الذي تعاني منه الوكالة والبالغ 101 مليون دولار بحلول منتصف الشهر الجاري، فإن الأزمة المالية قد تجبر الوكالة بتعليق الخدمات المتعلقة ببرنامجها التعليمي إلى أن يتم تأمين المبلغ بأسره'.
وأضافت وكالة الغوث في التقرير الذي نشرته على موقعها الالكتروني على شبكة 'الانترنت'، 'هذا يعني تأخير بدء السنة الدراسية لنصف مليون طالب وطالبة مسجلين في حوالي 700 مدرسة إلى جانب ثمانية مراكز مهنية منتشرة في الشرق الأوسط'.
وأشار التقرير الى 'أنه وحسب الوضع الراهن ومع تطبيق الإجراءات التقشفية والإدارية الصارمة، فإن الوكالة ستكون قادرة على الاستمرار بتقديم خدماتها في مجالات إنقاذ الحياة وحماية اللاجئين الأشد ضعفا والمحافظة على الصحة العامة والسلامة حتى نهاية العام'.
وتشمل هذه الخدمات برنامج 'الأونروا' الصحي وتقديم المساعدة للعائلات الفقيرة من خلال برنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية وأنشطة الصحة والطوارئ، والتي تتوفر الأموال الكافية لها لدى الوكالة.
وتشير التقارير الى أن حوالي 80% من سكان قطاع غزة المحاصر منذ تسع سنوات يعتمدون على المساعدات المقدمة من وكالة الغوث وجهات محلية وعربية ودولية.
من جهتها، حذرت شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية من خطورة الانباء التي تتردد بإمكانية تأجيل العام الدراسي في مدارس' الاونروا' في مناطق عملها المختلفة، بما يعني التضحية بمصير ومستقبل اطفالنا وتعميق واقع المعاناة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في مختلف مناطق تواجده، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني تداعيات العدوان والحصار والانقسام.
ورفض مدير الشبكة أمجد الشوا في تصريح لـ'وفا'، تأجيل العام الدراسي وتقليص الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين بصفة ذلك حقا أساسيا لا يمكن التنازل عنه أو التضحية به.
وشدد الشوا على ضرورة تحرك كافة الاطراف الفلسطينية والعربية والدولية من اجل تجاوز هذه الازمة من خلال حلول تضمن عدم تكرارها، وتحقق الحماية لحقوق اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق تواجدهم.
وأعرب عن استغرابه تجاه قرار 'الاونروا' الاخير بمنح المفوض العام الحق بإعطاء الموظفين اجازة استثنائية من دون راتب دون موافقة الموظف، محذرا من خطورة هذا القرار وتداعياته.
بدوره اعتبر رئيس المكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في قطاع غزة جمال أبو حبل، 'تقليصات' وكالة الغوث بأنها سياسية بالدرجة الأولى، وتهدف الى تصفية واذابة قضية اللاجئين واسكانهم في المخيمات.
وقال أبو حبل لـ'وفا': 'كما تهدف تلك التقليصات الى الضغط على اللاجئين للقبول بأي حل ولو على حساب قضيتهم المركزية والمتمثلة بحق العودة، مشيرا الى أن العجز المالي الذي تعاني منه الأونروا والبالغ 101 مليون دولار هو مبلغ تستطيع أي دولة تغطيته'.
وحذر أبو حبل من أن حل 'الأونروا' وانهاء عملها سوف يخلق أزمة لدى جموع اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملها الخمس الذين يعتمدون بشكل أساسي على الخدمات التي تقدمها لهم في مجالات الصحة والتعليم والاغاثة وغيرها.
وبالنسبة لإمكانية تأجيل العام الدراسي الجديد، شدد على أن هذا القرار سيلقي بطلابنا في الشوارع ومن ثم تجهيلهم، لافتا الى أن 'التقليصات' ستفاقم من معاناة اللاجئين لا سيما في قطاع غزة الذي يعاني سكانه من الحصار والاغلاق والبطالة.
وطالب أبو حبل، دول العالم بالتحرك العاجل ودعم 'الأونروا' لتواصل تقديم خدماتها الانسانية للاجئين الفلسطينيين حتى حل قضيتهم العادلة.