أزمة الكهرباء في غزة: إهدار للوقت وفقدان للإنتاج وضياع للجهد
نفوذ البكري - مع ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء وعدم تمكن السكان من البقاء داخل بيوتهم المظلمة وعدم وجود وسائل التهوية فان العديد منهم يهرعون لشاطئ البحر أو يضطرون للبقاء في حالة من اليقظة الدائمة لعدم قدرتهم على النوم إلا في حال عودة الكهرباء وفي جميع تلك الحالات فان هذا الوقت الذي يتم إهداره يؤثر على القدرة على العمل والإنتاج دون التركيز على ذلك من الجهات المختصة والتي تكتفي بتبادل الاتهامات وكيفية جلب الوقود واستبداله لأغراض حزبية وما غيرها من الإشكاليات الأخرى. في زيارة لباحث أجنبي على شاطئ البحر في ساعات متأخرة من الليل لاحظ وجود عشرات العائلات التي تفترش الشاطئ ولا يبدو أنها تستعد للعودة للبيت، فكان سؤال الباحث "هل هؤلاء عندما يعودون للبيت في ساعات الفجر أو الصباح فهل لديهم قدرة على الإنتاج سواء داخل البيت أو مكان العمل" فيما بدى على وجهه علامات الاستغراب. وفي السياق ذاته، احد المحاضرين بإحدى المؤتمرات جاء في وقت متأخر عن الموعد المحدد له واعتذر للحضور بالقول "أنا لم استطع النوم بسبب انقطاع الكهرباء وعندما عادت في تمام الساعة السادسة صباحا تم تشغيل المروحة وحاولت النوم لساعات بسيطة ولهذا تأخرت "مشيرا إلى أنه لم يستطع أيضا إعداد ورقة عمل عبر جهاز الحاسوب اكتفى بالكتابة بالقلم بقدر المستطاع. كما أن العديد من العائلات اضطرت إلى تغيير عادتها اليومية والتي ترتبط بعودة أو انقطاع الكهرباء وفي كلا الحالتين لا يتم النوم واخذ قسط من الراحة لأنه في حال الانقطاع وارتفاع الحرارة فانه لا يمكن النوم بدون مروحة أو مكيف ، وفي حال عودة الكهرباء فإن الجميع يهرع إلى تشغيل الأجهزة وشحن البطاريات خاصة إن كانت هذه الشريحة هي من النساء أو أصحاب المصانع لأنه يقع على النساء القيام بالأعمال المنزلية سواء الغسيل أو إعداد الخبز وكي الملابس وغير ذلك مثلما أصحاب المصانع الذين يضطرون للبقاء خارج منازلهم في حال عودة الكهرباء لتجهيز بعض الطلبيات التي تستدعي توفر الكهرباء سواء تلك التي ترتبط بإعداد الأثاث أو حتى طباعة كرتات الأفراح أو طحن البهارات وإعداد الخبز والمعجنات وغيرها من المستلزمات الضرورية واليومية. فالمواطنة أم هاني قالت أن كل شئ تغير و تبدل بسبب عدم الانتظام بجدول التيار الكهربائي مشيرة "للحياة الجديدة" إلى أنها تنتظر عودة الكهرباء لتقوم بكل شئ وفجأة وبعد عودة الكهرباء بدقائق يتم القطع تحت ذريعة الأحمال للتوقف عجلة العمل من جديد وقد يتلف العجين وبعض الأشياء بسبب ارتفاع الحرارة وطول الانتظار. والموظف عدنان قال أن العديد من الإعمال تتوقف في الشركة في حال انقطاع الكهرباء حتى ولو كان ذلك يرتبط بعدم القدرة على استقبال أو إرسال الايميل أو ورقة عبر الفاكس ليتم من خلالها استكمال مهام العمل مشيرا إلى إنه قد يستطع تشغيل المولد الكهربائي ولكن الجهة التي تريد الاستقبال أو الإرسال منها ليس لديها تيار كهربائي وبالتالي عليه الانتظار لمزيد من الوقت أو تأجيل العمل إلى حين توفر الكهرباء ولهذا يتم توجيه عبارات التقصير والتأخير في بعض المعاملات دون الأخذ بالاعتبار أن المشكلة الأساسية ترتبط بأزمة الكهرباء. من جانبه قال الخبير الاقتصادي عمر شعبان "للحياة الجديدة" أنه بالفعل فإن أزمة الكهرباء أدت إلى إحداث الإرباك في كافة نواحي الحياة وللشخص نفسه وعدم القدرة الإنتاجية لان الشخص فقد السيطرة على تخصيص الوقت المحدد للقيام بالمهام المطلوبة وقد لا ينام أو يستيقظ بصورة متأخرة ولا يتناسب هذا مع مواعيد العمل ولا يمكن استثمار الوقت بالشكل المطلوب. وأوضح أن عملية الإرباك الناجمة عن أزمة الكهرباء لا ترتبط بالمصانع والمؤسسات رغم حالة التأخر والتأخير في المهام والمهمات وإنما يرتبط هذا بإرباك العائلة أثناء الزيارات العائلية وكذلك عقد الأنشطة والمناسبات الاجتماعية والتي يجب القيام بها حسب جدول الكهرباء وهذا ينعكس على بقية النواحي الأخرى سيما وأن الكهرباء ترتبط بكل شئ سواء المصانع و المؤسسات وحتى مزارع الدواجن وغيرها من المتطلبات الأساسية الضرورية واليومية. وإن كانت أزمة الكهرباء باتت من الأزمات الثابتة مع بقية الأزمات الأخرى فإنه يتطلب من الباحثين والمختصين إعداد الدراسات المختصة التي تشير إلى مدى تأثير أزمة الكهرباء على إهدار الوقت وعدم الإنتاج والبحث عن الحلول والآليات المطلوبة للحد من أزمة الكهرباء وكيفية استثمار الوقت الضائع للقيام بالمهام التي تربط بالصالح العام والخاص.