الاونروا وأزمتها بعيون إسرائيلية
خلدون البرغوثي- مع تفاقم الأزمة الناشئة بسبب عدم توفر تمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين "الأونروا" يكفي لإطلاق السنة الدراسية الجديدة، تتم متابعة هذه القضية من كافة المستويات الرسمية والفصائلية. لكن متابعا آخر ينظر بعين الرضى لهذه الأزمة، إسرائيل. "الأونروا" وكالة أممية تم تأسيسها بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1948 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين. وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من شهر أيار عام 1950. وترى إسرائيل في الوكالة عقبة أمام القضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإلغاء حق العودة.
وسبق ان طالبت تل أبيب وعملت على تغيير التفويض الذي تعمل به "أونروا"، ليصبح الهدف منها تثبيت اللاجئين في البلاد التي يقيمون فيها، عن طريق التوطين، وبذلك يلغى أي حق لهم بالعودة الى فلسطين. وكانت "أونروا" رفعت تقريرا للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبل أيام، حذرت فيه من أنه "ما لم يتم الحصول على تمويل بكامل قيمة العجز المالي الذي تعاني منه الوكالة والبالغ 101 مليون دولار بحلول منتصف الشهر الجاري، فإن الأزمة المالية قد تجبر الوكالة بتعليق الخدمات المتعلقة ببرنامجها التعليمي إلى أن يتم تأمين المبلغ بأسره".
إن هذا يعني تأخير بدء السنة الدراسية لنصف مليون طالب وطالبة مسجلين في حوالي 700 مدرسة إلى جانب ثمانية مراكز مهنية منتشرة في الشرق الأوسط. "يديعوت أحرونوت" كتبت على موقعها الالكتروني: "الفلسطينيون: انهيار "الاونروا" سيقبر حق العودة" وتنقل يديعوت عن مصادر فلسطينية مخاوفها من توطين اللاجئين الفلسطينيين بسبب الأزمة المالية في "الاونروا"، مؤكدة رفض فكرة التوطين بشكل مطلق، فاللاجئون الفلسطينيون لا يتطلعون للتوطين في الدول التي يقيمون فيها، كي لا يخسروا حق العودة. أما "معاريف" فتشير في خبر آخر الى أصل الازمة، وهو عدم توفر 101 مليون دولار تغطي الفترة الدراسية بين شهري أيلول وكانون الأول المقبلين.
وتشير يديعوت الى تصريحات ساندرا ميتشل نائبة رئيس "الاونروا"، التي قالت فيها إن نصف مليون تلميذ فلسطيني سيحرمون من الدراسة في الخريف المقبل ان لم يتوفر التمويل خلال هذا الشهر. وتشير "معاريف" أيضا الى تصريحات نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم الاردني محمد الذنيبات والتي قال فيها إن المملكة لن تكون قادرة على استيعاب الطلبة الذين سيجدون أنفسهم خارج مدارس "الاونروا"، في ظل دخول نحو 130 الف تلميذ من اللاجئين السوريين الى المدارس الأردنية.
مخازن الأونروا لم تسلم من الغارات الإسرائيلية. وفي موقع "القناة السابعة" كتب "عادي اربيل" مقالات بعنوان "يجب إغلاق الأونروا". وقال اربيل في مقاله إن "الاونروا" في كل سنوات عملها لم تصلح شأن لاجئ واحد، بل عملت على الحفاظ على حق العودة. ويشير اربيل إلى أن اقامة هذه الوكالة وتخصيصها لرعاية قضية اللاجئين الفلسطينيين تحديدا، كان خطيئة، خاصة أنها اقيمت بفارق خمسة أيام عن إقامة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي تعنى بشؤون اللاجئين في باقي انحاء العالم. والخطيئة الثانية حسب اربيل هي عدم وضع تفويض واضح للأونروا عند اقامتها، فلم يتم وضع تعريف محدد لمصطلح لاجئ، ما سمح للأونروا بمنح صفة لاجئ ليس فقط للجيل الأول بل لكل الأجيال اللاحقة من ابناء واحفاد اللاجئين.
ويشير إلى أنه "لو لم يتم إقامة "الاونروا" لكان عدد اللاجئين حاليا صغيرا جدا، فالغاية من اقامتها الوكالة لم تكن متابعة قضية اللاجئين بل العمل على تضخيم مشكلتهم، فـ"الاونروا" هي جهاز سياسي جل هدفه هو لمنع المس بحق عودة اللاجئين بصفته سلاحا للقضاء على الدولة اليهودية". ويختم قائلا: قصة "الاونروا" كلها خطأ منذ البداية وحتى النهاية، ويتم استخدامها كأداة سياسية ضد إسرائيل، وعلى إسرائيل التعامل معها في السياق ذاته، على إسرائيل العمل على انهاء هذه الوكالة فورا.
ومن اوائل الذين حرضوا على إثارة موضوع حل "الأونروا"، عضو الكنيست السابقة عينات وولف، التي اعتبرت أنه "لا مبرر لاعتبار الأجيال الثالثة والرابعة والخامسة من أحفاد اللاجئين ممن ولد في غزة وغيرها لاجئين". رسميا أيضا سعت إسرائيل الى تغيير تفويض "الاونروا" بادعاء أنها لم تقدم أي حل لقضية اللاجئين، وهذا الحل بالنسبة لإسرائيل هو العمل على توطنيهم حيث استقر بهم اللجوء، أي القضاء على أي أمل لهم بحق العودة. وكان نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق "داني أيلون" دعا لتغيير التفويض الممنوح للأونروا مشدداً على أنها لم تقدم اي حل لقضية اللاجئين.
كما قاد ممثل اسرائيل في الامم المتحدة " رون بريسور" حملة ضد "الاونروا" قال فيها إن الإصرار على حق عودة الفلسطينيين، هو تعبير مخفف لتدمير إسرائيل معتبراً أن نقل صفة لاجئ لأبناء اللاجئين هو أمر مضلل.