'سراب الياسمين'.. تأشيرة لجوء عاطفي
ضحى سعيد
غَيّر الحظ السيء هدف خالد في زيارته الثالثة لمدينة بيارتيز في فرنسا، في البداية كان ذاهبا لشراء بيانو، قيل ان فريدريك شوبان كان يعزف علية في آخر عمره إلا أن بطاقة قدمت من المطار له كاعتذار عن حادثه تحطم البيانو كانت بمثابة تأشيرة للجوء عاطفي.. لجوء الى 'رنين'.
'سراب الياسمين' رواية لمحمد عريقات، فتى جامعي مقدسي ساقه خياله لرواية حب بامتياز لا تخلو من وجع الوطن.. فحبيبة الصبا عاشقة الأرض.. وهناك في الغربة الفرنسية حبيبته التي سخرت الجغرافيا وقطرات المطر لهما، هناك تذهب لها سيرا على الاقدام في اي وقت تشتاق ويسقط المطر.. يرقصان معه، وهنا تُلعن الجغرافيا بإذن من المحتل، وفي بلادنا نختبئ من المطر.
يعيش خالد بطل الرواية أجمل 7 شهور في حياته بعد ان قرر استعمال بطاقه لجوئه العاطفي وذهابه للمعهد لتعلم البيانو، لتلعب الصدفة دورها ويلتقي بتلك النادلة الجميلة التي صادفها بالأمس في مطعم 'سراب الياسمين' الذي لطالما سمع قصته وقصة ياسمينه الذي عرف أنه ذبل فيما بعد.. وقصه القهوة الحرام التي كان يقدمها بالمناسبة هي قهوة عادية لكن إذا شربها العاشقان سيشعران انها مختلفة.
يجد نفسه واقعا بحبها، بجمالها، هي رنين، إلا أن مرض جدته يجبره للعودة للوطن والتعرض لغطرسة ذلك الجندي على المعبر وتأخيره لتموت جدته دون ان تمسح بيداها على رأسه كما اعتاد، يعود خالد مجددا ويخبر رنين بما حدث معه في رحله العودة وهي لا تصدق!
'سراب الياسمين' رواية امتزج الحب فيها بالسياسة.. يجد خالد نفسه يفسر لرنين التي لا تعرف الكثير، تعرف ان اسرائيل تعاملنا باحترام تعرف ذلك من الإعلام الغربي وما تراه وتسمعه على شاشاته.. هي فلسطينية تحمل الجنسية الأمريكية، يذكرها خالد في كل مرة ما يقوم به الاحتلال في أرضنا وكيف يقتل أطفالنا ويحاصرنا وكم هو الذل والقهر الذي نذوقه! .. هو لا يستطيع تجنب ذلك الحديث حتى تعرف رنين.
خالد كان قد بدأ كتابة رواية عن صاحب المطعم وقصة عودته للحب بعد 5 سنوات مرت على رحيل خطيبته وكيف التقى تلك الجميلة التي أسرته وشربا معا القهوة الحرام لكنه لم يضع نهاية بعد..
يلتقي خالد ياسر، هو في الوطن كان قد مات وأقيم عزاؤه، كان مصابا بألم في الرأس شُخّص أنه سرطان، وذهب بعدها الى فرنسا للعلاج ليكتشف ان السرطان في الوطن شقيقة في فرنسا في اشارة لكم الألم والمعاناة في وطننا.
تستمر الاحداث ويستمر الجنون بالحب ليستفيق حب قديم.. هديل الحبيبة الأولى في الوطن والمنشغلة به تقرر العودة لخالد .
خالد عاشق الآن ...
تخبره أن أخاها قد استشهد .
يقرر خالد ورنين العودة للوطن، يشعر هو بحماقة الجغرافيا، هي الآن عند والدتها بيافا.. هو في أبو ديس ينتظر تصريح دخول للقاء عائلتها.
محظوظ خالد يعرف يافتين .. يافا الوطن ويافا رنين.
تلعب هديل وهي على فراش الموت بعد ان أصيبت دورا اساسيا بالنسبة لخالد بعد ان ظنت رنين انه عاد لها وتقرر العودة الى فرنسا لترسل هديل رغم حبها الكبير رسالة لرنين ليعرف خالد تتمة حكايته التي لم يضع نهايتها بعد.. يعرف تتمة الياسمين.
يقول عريقات لـ'وفا' إنه استعان بالحب في روايته لإظهار وجع وبؤس الوطن في كل يوم ،فكانت سراب الياسمين رواية خيالية مرتبطة بالواقع بشكل كبير يعيش بطلها كل تجليات الحب دون ان يعزل نفسه عن وطنه الذي لا تصل حقيقية ما يحدث به للعالم .
ويبين عريقات كيف حاول في الرواية تسليط الضوء على دور الاعلام الغربي في تشويه الحقائق على الأرض ونقل ما يظهر الاحتلال بانه يعامل الفلسطينيين باحترام ولا ينتهك حقهم في الارض والعيش بسلام فيها، وهذا ظهر من خلال استخدامه لعبارات ترمز لمعاناة الوطن، كالبيت الذي اشتراه جد خالد بعد النكبة في اشارة الى التهجير والتشرد واللجوء الذي تعرضنا له، اضافة الى استخدام رموزنا المرتبطة بعاداتنا وتقاليدا كالزيت والزعتر وخبز الطابون الذي لا يخلو بيت فلسطيني منه وتراب الوطن وبرتقال يافا.
ويعتقد عريقات انه لا مانع من استخدام الخيال لإيصال الواقع الذي لم يصل طالما ان الاحتلال مستمر، وهذا مسؤولية الكاتب والروائي والمثقف وكل فلسطيني راغب بالحرية، فالخيال لا يلغي اسماء شوارعنا وحاراتنا ولا يلغي معاناة شعب كامل.
يشار الى ان الرواية تأتي في 232 صفحة وصدرت عن دار الفارابي للنشر بيروت - لبنان حيث تولت جامعة القدس ابو ديس تكاليف نشر الرواية.