غزة: تعبئة الزهور فرصة لنساء ليساعدن أسرهن
في خيمة كبيرة وواسعة في إحدى مزارع الزهور في رفح، جنوب قطاع غزة، تجلس حوالي 15 امرأة حول طاولة كبيرة مكدس عليها زهورا تتنوع ألوانها بين الزهري، والأحمر، والأصفر.
وفي هدوء وتركيز، تقوم هؤلاء النسوة بحزم الزهور في 'بوكيهات' مزينة ملفوفة بورق شفاف لامع.
هؤلاء النسوة تم تشغيلهن في هذه المزرعة عن طريق برنامج 'الأونروا' لخلق فرص العمل، ويعملن فيها يوميا من الساعة 6:30 صباحا وحتى 12:30 بعد الظهر، وفق ما أورد تقرير لـ'الأنروا- الإصدار رقم 104'.
وتبدأ هذه النسوة، عملهن بقطف الزهور من أحواض الزهور الكبيرة خلال ساعات الصباح الباكر، وعندما تشتد الحرارة تحت حر الشمس، ينسحبن إلى داخل الخيام حيث الحرارة الأقل ليقمن هناك بتعبئة الزهور وتحضيرها للبيع بالسوق المحلية في غزة.
وتعلق غادة نعنع، ذات الأربعة والثلاثين عاما والأم لثمانية أطفال، على فرصة العمل المؤقتة الجديدة التي حصلت عليها بالقول: 'إن الفرصة التي أتيحت لي للعمل هنا بعثت في الحياة. أنا سعيدة لأنني استطعت العمل في هذه المزرعة مع نساء أخريات'. 'لقد تركني زوجي منذ ثلاث سنوات ليتزوج بأخرى، وأنا وحدى من يقوم بإعالة أطفالي؛ إننا نعيش على المعونة الغذائية التي نتسلمها من الأونروا'.
وعن ذلك تقول سحر المغير: 'هذه المرة الأولى التي يمكنني فيها أن أقول عن نفسي إنني أخرج من البيت لأذهب للعمل. أنا مسرورة جدا لأنني ألتقي مع أناس آخرين، لقد أصبح لدى العديد من الأصدقاء. ومن الجميل أيضا أن أعمل وأنا محاطة بالزهور'، و'لقد مكنني هذا العمل من القيام ببعض أعمال الصيانة في منزلي، وأستطيع الآن شراء الملابس الجديدة لأطفالي لأجل العيد'.
ويهدف الدعم الذي يقدمه برنامج 'الأونروا' لخلق فرص العمل للقطاع الزراعي إلى التحسين من نوعية وكمية الإنتاج عن طريق زيادة عدد الأيدي العاملة، وذلك للمساعدة في عمليات الزراعة، والعناية بالمحاصيل وجمعها بالتقليل من التكلفة، وهو ما من المتوقع منه أن يترجم إلى تقليل للتكلفة السوقية للمستهلك الذي يؤدي في النهاية إلى حالة من الأمن الغذائي على المستوى المحلي.
وفي الوقت نفسه، يساهم الدعم المقدم من قبل برنامج خلق فرص العمل في إيجاد حلل مشكلة العمالة النسائية غير المدربة.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فقد بلغت نسبة البطالة بين النساء في غزة نسبة 55.2 % للربع الأول من العام 2015.
وتأثر القطاع الزراعي في غزة بشدة بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ العام 2007، ورغم الإمكانات الكبيرة المتوفرة لممارسة النشاط التجاري، فلا زالت الصادرات في الوقت الحالي في أدنى مستوى لها بسبب القيود الشديدة التي يفرضها الحصار على حركة البضائع يقول تقرير 'الأونروا'.
وهنا يقول رضا حجازي، مالك المزرعة التي تعمل فيها غادة وسحر: 'إنها المرة الأولى التي تقدم الأونروا فيها المساعدة لمشروعي من خلال توفير عمال عن طريق برنامج خلق فرص العمل، ويوفر علي هذا الأمر فعلا الكثير من المال. قبل الحصار قمنا بتصدير كميات كبيرة من الزهور إلى أوروبا، ولكن منذ 2007 تدهور المشروع ولم يعد هناك تصدير'. قبل فرض الحصار، كان رضا يقوم بتوظيف 20 عاملا، ولكن بعد فرض الحصار لم يعد رضا يتمكن من استئجار أكثر من ثلاثة عمال فقط'.
ويتفق إبراهيم صيام، المالك لإحدى المزارع المجاورة، مع ما قاله رضا ويقول: 'على مدى السنوات الماضية، كان علي أن أقلل بشكل كبير جدا من عدد من يعملون عندي. إن برنامج خلق فرص العمل يساعدني على تنمية عملي، فالمال الذي يوفره علي هذا الأمر أقوم باستثماره في زراعة المزيد من النباتات حتي يكبر بذلك عملي على ما أرجوه'.
ومنذ العام 2006، قامت الوكالة بإيجاد 18,385 فرصة عمل من خلال برنامجها لخلق فرص العمل في القطاع الزراعي وحده، والتي كان نصيب قطاع الزهور منها 2.571 فرصة عمل.
وفي العام 2014، تم توظيف ما مجموعه 20,545 من اللاجئين من خلال برنامج 'الأونروا' لخلق فرص العمل، وقامت 'الأونروا' عن طريق ذلك بضخ 18.1 مليون دولار في اقتصاد غزة.
وفي الربع الأول من العام 2015، وفرت الوكالة 12.646 فرصة عمل عن طريق البرنامج لتضخ بذلك 7 ملايين دولار في اقتصاد غزة.