الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

محمود الزهّار- تعبير عن عمق الأزمة الفلسطينية... - خير الله خير الله

من أفضل ما يعبّر عن الأزمة العميقة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية، كلام الدكتور محمود الزهّار القيادي في حركة «حماس». 
تحدّث الزهار، المعروف بقربه من إيران، قبل أيام في احتفال في قطاع غزّة في مناسبة إنهاء نحو ثلاثمئة فتاة تدريبهنّ على استخدام السلاح.
 قال إن «حماس» باتت تمتلك جيشاً يمكنّها من تحرير فلسطين «كلّ فلسطين».
تحدّث أيضا عن «الهزيمة» التي لحقت بإسرائيل في العام الماضي عندما خاضت مع «حماس» حرباً أدّت إلى تدمير جزء لا بأس به من غزّة. قتل في تلك الحرب ما يزيد على ألفي فلسطيني ونحو سبعين إسرائيلياً. لم تحقّق «حماس» أيّا من أهدافها. الحصار مستمرّ وكلّ شيء على حاله. على الرغم من ذلك، لا يزال الدكتور الزهّار يتحدّث عن «انتصار» يمكن أن يتّخذ شكل هدنة طويلة مع إسرائيل الساعية إلى التخلّص من همّ غزّة من جهة والعمل على ابتلاع جزء من الضفّة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية من جهة أخرى.
مشكلة الدكتور الزهّار في غاية البساطة. لا يدرك أنّ كلّ كلمة يقولها تصبّ في خدمة إسرائيل. كلّ ما تقوم به «حماس» يخدم الاحتلال، لا أكثر ولا أقلّ. من يعتقد أنّ في الإمكان تحرير فلسطين من النهر إلى البحر ومن البحر إلى النهر من غزّة، إنّما يقدّم أكبر خدمة للمشروع الاستعماري الإسرائيلي الذي يقوم على رفض خيار الدولتين. كلّ ما لدى «حماس» تقدّمه للقضية الفلسطينية يتمثّل في توفير مبرّر لبنيامين نتانياهو كي يقول إنّ لا شريك فلسطينياً يمكن التفاوض معه.
هناك كلام مباشر يفترض أن يسمعه الزهّار ومن على شاكلة الزهّار من الذين يخدمون الاحتلال الإسرائيلي، كلّ على طريقتهم. الجيش الذي شكّلته «حماس» في غزّة ليس قادراً على تحرير فلسطين ولا الذهاب إلى القدس. كلامه عن القدس يشبه كلام السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ«حزب الله» في لبنان الذي يقول إن «طريق القدس تمرّ بالزبداني»، البلدة السورية التي تتعرّض لكلّ أنواع القصف الهمجي بسبب كونها، من وجهة النظر الإيرانية، أحد الحواجز في طريق قيام الدويلة العلوية في سورية. هذه الدويلة، التي لن تقوم يوماً، تحتاج إلى ممرّ يربطها بمناطق تحت سيطرة إيران في لبنان. ولذلك، صارت الزبداني من ضحايا المشروع التوسّعي الإيراني، وهو مشروع ذو طابع مذهبي قبل أيّ شيء آخر، لا علاقة له بالقدس من قريب أو بعيد.
يتاجر الزهّار ومن يقف خلفه بالقدس. تماماً كما يتاجر بها «حزب الله» الذي ليس في نهاية المطاف سوى لواء في «الحرس الثوري» الإيراني. كلّ ما تبقّى تفاصيل لا قيمة لها، لكنّها تكشف حقيقة «حماس» والمهمّة المرسومة للجيش الذي أنشأته في غزّة من دون أي اعتراض إسرائيلي من أيّ نوع كان.
مهمّة هذه الجيش الحمساوي محصورة في إطار معيّن، تماماً مثل مهمّة «حزب الله» في لبنان الذي لا هدف له سوى تهديد الشعب اللبناني وتدمير ما بقي من مؤسسات الدولة اللبنانية الواحدة تلو الأخرى والمشاركة في الحرب التي يشنّها النظام الأقلّوي في سورية على شعبه.
بكلام أوضح، مهمّة الجيش الحمساوي ضرب المشروع الوطني الفلسطيني عن طريق إطلاق شعارات غير قابلة للتحقيق تخدم الاحتلال الإسرائيلي. هذا جانب فقط من مهمّة هذا الجيش. هناك جانبان آخران للمهمّة. الأوّل قمع أهل غزّة وإبقاؤهم تحت الحصار والآخر تكريس غزّة قاعدة خلفية للمجموعات الإرهابية التي تعمل في سيناء خدمة للمشروع الذي يستهدف مصر والاستقرار فيها.
مسكينة القضية الفلسطينية. هناك من يريد تحرير القدس من غزّة، وهناك سلطة وطنية شاخت تخوض حرباً مع الدكتور سلام فيّاض والسيدّ ياسر عبد ربّه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يمتلك تاريخاً نضالياً لا يحتاج إلى شهادة من أحد. ميزة عبد ربّه المتّهم بالإعداد، مع فيّاض وآخرين لانقلاب على السلطة الوطنية، أنّه يعرف حجمه. كذلك يعرف حجم ما بقي من السلطة الوطنية. يعرف أوّل ما يعرف أن الضفّة الغربية ما زالت تحت الاحتلال وأنّ دورية إسرائيلية تستطيع إحضاره من منزله، بمجرّد المناداة عليه من مكبّر للصوت. أكثر من ذلك، إنّه يعرف تماماً أنّ السيّد محمود عبّاس (أبو مازن) رئيس السلطة الوطنية رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لا يستطيع مغادرة رام االله، إلى أيّ مكان، من دون إذن إسرائيلي!
بات حجم المأساة الفلسطينية كبيراً. ليس معروفاً كيف يمكن لـ«حماس» تحرير القدس انطلاقاً من غزّة، فيما هناك غزّاويون ما زالوا يعيشون في الخيام منذ حرب آواخر2008 وبداية 2009. لا يزال هناك للأسف الشديد من يسعى إلى بيع الفلسطينيين الأوهام، تماماً مثلما هناك من يحاول تغطية المشاركة في ذبح الشعب السوري عن طريق القول إنّ الهدف النهائي هو الوصول إلى القدس، عبر الزبداني...
آن أوان التوقّف عن الكذب على الفلسطينيين. قضيّة «حماس» لا علاقة لها بالانتهاء من الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلّة تضمّ الضفة الغربية وغزة، عاصمتها القدس الشرقية. كلّ ما تريده «حماس» هو تغيير طبيعة الشعب الفلسطيني كي يكون على صورتها. على صورة الملثّم الذي يحمل السلاح ويرهب شعبه. من قال إنّ اسرائيل تعترض على مثل هذه الصورة ما دامت «حماس» تعمل على تكريس الشرخ القائم بين الضفّة وغزّة من جهة وعلى تحويل غزّة «إمارة إسلامية» تشكّل تهديداً للأمن المصري من جهة أخرى.
هناك أزمة عميقة تعاني منها القضية الفلسطينية. تصرّفات محمود الزهّار تعبّر عن جانب من هذه الأزمة التي بدأت تأخذ منحى خطيراً في غياب الحدّ الأدنى من الوعي لما يعنيه بقاء الوضع في غزّة على حاله. هذا الوضع الذي من سماته سماح قيادي من «حماس» بإطلاق شعارات لا تمت إلى الواقع بصلة، يشكّل أفضل خدمة يمكن تقديمها لإسرائيل... إضافة إلى أنّه يعني، قبل أي شيء آخر، أنّ الانقسام الفلسطيني صار واقعاً لا يمكن تجاوزه، أقلّه في المدى المنظور.
بدل الدولة الواحدة، ستكون للفلسطينيين دولتان، أو على الأصحّ كيانان، في يوم من الأيّام. «حماس» ستنتصر. انتصارها سيكون على الشعب الفلسطيني وقضيته وعلى المشروع الوطني الفلسطيني الذي يصلح وحده قاعدة، يمكن الانطلاق منها، لمواجهة أكثر الحكومات تطرّفاً في تاريخ إسرائيل!

* نقلاً عن "الراي"

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024