أم أحمد أتت من الناصرة وتاهت منها "الرواية" في الخليل
محمد مسالمة- وصلت الحاجة "ام احمد" من مدينة الناصرة الى المسجد الابراهيمي في خليل الرحمن، في زيارة دينية، حيث بدأت المشاعر الروحيّة تبدع في ابراز ملامح الشوق على محيّاها، دخلت المسجد وهي تلهج بتمتمات الدعاء، وهناك قابلها "الدليل او موظف الاوقاف".
بدأ الموظف يوضح لها معالم الحرم واقسامه ومقتنياته، وعندما وصل الى شبّاك بجانب قبر "سارة" زوجة ابراهيم عليه السلام، قال لها: "تبرّكي من هذا الشباك، فان هناك موقع قدم محفور عليه قدم الرسول محمد عليه الصلاة والسلام"... ودون اي سؤال تدنو "ام احمد" من الشباك وتبدأ بتقبيله وهي تبكي، وتضرع الى الله ان يستجيب دعاءها وصلاتها.
وهنا... لا بد من سؤال ربما تلاشى عندما فاضت مشاعر "ام احمد" وهو: هل وطأت قدم سيدنا محمد ارض الخليل؟
تقدمنا الى الدليل، وسألناه عن هذا الأمر مرة أخرى بدقّة وعناية، فكان جوابه: "لا يوجد في السيرة النبوية او القران الكريم دليل على زيارة النبي محمد عليه الصلاة والسلام للخليل، ولكن المؤرخين يقولون هكذا لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان عندما يدوس على الصخر يهبط تحت قدمه، وهذه الصخرة محفور بها قدم... والموظفون في دائرة الاوقاف قالوا لنا ذلك".
وزير الاوقاف والشؤون الدينية يوسف ادعيس قال في حديث خاص لـ "الحياة الجديدة" ان "القرآن الكريم كان واضحاً حيث اسري بالرسول عليه الصلاة والسلام الى المسجد الاقصى ثم عرج الى السماء في ليلة الاسراء والمعراج، وان كتب السيرة النبوية وكتب الحديث الشريف لم تذكر قطعياً ان النبي محمد عليه السلام زار المسجد الابراهيمي الشريف في خليل الرحمن".
في "الاقصى" أدلاء بروايات خاطئة
مدير مركز نون للدراسات القرانية بسام جرار قال إن "كلام موظف الاوقاف لا يحمل من الصدق ومن الحقيقة اي شيء، انما هو كلام مغلوط ولم يرد في القرآن والسنة النبوية والدراسات الاكاديمية الاسلامية اثبات عليه".
يتابع جرار في حديثه لـ "الحياة الجديدة": "إن الأماكن الدينية الاسلامية تشهد بعض الاحاديث من هذا النوع، وحتى في المسجد الاقصى هناك بعض الادلاء الاسلاميين لا يملكون المعرفة الكافية، ويقولون بعض الروايات التي ليس لها أساس صحيح".
(دليل او موظف) يقول رواية خاطئة؟!
رد الوزير على هذا السؤال بأن الوزارة لا تعيّن أدلاء في الاماكن الدينية، ولكن يتطوّع البعض وربما يكونون من الموظفين بتقديم المعلومات لمن يزور الاماكن المقدسة، مؤكداً على عدم اطلاق اسم "دليل" على اي شخص.
وتابع "يجب ان لا نلتفت الى اقوال ليس لها اساس في القران والسنة الشريفة، والتأكيد على الدليل الرباني الذي جاء في القران، جزء من العقيدة ولا يجب ان نفرط به، مفاده ان النبي اسري به الى السماوات من القدس، ارض المسجد الاقصى".
ويرى ادعيس ان مثل هذه الروايات الخاطئة تغيّر البوصلة عن الاماكن المقدسة بالنسبة للدين الاسلامي، وتساهم في تحريف الروايات التاريخية خصوصاً ان وجود الاحتلال على ارض فلسطين الذي يحارب باستخدام التاريخ، ووعد الوزير بمتابعة الأمر والوقوف على حيثياته الخطيرة.
وقال القدس جزء من عقيدة المسلمين ولا يجوز التفريط بها من خلال روايات تصرف الانظار عن المسجد الاقصى الذي أسري اليه بالرسول عليه الصلاة والسلام.
الدليل الذي قابلناه في المسجد الابراهيمي، يقول هنا قدم الرسول، ولسانه يرجف ويعود ليتنصل من روايته التي قالها لأم أحمد ويقول لنا: "المؤرخون يرون، والموظفين في الاوقاف قالوا لنا ذلك"... ووزير الاوقاف لا يعيّن ادلاء، والرواية بشهادته وشهادة المختصين والمسلمين خاطئة، من يحاسب المتبرعين والمتطوعين والموظفين على ما يقولون بحق الروايات الدينية، ومن يدقق لهم دروسهم التي ترمي في شكلها الافادة ولكن في جوهرها اساءة غير مقصودة.
عن الحياة الجديدة