بلديات الوسط في طريقها للتعافي مع بدء تحويل مستحقاتها
- 'المالية': 600 ألف دينار شهريا من المتراكمة وتحويل منتظم للجديدة
علاء حنتش
على ما يبدو أن أزمة البلديات والهيئات المحلية في وسط الضفة شارفت على الانتهاء، وقريباً ستستعيد عافيتها، مع بدء تسديد دفعات شهرية بمقدار 600 ألف دينار من ديونها المتراكمة على وزارة المالية، وتحويل منتظم للمستحقات الجديدة.
الأشهر الأخيرة شهدت تحركا من رؤساء البلديات الكبرى المتضررة للوصول إلى تفاهمات ووضع آليات لاستعادة الأموال التي تجبيها الحكومة نيابة عن البلديات، وأهمها ضريبة الأملاك التي تعتبر الشريان الرئيس في رفد ميزانية البلدية بالسيولة، والتي تصل نسبتها في بعض البلديات من 40-50 % منها.
أزمة البلديات مركبة ولا يمكن النظر إليها كحالة واحدة، فجزء منها يعتمد على المزود الإسرائيلي في الحصول على خدمتي المياه والكهرباء، وهذا الجزء تراكم عليه كثير من الديون لصالح الشركات المزودة بسبب انخفاض نسبة التحصيل من المواطنين، وتقوم إسرائيل بخصم هذه الأموال من حصة السلطة الوطنية الفلسطينية من المقاصة، والجزء الآخر يعتمد على تلقي الخدمة من مصادر محلية كبلديات الوسط المرتبطة بمصلحة مياه القدس وشركة كهرباء القدس، وليس عليها ديون للحكومة.
بلديتا رام الله والبيرة من البلديات التي تضررت بشكل واضح من الأزمة وأخرتا تنفيذ مشاريع حيوية وملحة، ما انعكس في بعض الأحيان سلباً على علاقتها بجمهورها .
وحسب مدير بلدية البيرة زياد الطويل فإن البلدية جمدت تنفيذ أهم المشاريع الملحة في المدينة بسبب عدم توفر سيوله وتأخر الحكومة في تحويل أموال البلدية التي تجبيها عن طريق الحكومة، وأهمها ضريبة الأملاك التي تقدر ب28 مليون شيقل .
وأشار الى أن البلدية لم تتسلم من الحكومة منذ منتصف عام 2013 سوى 470 ألف دينار حولت قبل أسبوع كجزء من قيمة ضريبة الأملاك وتسلمت سابقا جزءا من مستحقات النقل على الطرق ورخص المهن.
وأضاف الطويل:' بسبب تأخير تحويل وزارة المالية لحصتنا تم تأجيل كثير من المشاريع الضرورية إلى السنوات المقبلة، كتأهيل شبكة صرف صحي قديمة في تجمع سكاني مكتظ تسببت بمشكلة صحية بيئية، وتأجيل مشروع صيانة مضخات لمنظومة الصرف الصحي، وشق طرق حيوية في المدينة، علما أن العطاءات والمخططات جاهزة وبانتظار تحويل الأموال للبدء بالتنفيذ'.
ولفت الطويل إلى أن آثار الأزمة تجاوزت ذلك إلى حد ضعضعة ثقة المواطنين بالبلدية، وباتوا يعزفون نسبيا عن الاجتماعات الخاصة بالبلدية لعدم تنفيذ المشاريع التي كانوا شركاء في وضع خطتها، معتبرين أن الاجتماعات حبر على ورق.
من جهته، أكد رئيس بلدية رام الله موسى حديد أن البلديات تعتمد بشكل رئيسي في مصادر دخلها على ضريبة الأملاك التي تجبيها وزارة المالية نيابة عنها، وتقوم بتحويلها إلى البلديات فيما بعد، إلا أن الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة نتيجة الوضع السياسي والمالي عطلت تحويل مستحقات البلديات لدى وزارة المالية، ما خلق أزمة حقيقية للبلديات التي ليس عليها ديون للحكومة، مع مراعاة أن لكل بلدية خصوصية لأن بعض البلديات عليها ديون مستحقة لوزارة المالية.
وحول آثار الأزمة على البلدية، قال حديد:' الأزمة تسببت في تعطيل كثير من المشاريع في مختلف قطاعات عمل البلدية وخدماتها، فموازنتنا السنوية 60 مليون شيقل، والمستحقات السنوية التي تجبيها الحكومة نيابة عن البلدية 30 مليون شيقل، والديون المستحقة كانت منذ بداية العام الجاري حوالي 40 مليون شيقل، تم تحويل 10 ملايين منها في شهر أيار الماضي، ما يعني أن ضريبة الأملاك تشكل من 40-50% من السيولة المفترضة، وللأسف إذا كانت مجرد رصيد ورقي لا نستطيع توفير خدمة مناسبة للمواطن'.
وأضاف:' في الوضع الطبيعي على افتراض حولت الحكومة كامل المستحقات، هناك عجز لدى البلديات، لأنها تقدم الخدمة بتعرفة بسيطة جداً مقارنة مع التكلفة الفعلية لها، كإدارة النفايات الصلبة التي تكلف البلدية 15 مليون شيقل سنويا بينما قيمة ما هو مفروض للدفع على المواطن 2.5 مليون شيقل، فالعجز المالي في هذا الملف أكثر من 10 ملايين شيقل في خدمة واحدة، وهذا ينسحب على خدمات أخرى تقدمها البلدية'.
وتابع:' الأزمة المالية جعلت البلديات تجتهد في البحث عن مصادر دخل جديدة، فنحن عملنا على رفع تعرفة بعض الخدمات كالنفايات والصرف الصحي، وبناء شراكات مع القطاع الخاص في مشاريع تنموية لضمان الاستمرار في تقديم الخدمة'.
ولفت حديد إلى مشاورات جرت مع الحكومة وتحديدا وزير المالية شكري بشارة للخروج من الأزمة، وتم الاتفاق على جدولة المستحقات، وبدأت بتحويل دفعات إلى البلديات.
وطالب حديد بضرورة أن يكون هناك مخصص واضح للبلديات في موازنة الحكومة، وإعادة الأموال التي تجبيها الحكومة نيابة عن البلديات في أوقات متناسبة مع وقت الجباية.
وشدد حديد على 'ضرورة أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها في دعم هيئات الحكم المحلي بشكل عام وأن لا تترك البلديات تقاتل وحدها مع المواطن، لأنها خط الدفاع الأول عن الحكومة من خلال تماسها المباشر مع المواطن نيابة عن الحكومة'.
من جانبه، أوضح وكيل وزارة الحكم المحلي محمد جبارين أن ملف المستحقات المالية سواء كان لها أم عليها يحظى بأهمية لدى الحكومة ورئيس الوزراء وتوجيهاته واضحة بهذا الخصوص.
وأضاف أنه تبين من خلال البيانات تخلف عدد كبير من البلديات عن دفع مستحقات الخدمات التي تتلقاها كالمياه والكهرباء للشركات الإسرائيلية المزودة كـ'ميكروت' والشركة القطرية للكهرباء وهده الديون كبيرة جدا، وهذا خلق إرباكا في العلاقة المالية بين الحكومة والبلديات.
وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنتين واحدة للكهرباء برئاسة رئيس سلطة الطاقة لدراسة الديون وعمل مقاصة لما لها وما عليها، وأخرى للمياه برئاسة رئيس سلطة المياه خاصة بالمياه وعملت اللجنتان بشكل دؤوب وتم خصم جزء من مستحقات هذه البلديات على الحكومة بنسب متفاوتة حسب حجم الديون، وبقي للحكومة ديون كبيرة على هذه البلديات ويتم العمل على إنهاء هذه الملف وتسديد الديون من خلال برنامج جدولة.
أما بخصوص البلديات التي لا يوجد عليها ديون ولا تتزود بالكهرباء والمياه من إسرائيل، أكد جبارين التزام الحكومة بتحويل الأموال لها، وأنها ستحصل على كافة مستحقاتها على شكل دفعات خلال الأشهر المقبلة وفق آلية تم وضعها.
وأكد جبارين أن الحكومة تضع الهيئات المحلية في أولوياتها وتسعى لدعمها من خلال مشاريع ضخمة كتطوير شبكات المياه والبنى التحتية والمدارس، و'لا يوجد باعتقادي هيئة محلية إلا وتحصل على مشاريع كل عام'.
من جهته، قال المحاسب العام أحمد الصباح أن وزارة المالية وبناء على توجيهات رئيس الوزراء رامي الحمد الله وبمتابعة وزير المالية شكري بشارة، 'بدأنا بتحويل دفعات للبلديات التي لها مستحقات على الحكومة ولا يوجد عليها ديون، والتي تصل إلى قرابة 14 مليون دينار، وفق برنامج يضمن إنهاء هذه الإشكالية قبل نهاية العام، إضافة إلى تحويل الأموال التي تجبيها الوزارة شهريا لضمان عدم تراكم الديون كما حدث سابقا'.
وقال:' وزارة المالية اعتمدت تحويل 600 ألف دينار أسبوعيا لهذه الهيئات، حسب نسبة ديونها، إضافة إلى تحويل قيمة الجباية الشهرية إلى البلديات مباشرة حتى لا تتراكم' .
وأشار الصباح إلى أن مجلس الوزراء صادق الشهر الماضي على تثبيت مديونية عدد من الهيئات المحلية، وذلك حسب الآلية المعتمدة لتسوية مديونية البلديات والشركات الموزعة للكهرباء، ونتائج التسوية المقترحة لتثبيت مديونية الهيئات المحلية.
وشدد الصباح على التزام وزارة المالية ببرنامج تحويل الدفعات للبلديات التي ليس عليها مديونية لضمان استمرار عملها في تقديم خدماتها للمواطنين.
أصبح من الواضح أن بلديات الوسط خاصة الكبرى منها، أصبحت أكثر تفاؤلاً باستعادة ثقة جمهورها بها وتقديم خدمات أفضل، وإزاحة الغبار عن مشاريعها التي وضعت على الرفوف بانتظار الأموال لتصبح واقعاً.