(بلير- حماس) اجهاض الدولة بيد فلسطينية - موفق مطر
تفيد البيانات والتصريحات، وحلقات الكلام المبعثر المنصوب والمرفوع على هوائيات الفضائيات ـ والاذاعات، والمنشور ما بين عمود الرأي والموقف واعمدة الأخبار في الصحف، ان تظاهرة جماهيرية منظمة، سلمية، محددة الشعارات، والأهداف في ظلال العلم الوطني، كفيلة بتحويل الرأي العام الساكن الصامت، الى قوة ضاغطة مفجرة لبراميل الخداع والدجل السياسي، التي تقف عليها حماس ممن استسهلوا خداع الشعب الفلسطيني، والاسترزاق من معاناته ومآسيه، فكلما زاد ارتفاع المادة، كان ضغطها اعظم واقوى، وكذلك صوت الحق والجهر به، فللكلمة المكتوبة، والمنطوقة، والمصورة تأثير خاص ان كان (الضمير) مدادها، لكن لا يمكن مقارنته بتأثير وتداعيات وانعكاسات، وامتدادات صرخة الضمير الانساني في الشارع، خاصة عندما تحمى بجدار آمن اسمه الفكرة النبيلة.
ما كان لثورة 30 يونيو اسقاط نظام المرشد والاخوان بمصر لولا 30 مليون حنجرة مصرية وطنية اعلت الى عنان السماء (تحيا مصر) و(يسقط حكم المرشد)، وما كان للشعب المصري القدرة على انجاز معجزة قناة السويس الثانية لولا تلبية قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسي لنداء ضمائر المصريين، وقرر مع قادة الجيش وضباطه وجنوده الانحياز لصوت الحق الشرعي، صوت الشعب، بعد ان حولت (تمرد) الضمائر المستترة، والغائبة، الى فعل وحركة وطنية شعبية في ميدان التحرير وشوارع وميادين مصر كافة، مسيرة بأهداف محددة توجت بخارطة طريق انقذت مصر العربية من السقوط في اتون صراع داخلي ما كان سيختلف عما نشهده في ليبيا والعراق وسوريا.
ما كان لرئيس حكومة العراق حيدر العبادي اتخاذ اجراءات وقرارات وتنفيذها فعليا، حتى لو غطت المقالات والتقارير ضد الفساد ارض العراق كله، او لو بحت اصوات البعض، ما كان له ذلك لولا الحراك الجماهيري في ميدان الحرية في بغداد، فالحراك الجماهيري الشعبي المنظم المؤطر يمنح المطلب أو الفكرة او النضال مشروعية لا ترقى اليها مشروعية الكلمة الحق المجردة من الفعل، وان كان لا بد من هذه الكلمة كأداة لبلورة وصياغة رأي عام يرقى لمستوى الحراك الجماهيري ولم لا الثورة ان اقتضى الأمر اي مرحلة التغيير الجذري للأفكار والمناهج السياسية والتعليمية والتربوية والقيم الاجتماعية المتخلفة.
ما لم تدرك الجماهير الفلسطينية في قطاع غزة اولا حجم المسؤولية التاريخية عليها لاسقاط اتفاق بلير- حماس، وتبدأ حراكا شعبيا لاسقاط اتفاق (بلير- حماس) التصفوي، وما لم يقاوموا سلميا مؤامرة (سلخ جلد الفلسطيني) حتى اسقاطه تحت ركام آلاف البيوت المدمرة بسبب الانقياد بتيار ما يسمى الممانعة، طمعا بالمال والسلاح لتقوية نفوذ مراكز القوى في حماس، فان غزة ستصبح (كيانا غير مُعّرَف)، ويسقط من حسابات حل الدولة الفلسطينية المستقلة، ما يعني ان اجهاض قرار الأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين سيكون على يد فلسطينيين (حماس)، التي اعلت مصلحة الجماعة على مصالح الشعب، وأسهم قادتها المروجون للاتفاق بتهويد القدس تحديدا.
ما لم يعبر الوطنيون في الضفة بما فيها القدس عن رفضهم للخنوع، وانفراد فصيل بحلول للقضايا الوطنية، ولمسعى حماس انعاش الاخوان المسلمين بانشاء كيان لهم (شبيه دويلة) في قطاع غزة، وسلخ القطاع عن فلسطين التاريخية والطبيعية، والدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وما لم يؤكدوا تمسكهم بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا، وبحق قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في الضفة والقدس، ودعمهم للقيادة برئاسة الرئيس المنتخب قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية محمود عباس ابو مازن لاستكمال النضال حتى الاعتراف الاممي بدولة فلسطينية عضوا كاملا في الأمم المتحدة، فان البيانات والتصريحات مهما بلغت حدتها وقوة تعابيرها فانها لن تفعل اكثر من تطيير أوراق اتفاق بلير حماس، فيما اسرائيل دولة الاحتلال التي كان هذا الاتفاق لخدمتها ماضية برفع اعمدة مخططها بفصل قطاع غزة على قواعد واساسات انقلاب حماس.