معركة في قصرة
شادي جرارعة
وجها لوجه، اشتبك أهالي قصرة مع المستوطنين، فالشبان الذين خرجوا من منازل القرية، كانوا على علم أن أي تأخير في تصديهم للمستوطنين، ستكون نتائجه دموية إذا ما اقتحموا القرية.
بدأت القصة عندما هاجم المستوطنون راعيا كان يسوق قطيعه في الجبال.
ويقول سكان القرية إن نحو 14 مستوطنا مدججين بالسلاح لاحقوا الراعي والنتيجة في أسوأ أحوالها ستكون معروفة لو أمسكوا به.
في تلك الأثناء التي شن فيها المستوطنون أول مرحلة من الهجوم، كان جنود الاحتلال يعتلون التلال ويراقبون المكان من بعيد.
وما أن وصل الشبان لحماية مزارعهم، حتى بدأ الجنود بإطلاق قنابل الغاز والرصاص 'المطاطي' لإبعاد الشبان عن المستوطنين.
والمعركة التي استمرت لعدة ساعات في القرية التي تعرضت خلال السنوات الماضية لهجمات متكررة من المستوطنين، ليست سوى حلقة في سلسلة اشتباكات دامية، شن خلالها المستوطنون هجمات ضد سكان القرية والقرى المجاورة.
لكن تصدي مواطني القرية للمستوطنين حال دون تعمقهم بين الأحياء، فعاودوا الهجوم من جهة أخرى، وبدأت مرحلة جديدة من المواجهة بين الشبان والجنود وهم فوق التلال مدججين.
لجأ أهالي القرية إلى السلاسل الحجرية ولاذوا خلف الحجار وبراميل حديدية موضوعة حول الزيتون للاحتماء من الرصاص، وشوهد جندي إسرائيلي يعرج بعد أن أصابه حجر ألقاه الشبان وهم يلاحقون المستوطنين.
هدأ المكان للحظات، ولكن بعد كل هدوء عاصفة، فهناك يأتي صوت من بعيد، فالمستوطنون هاجموا القرية من الجهة الأخرى، يهرع الشبان إليهم يشتبكون بالأيدي قبل أن تصل قوات الاحتلال لحماية المستوطنين، وما أن وصلت حتى بدأت مرحلة أخرى من الحماية للمستوطنين ما أدى لإصابة طفل في وجهه.
ولكن هذه المرة انعكست الآية، فالشبان فوق التلال والجنود بالأسفل فكانوا المتحكمين بالوضع وبطريقة المواجهات.
وشوهد أهالي القرية أحيانا كثيرة يشتبكون مع جنود الاحتلال والمستوطنين وجها لوجه.
يقول الراعي صلاح أبو الحكم 'كنت أرعى أغنامي في أرضي وجاء إلي 14 مستوطنا يستقلون سيارة، وقبل أن يصلوا انقسموا إلى ثلاث مجموعات، كل واحدة جاءتني من ناحية، لكي يحكموا الخناق علي، ولكن كان بالقرب مني جيران لي يستصلحون أرضهم وجاؤوا إلي بسرعة قبل أن يحدث أي شيء.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها المستوطنون أبو الحكم، فقبل أسبوعين وصل المستوطنون إلى أطراف القرية وهددوا الرجل.
ويؤكد رئيس مجلس قصره عبد العظيم وادي أن هذا الاعتداء من قبل المستوطنين اليوم على أحد رعاة الأغنام، هو الاعتداء الثامن والستين منذ عام 2010 .
ويقول سكان القرية إن هذه الاعتداءات تهدف إلى سرقة الأرض.
وكان المستوطنون أقاموا على أراضي القرية بؤرة استيطانية تسمى 'ايش كودش' يبلغ عدد سكانها 16 أسرة، لكنهم يسيطرون على العديد من المزارع في المنطقة الجنوبية والسهول والجبال المحيطة.
وارتفعت وتيرة اعتداءات المستوطنين في الضفة بشكل ملحوظ خلال فترة قليلة وخاصة بعد الانتخابات الأخيرة للكنيست الإسرائيلي وتشكيل حكومة إسرائيلية يوجد في داخلها مستوطنون وأناس يسمعون لهم.
وهذا ما يؤكده غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة.
وقال دغلس' المستوطنون أصبحوا جزءا من الحكومة الإسرائيلية وهناك لهم أصوات داخل الوزارات وهذا يعطي الضوء الأخضر لهم، بالإضافة لسياسة الحكومة والحكومات السابقة بالاستيلاء على الأرض'.
وأضاف دغلس' نحن لدينا خططنا للحد من هذه الاعتداءات من خلال الزحف إلى الجبال وتشكيل لجان الحراسة الشعبية، ولكنها تبقى بحاجه إلى تكاتف الجميع سواء كانت وزارات ذات اختصاص أو فصائل عمل وطني'.
وأدت العملية الإرهابية التي ارتكبها مستوطنون قبل حوالي ثلاثة أسابيع بحق عائلة دوابشة في قرية دوما إلى أخذ سكان القرى في جنوب نابلس مزيدا من الحذر من المستوطنين.
وتشكلت لجان الحراسة الشعبية في القرى التي يتهددها الخطر المباشر.