'نصف جبيل' مسيحية مسلمة
فاطمة إبراهيم
في 'عليّة أم نصار'، المبنية قبل قرن من الزمن في قرية نصف جبيل إلى الغرب من نابلس، رواية غريبة.
العليّة التي شيدت عام 1911، وتكاد تخلوا من دبيب الحياة، إلا من شهيق أم نصار وزفيرها وصور ابنائها وبعض الذكريات؛ يروى أنها أنشأت مع باقي منازل القرية فوق مدينة أثرية طمرت منذ مئات السنين.
اليوم تنقل أم نصار هذه الرواية مع تباهيها بسكناها في بيت كان من أكبر بيوت البلدة وأجملها، وتقول 'تزوجت في سن مبكرة، وأنجبت أبنائي كلهم في هذا المنزل، ربيتهم وحيدة لظروف عمل زوجي في الكويت. اليوم لا أقوى على صعود الدرج إلى الطابق العلوي، وقدماي لا تحملاني وأشعر بدوار. بخاف أطلع'.
نصف جبيل، التي لا يزيد عدد سكانها عن 500 نسمة وأصل تسميتها محل خلاف، تبعد عن نابلس حوالي 17 كم، وتحدها قريتا سبسطية وبيت أمرين، وكانت حتى عهد قريب ذات غالبية مسيحية، لكن هجراتٍ منها واليها غيرت ديمغرافيتها، حتى لم يبق فيها سوى أربع نساء يعتنقن المسيحة، ثلاث منهم يغادرنها لفترات طويلة ويعدن لزيارتها بين الحين والاخر، ووحدها ام نصار ترفض ترك القرية رغم دعوات أبنائها لها بالعيش معهم.
ترفض أم نصار الثمانينية عروض المدن، لأن سكانها يقطنون في 'عُلب' لا تقوى على العيش فيها، وبابٌ يفضي حين تستفيق صباحاً إلى ساحة تحفها أشجار ونباتات أفضل من الدنيا وما فيها. في هذه البلدة خُلقت، وتربّت، وتزوّجت، وربّت، فكيف ستبرحها للمدينة'.
معظم سكان نصف جبيل المسيحيين هجروها، إما للعمل أو العيش في تجمعات مسيحية، كما سكنها قديما أناس من قريتي برقه وبيت امرين المجاورتين، بحسب الروايات التاريخية القليلة التي تحدثت عن القرية .
لا دلائل تؤكد صحة قصة اندثار نصف جبيل بعد أن اجتاحها طوفان، ولا معلومات موثقة تثبت أو تنفي هذه الرواية، غير أن حفريات يقوم بها 'مركز الفسيفساء في القدس'، دللت على وجود أسوار وغرف أسفل البيوت القائمة، دون أن يتم تحديد الحقبة التاريخية التي تعود لها تلك الآثار.
يقول معين عوايص نائب رئيس المجلس القروي لنصف جبيل، إن شبان البلدة يحاولون تنشيطها سياحيا وربطها مع قرية سبسطية القريبة، هناك بعض البيوت التي انتهينا من ترميمها. ويضيف 'الرواية الشعبية الشفهية تقول إن نصف جبيل جرفها الطوفان وطمر جزءاً كبيراً منها. هذه البلدة مقامة على بلدة أو مدينة أخرى'.
فقرة صغيرة في كتاب 'بلادنا فلسطين' لمصطفى الدباغ، ذكرت أن القرية سنة 1903 كانت تضم مدرستين إحداهما فرنسية والأخرى انجليزية، إضافة إلى كنيستين ومسجد 'المسجد العمري' و'مقام الخضر' و3 ينابيع ماء.
إن سألت أهل القرية سيذكرون هذه المعلومات حرفيا مع قصة الطوفان، لكن أحداً منهم لا يقدر على تحديد السنة التي حدث فيها، إن حدث فعلا، حتى كبار السن أولئك الذين يمكن أن يُعتمد عليهم في توثيق تاريخ القرية شفهيا ماتوا، قبل أن يتم التوثيق، لتظل نصف جبيل القرية الأثرية المسيحية المسلمة.
لمتابعة القصة:
http://www.wafa.ps/humanity/atemplate.php?id=203420