رسالة مفتوحة الى قيادة حماس
بعد السلام، فقد هالنا ما اقدمت عليه مديرية تربية رفح حول شطب اسم شهيد الفكرة والكلمة المقاتلة (غسان كنفاني) من على مدرسة في غزة، متأكدين ان وزير التربية لن يقدم على مثل هذه الخطيئة، وان الموظف الذي اقترف الفعلة ما هو إلا عبد مأمور لجهاز آخر غير الوظيفة الرسمية التي ينتمي اليها ويعتاش منها، وبالتالي فإننا لا نرى أثر الذئب ونجتهد رغم ذلك في قص أثره، بل نواجه الذئب ونقول ان القرار هو قرار مأفون جاهل ارتكبه بغباء، نتمنى ان تتراجعوا عنه، لأن في ذلك إساءة لكم قبل ان تكون إساءة لشهيد يسكن في وجدان شعب علمه الكثير وتعلم منه الكثير فهو الذي قال: أننا نتعلم من الجماهير ونعلمها، ويبدو لي يقينا اننا لم نتخرج بعد من مدرسة الجماهير، المعلم الحقيقي الدائم التي في حبها وصفا رؤياها، لا تنفصم الثورة عن خبز الفقراء وأكف الكدح ونبض القلب". غسان ايها السادة، ليس لحظة عابرة بل فكرة راسخة في وجدان أجيال، ولن تستطيع ممحاة تركية وسخة ان تشطب اسمه، لان ما خطته يداه لا زال ديدنا للثوار الحقيقيين الذين يدقون يوميا جدران الخزان.
ما رددته الوكالات والصحف عن نفيكم للموضوع تدحضه وثيقة صادرة عن مديرية رفح والتي تقضي بتغيير الاسم، مضافا الى ذلك مدرسة جديدة تحمل الفرع (ب) من مدرسة الشهيد كمال عدوان. الامر الذي يشير الى ان هناك تملص ما من الفعلة ومحاولة التنصل منها بعد ان لقيت ادانة جماهيرية واسعة.
قبل ذلك ايها السادة صمتم صمت الحملان المتواطئة على تشويه اضرحة جيفارا والحايك والعمصي، الذين ركع لهم جلاوزة المحتل، واستبسلوا في قتالهم حتى استشهدوا، وغير ذلك الكثير من محاولات محو ذاكرة شعب تمارسونها، واستزراع ذاكرة جديدة هي ليست سوى نسخة تقليد عن فعائل الاخوان المسلمين في كل عهد، فماذا تريدون من وراء هذه الممارسات؟ وهل تدركون انكم بفعلتكم هذه لا تفعلون سوى ان تستجلبوا التنديد بكم، وان تبعثوا الشهداء الأماجد من جديد؟
من هو سيد قطب يا سادة الذين حاولتم ان تلصقوا اسمه بمسجد بني على اسم عظيم من عظماء الامة هو جمال عبد الناصر الذي بفضل قراراته المنحازة للفقراء تعلمت كل قياداتكم في الجامعات المصرية مجانا وبتم اطباء ومهندسين ومحامين؟ من هو هذا الذي بفضل افكاره السوداوية المقيتة فرخت القاعدة وداعش وغيرها من فطريات تتغذى على التخلف والرجعية.
ولماذا يشتد اعتراضكم في الجليل والمثلث على تسمية دوار في كفر مندا باسم عبد الناصر وشارع في طيبة بني صعب باسم محمود درويش؟
هل هو محاولة للاستقواء بالدولار النفطي لمحو التاريخ الناصع لأجل بناء اوهام جديدة حول اصحاب مشاريع كبرى تعيث دمارا في سوريا والعراق وليبيا، كما تستهتر بالثقافة والتراث فمن تدمير تماثيل بوذا في افغانستان الى تحجيب ابي الهول الى هدم المعابد في تدمر، تبدو صورة هولاكو جميلة امام ما يصنعه متزمتون هم في الاساس نتاج مدرستكم ونقصد بالذات الاخواني عبد الله عزام.
غسان ايها السادة اذا كنتم لا تعرفونه واشك انكم تعرفونه، بات ايقونة لا تعلق على حائط انما تسكن وجدان من قرأ ام سعد، ورجال في الشمس، ومن قرأ عائد الى حيفا، اعرف ان هذا عالم ليس لكم، لأن عالمكم هو الغرق في النص والتيه فيه، والغاء العقل وتشويه الوجدان، لذلك اخترتم الآني الزائل على الراسخ كالطود بجانب كرمل حيفا.
غسان هو "محمد علي اكبر" الذي كان يصر على المناداة باسمه كاملا تأكيدا على هويته، لا من يستعير ورثة استبداد دام خمسة قرون على أرض العرب لم يترك فيها سوى قصص سفربرلك والجندرمة، وسرقة اقوات الشام ومصر لتصب في خزائن الخاقان الأكبر الذي ما ترك لهوا وفجورا الا مارسه.
لذلك ارثي لحالكم، فبئس ما صنعتم، فقد اثبتم انكم لا تعيشون بذاتكم، بل تعيشون بفعل الرضاعة من آخرين، ولا يغرنا كل البجاحات التي تستعرضونها، لأن مآلها كالدقيق المنثور على الاشواك، فهيا اجمعوه.
لقد سرقتم أغاني العروبة والثورة وحورتموها لأنكم متبعون لا مبدعون، لكننا سنبقى نحفظ النشيد "لبيك يا علم العروبة كلنا نفدي الحمى" فهو الاصل لا التقليد، وسنبقى نحفظ كل الأناشيد الأصيلة التي لم تصطنع ثورة لترضي غير وجه الشعب.
نهاية وقبل ان يجف حبر الكلام، نتمنى ان تكونوا قد راجعتم عقولكم البراغماتية جدا، والتي لم يعرفها الثوار الحقيقيون، وان تكونوا قد عدتم عن قراركم الأخرق هذا، وان تبنوا مدرسة تسموا كل غرفة فيها باسم سلطان عثماني، اما غسان فعائد ليس الى يافطات ميتة على بوابات المدارس، بل الى قمة الكرمل، حيث تنتصب سارية علم في الوان زاهية وصفها شاعر صفي الدين الحلي حين قال:
بيض صنائعنا، خضر مرابعنا سود مواقعنا حمر مواضينا.
رئيس تحرير وطن للانباء