التسونامي قادم ..!
جميل ضبابات
مطلقين ايديهم للهواء فوق الامواج المتكسرة، يواجه شبان وشابات من جنسيات مختلفة، تلك الموجات القادمة من عمق البحر المتوسط… وفي صباح ندي رطب من اخر اسبوع في آب يتوزع الكثيرون منهم على طول الشاطيء المتتمد شمال مرفأ المدينة القديم.
يختفون في الموجة الكبيرة قليلا، ولا يلبثون بالظهور منتشين بالنصر عليها مدللين على ذلك بصيحات كثيرة، قبل ان تسحبهم قليلا موجات اخرى متتالية نحو الشاطيء الرملي اللامع تحت اشعة شمس الصباح…
وهكذا تستمر ساعات النهار عند المرفأ الذي كان من اهم حواضن السفن في الشرق الاوسط.
لكن اي تفكير في تلك الامواج العظيمة التي قد تصل الى هنا يوما، غير وارد في حسبان احد هذا اليوم؟ . وعلميا حتى يحدث ذلك لا بد وان تأتي عبر هذا الافق الازرق الذي يحجبه ضباب الصباح امواج عالية مدفوعة بقوة زلزالية.
واذا كنت انت الى جانب هذا الشاطيء الجميل، فوقك المنارة القديمة، لن تفكر ابدا بالتسونامي؛ ستفكر فقط كيف حل اليهود في دور الفلسطينيين وشردوهم ومنعوهم من مشاهدة هذه الامواج.
عبر التاريخ، شهد هذا المكان احداثا رهيبة عرفها كل من وصل الى حاضرة المدن العربية قبل العام ومحيت امم اثار امم اخرى، لكن اثار اقدام المتنزهين الحاضره فوق الرمال الرطبة، قد تمحى يوما تحت ثقل تسوماني قد يضرب الشواطيء.
قبل احد عشر شهرا تقريبا طرح هذا السؤال بقوة داخل مجتمع الاخبار الاسرائيلي؟ هل يضرب التسونامي هذه الشواطئ؟
ان اجابة ذلك ليست ذات معنى لشابة وشابة يتعانقان برفق فوق كتلة رملية او لكهل يرافق كلبه مشيا على طرف الماء عند اقدام الصخور الكبيرة الموجودة بمحاذاة الشاطيء وتحجز وراءها المباني التي قد تطالها الامواج العظيمة يوما ما.
ليس بعيدا، قال علماء من جامعة حيفا أنّه خلال السنوات الخمسين القريبة ستضرب أمواج تسونامي دولة إسرائيل ومن الممكن أن تسبب دمارا وأضرارا كثيرة. وللتوضيح قليلا فان هذا نشر في مقالة باللغة العربية تحت عنوان هل تواجه اسرائيل خطر تسونامي قبل اقل من سنة.
'ذلك ممكن جدا' يقول د. جلال الدبيك، مدير مركز علوم الارض وهندسة الزلازل في جامعة النجاح الوطنية.وستعتمد قوة التسونامي على قوة الزلازل الذي سيسببه.
بالنسبة للباحثين في جامعة حيفا 'تحدث واقعة تسونامي كبيرة في البحر المتوسّط كل 600 سنة واخر واقعة حصلت قبل أكثر من 600 عام' بالنسبة لهم ايضا لن تكون مفاجئة اذا حصل تسونامي في وقت قريب.
في الموروث الكتابي العربي دون ما يشير الى ذلك. المؤرخان المسلمان ابن الجوزي وابن كثير تحدثا عن تسونامي عظيم تبع زلزال كبير ضرب المنطقة وادى الى خراب مدينة الرملة قبل نحو الف عام.
لكن هل هدأت امواج البحر منذ ذلك التاريخ؟
يبدو المتزهين الذين لا يروون في هذه الموج سوى لطمات منعشة على اجسادهم في معزل عن التفكير في الاجابة، الا ان الابحاث الحديثة تذهب الى نحو اعمق!.
حسب د. الدبيك' زلازل الماء اكثر من اليابسة'.
وفي اسرائيل التي لم تترك من الشواطىء الفلسطينية غير شواطيء غزة، يحاول الباحثون في ميناء قيصريا القديم التنبؤَ بالوقت الذي ستضرب فيه حادثة تسونامي السواحل كما يشير البحث.
إذ قاموا بتجميع حصى وحجار وصلت إلى منطقة الشاطئ ومصدرها من الأعماق التي كل منها وصلَ إثر إحدى حوادث تسونامي التي حدثت مسبقا في البحر الأبيض المتوسّط حسبما يفيد تقرير موقع المصدر الاخباري.
يشير التقرير الى انه تبين في البحث نفسه الى أنه خلال السنوات الـ 2000 الأخيرة حدثت 11 حادثة تسونامي خطيرة ألحقت الضرر بسواحل إسرائيل. وتبين أيضا أن البحر المتوسط يقبع في المرتبة الثانية من ناحية احتمال حدوث تسونامي.
من التقرير فهم ايضا انه ستُدمر المباني الموجودة على الشواطئ وستغرق المناطق القريبة من الموانئ.
من وجهة نظر الفلسطينيين العلمية فان تاريخ هذه البلاد شاهد على موجات التسونامي. يقول د.دبيك ' حصل ذلك قبل مئات السنين وضربت امواج التسونامي عسقلان وغزه'.
اذا، حتى في المرة القادمة التي سيصل فيها التسونامي ستكون الشواطيء المتقبية للفلسطييين على طول المتوسط في دائرة الخطر.
'من حيث المبدأ قد نشهد تسونامي.(...)تشير الدراسات الى ان ارتفاع الموج سيكون بين - امتار، وهذا يصنف في فئة الخطر الادنى' يقول الدبيك.
لكن من الوقت يلزم للهروب من هذا الشاطيء الجميل الذي يمكن مشاهدته بشكل جلي من امام حي القناصل في يافا القديمة؟. اولئك الذين يبتعدون الان عن اقرب عن الشاطيئ بضع عشرات الامتار بحاجة الى نحو دقائق سباحة ومثلها مشيا حتى الهروب الى ما وراء البنايات العالية.
يقول الدبيك' اذا وقع الزلزال في المناطق اليونانية او القبرصية، فان امام المتنرهين في فلسطين اذا علموا بحصول التسونامي ما بين ساعه وساعه ونصف للانكفاء الى الخلف. او اذا حصل الزلزال قريبا من الشواطيء الفلسطينية، فان الوقت لن يتعدى عشرين دقيقة.
ويبدو ذلك ليس مجرد افكار غيبة.
فامس الخميس، بثت شبكة سكاي نيوز هذا النبأ' قال علماء إن زلزالاً في البحر المتوسط بقوة 7 درجات قد ينجم عنه موجات مد عاتية 'تسونامي' مدمرة تجتاح الشواطئ المطلة على البحر، وتعرض 130 مليون انسان للخطر.
تقول الدراسة التي نشرت في دورية 'علوم المحيطات' العلمية، أنه إذا وقع الزلزال في جزيرة صقلية الإيطالية أو جزيرة كريت اليونانية، فإن التسونامي سيؤثر بشكل كبير على كل من إيطاليا واليونان وليبيا.
وان حصلت فان صيحات الانتصار على الموجه، ستتحول الى صحيات انكسار امامها. فذلك وقع قبل سنوات في اليابان على مرأى من مشاهدي محطات التلفزة.
'حتى يحصل ذلك لا بد وان يكون الكسر الأرضي الحاصل في عمق البحر عامودي، أو تنزلق الكتل الصخرية الهائلة في الاعماق لتحرك المياه نحو الشواطيء' يقول الدبيك.