قادمون الى المجلس الوطني
دون اية مقدمات نظرية او سياسية او غيرها، وبعد اعلان موعد عقد المجلس الوطني في الرابع عشر من الشهر المقبل، فانه من الواضح البليغ ان الشرعية الوطنية بواقعيتها النضالية، وبصدرها الرحب، قد اطاحت تماما بما يمكن ان نسميه هنا بفوضى "التحليل القانوني" التي دارت حول صوابية عقد المجلس قانونيا من عدمها، وهو التحليل الذي اراد (البعض) منه تعطيل مسعى الشرعية، نحو تحصنها بأطر فعالة وقوية، بدءا من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتهاء بكافة مؤسساتها على طريق تفعيل المنظمة لتستعيد كامل حيويتها العملية.
ولم يكن "التحليل القانوني" وتفسيراته لمواد القانون الاساسي للمنظمة في الكثير من تصريحاته ومواقفه، سوى خطل كثير الاضطراب، في الرؤية السياسية والوطنية، لمسألة عقد المجلس الوطني، وحيث ان المسألة الجوهرية لم تكن في الجانب القانوني اساسا، برغم احترام صاحب الدعوة الرئيس ابو مازن لهذا الجانب بعد اجتماعه مع رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون بل في اللحظة الفارقة التي تعيشها ساحة العمل الوطني والتي تفرض ضرورة البحث عن مخرجات استراتيجية من عطل المرحلة الراهنة، وحيث كما قلنا هنا في كلمة سابقة: لا وحدة وطنية واضحة المعالم مع الانقسام البغيض، وآفاق الحل السياسي مغلقة بتعنت اسرائيل واستيطانها، وحراك المجتمع الدولي في مواجهة هذا التعنت على حاله، في مربع الكلام غير المكلف، كلام العلاقات العامة الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، كل هذا الوضع يدفع باتجاه البحث عن مخرجات استراتيجية، نحو مجابهة تحديات عطل المرحلة الراهنة، وتحديات المرحلة المقبلة، والاهم نحو حماية الشرعية ومشروعها الوطني، والتي باتت المؤامرة عليها من اجل تدميرها، واضحة المعالم والاهداف والخطوات..!! وبالطبع دون اعادة ترتيب بيت الشرعية الوطنية وتقويته بأطر فعالة، لن يكون بالامكان مجابهة تلك التحديات ودحر تلك المؤامرة متعددة الاطراف, بهذا يكون عقد المجلس الوطني ضرورة ملحة وفقا لقانون المصالح الوطنية العليا.
لن يكون من الصعب معرفة اطراف هذه المؤامرة في ضوء "الاتصالات الايجابية" لحركة حماس مع اسرائيل، وتعبير "الايجابية" لخالد مشعل كما تعرفون، وفي ضوء تحركات "طوني بلير" في هذا الاطار لكي نرى كم هي متعددة الاطراف هذه المؤامرة، ثم هناك حليف المال السياسي المشبوه والذي يمثله من كان "عدوا لدودا" لحركة حماس قبل سنوات قليلة ...!!
والمؤامرة على الشرعية الوطنية واطارها الجامع منظمة التحرير الفلسطينية، هي مؤامرة تستهدف، وايضا دون اية مقدمات وبلا اية مواربة، تصفية الرئيس ابو مازن بفعله وخطابه السياسي الواضح والحاسم، والذي استطاع ان يحاصر اسرائيل في الكثير من الساحات الاقليمية والدولية، وان يعري بمصداقيته حقيقة سياستها المناهضة للسلام العادل والممكن، بل ان هذه المؤامرة لا تريد غير ذلك الآن، وهي ترى في الرئيس ابو مازن "عقبة كأداء" في طريق مشروع اليمين الاسرائيلي التصفوي للقضية الفلسطينية، ولعله ومع الاسف الشديد فان بعض "التحليل القانوني" ونقول بعض ونشدد على الكلمة، لم يكن يصب الا في ماكينة التحريض الاسرائيلي على الرئيس ابو مازن، وبصورة غير مباشرة اذا افترضنا حسن النوايا، من حيث سعى هذا البعض الى التشكيك بحقيقة دعوة الرئيس لعقد المجلس الوطني لتجديد الهيئات القيادية في منظمة التحرير وتقويتها، وتصويرها بأنها لمجرد تسوية حسابات "مشخصنة" استنادا الى محض اقاويل وشائعات وتحليلات سياسية مغرضة..!!
وبكلمات اخرى واخيرة، من لا يرى اليوم ان الرئيس ابو مازن هو المستهدف من وراء ضرب الشرعية الوطنية والدستورية الفلسطينية، وتدمير اطارها الجامع منظمة التحرير الفلسطينية، فانه لا يرى حقيقة تلك المؤامرة التي تريد اذا ما استطاعت ان تحقق اهدافها المباشرة لا سمح الله، سوى اشاعة الفوضى في حياتنا الوطنية وتحويلنا الى جماعات، بل والى طوائف سياسية وحزبية ومناطقية، تتقاتل فيما بينها على سلطات وهمية في اطار الحل الاسرائيلي التصفوي، ودون اي افق او ادوات للمشروع الوطني، مشروع الدولة والحرية والسيادة.
لكنها الشرعية بواقعيتها النضالية والسياسية، وهي تذهب بعد قليل الى برلمانها الوطني، ستعيد ترتيب شؤون بيتها الجامع، بما يضمن تواصلها على طريق المقاومة، ونحو تحقيق كامل اهداف وتطلعات شعبنا الصامد المناضل في الحرية والاستقلال، ومؤامرة المرحلة الراهنة ليست الاولى، ومصيرها لن يختلف عن سابقاتها، وقد بان اندحارها منذ الآن، بعد اعلان موعد انعقاد المجلس الوطني منتصف ايلول المقبل.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير