فلسطين بانتظار الملايين المحلقة
الحارث الحصني
تحلق آلاف من طيور اللقلق الأبيض هذه الأيام فوق سفوح الضفة الغربية الشرقية.. وفوق الجبال المنحدرة إلى الشرق من طوباس (شمال شرق) يمكن استطلاعها تحوم وتنطلق نحو الجنوب.
وستتخلل الرحلة الطويلة لهذا الطائر محطات استراحة تشمل برية القدس وخليج العقبة، وأجزاء من إفريقيا حتى الوصول إلى أقصى جنوب القارة السمراء. وفلسطين هي واحدة من ممرات الهجرة العالمية لملايين الطيور التي تستفيد من التيارات الهوائية الدافئة في منطقة الغور لعبور الشرق الأوسط نحو إفريقيا.
وبحسب المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية في فلسطين عماد الأطرش، فإن الهجرة الخريفية تبدأ من منتصف شهر آب حتى منتصف شهر تشرين الثاني، أما الهجرة الربيعية فتبدأ في النصف الثاني من شهر شباط وحتى منتصف شهر نيسان.
ويضيف الأطرش أن هناك ما يقارب 150 نوعا من الطيور المفرخة، منها طيور مفرخة زائرة، تلك التي تفرخ في فلسطين مع بداية شهر كانون الثاني إلى شهر تموز ومن ثم تهاجر مع صغارها، و طيور مفرخة دائمة في المنطقة. وأضاف أن هناك نحو 400 صنف من الطيور المهاجرة.
وتتفاوت ذروة الهجرة السنوية للطيور باختلاف أنواعها. ويتحدث الأطرش عن أنواع الهجرات قائلا 'هناك هجرة نهارية وأخرى ليلية. بعض الطيور تسير ليلا على ضوء القمر، مثل تلك التي تهاجر من قبرص إلى فلسطين من وقت المغرب حتى الفجر. ويعتبر اللقلق الأبيض من أكثر الطيور هجرة إلى فلسطين.
خلال الأسبوعين الفائتين رصد باحثون في الجمعية عددا كبيرا من هذه الطيور تحلق فوق الجزء الشرقي من الضفة الغربية. وبحسب الأطرش هناك عدة مسارات لهجرة الطيور القادمة من أوروبا إلى إفريقيا مثل مسار الأغوار، وهو ضروري لهجرة الطيور كبيرة الحجم، ومسار السفوح الشرقية والذي يمتد من جبال القدس حتى الأغوار وهو مسار مناسب للطيور المحلقة. أما المسار الثالث فهو السفوح الغربية الواقع ما بين سلسلة جبال القدس والأغوار.
قال الأطرش 'ربما نحو 20 ألفا (...). الهجرة هذا العام قوية'. وأضاف: هناك 500 مليون طير تهاجر سنويا من أوروبا إلى إفريقيا تعبر سماء فلسطين خلال رحلتها ذهابا وإيابا. ويضيف أن رؤية بعض الطيور الزائرة تعد رؤيتها في سماء فلسطين غريبة مثل طائر 'عصفور الشوك'، الذي تم رصده عام 2005.
وغالبا ما تمر الطيور في الهجرة الخريفية بسرعة دون أن تمكث طويلا في فلسطين، ويرجع السبب في ذلك إلى أن كمية الطعام تكون قليلة، أما في هجرة الربيع عكس ذلك تماما، إذ أن بعض الطيور تمكث أكثر من أسبوع بسبب توفر الغذاء.
ويتحدث الأطرش عن المخاطر التي من شأنها التأثير على الطيور المهاجرة ، مثل الصيد حيث يسجل سنويا 40 ألف حالة صيد لطائر الفر في غزة. ويضيف أن المبيدات الزراعية في الأغوار قد أثرت سلبا على أعداد الطيور المهاجرة. عدا عن ذلك، فإن التوسع العمراني أيضا له تأثير سلبي.
ويقول إن ممارسات الاحتلال تؤثر سلبا على هجرة الطيور مثل بناء المستوطنات في الجبال الطبيعية، ويضرب مثالا على ذلك 'جبل أبو غنيم' الذي كان محمية طبيعية، فقامت إسرائيل ببناء وحدات استيطانية لليهود عليه.
ويضيف أن الطرق الالتفافية لها تأثير سلبي لما نتج عنها من تدمير موطن بعض الطيور المقيمة والمهاجرة على حد سواء. ولفت الأطرش إلى أن هناك ظاهرة سجلت في فلسطين خلال السنين الماضية، إذ شوهد بعض الطيور القادمة من جنوب إفريقيا إلى فلسطين، ويعتبر اللقلق أصفر المنقار أحد الطيور المهاجرة من مدغشقر إلى فلسطين، كما الطائر البهلواني أيضا من الطيور المهاجرة من إفريقيا إلى فلسطين.