نصف القمر .. ثورة تشكيلية للتوعية بظاهرة التمييز بين الذكور والاناث
عطية شعت
جسدت اكثر من 23 لوحة فنية خطتها انامل 13 فنان وفنانة من قطاع غزة ثورة تشكيلية فنية جمالية ضد ثقافة التمييز بين الأبناء، وتفضيل الذكور على الإناث التي تجتاح العديد من الاسر الفلسطينية .
اللوحات التي تزينت بها اروقة المركز الثقافي التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر تجمعت بالمعرض الفني "نصف القمر " الذى افتتح صباح اليوم الاربعاء ،وحضره نشطاء حقوقيين واجتماعيين وقيادات حزبية و نسوية ومتذوقي الفن وجمهور غفير ، ضمن فعاليات مبادرة الحد من التمييز بين الاناث والذكور احدى مبادرات مشروع "نساء وشباب ضد العنف" الذي تنفذه جمعية الثقافة والفكر الحر بالشراكة مع مركز العمل التنموي معا، وبتمويل من مؤسستي Cordaid & Human Security Collective وبمنحة من الحكومة الهولندية.
في هذا المعرض ترى أن كل فنان تناول قصة وجانبا من جوانب التمييز الذي تتعرض له المرأة، فالفنان حازم الزمر جسد في لوحته الفنتازية "القيود الاجتماعية والأسرية التي ما زالت تحدّ من حرية المرأة وتجعلها أسيرة الجلوس في البيت، ولا تبعد كثيرا لوحة الفنانة بشرى عابد التي صورت المرأة وكأنها عروسة في مسرح عرائس يحركها الرجل ويكبلها المجتمع.
بينما عبر الفنان محمد الشربيى عن رفضه للتميز من خلال لوحة فنية صور خلالها امرأة بجسد مثقل ومكبل وتحمل بين يداها كفنا عليه وردة ذابلة ،فيقول :"اردت ان ارسل رسالة من خلال لوحتي ان التمييز يذبل المرأة كالوردة تماما" .
فيما تطرق الفنان حسين شامية لمفهوم اوسع للتميز الذى يمارسه الرجل والذى يميز فيه المرأة على اساس لونها بتجسيده لوحة فنية لمرأتين الاولى بيضاء والثانية سمراء .
وقالت بيسان ابو زيد احدى المشاركات بمبادرة :"اردنا من خلال مبادرتنا استثمار الفن في تسليط الضوء على قضية التمييز وتوصيل رسالة مفادها ان التمييز من بقايا الجاهلية واستمرار لها، حيث كانت المرأة بلا قيمة، والإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء خيراً، وأكد أن تربية البنات هي الطريق إلى الجنة ومفتاحها.
فيما قال يوسف شحادة احد المبادرين" نحاول من خلال مبادراتنا تغيير ثقافة اجتماعية تدعم التمييز بين الرجل والمرأة على أساس الذكورة والأنوثة فقط، و ليس على أساس أعمالهما، ولا منجزاتهما ولا مستواهما التعليمي" .
واثنت ميسون الفقعاوى منسقة مشروع شباب ونساء ضد العنف على الفنانين والفنانات لتميزهم في استخدام الريشة واللون في مخاطبة العقول والمشاعر للتوعية من خطورة التمييز ،وعلى المبادرين الذين عملوا بجهد وبأفكار ابداعية من اجل الحشد والمناصرة لقضيتهم .
واعتبرت الفقعاوى التمييز بحق المرأة تعدياً على حقوقها وعثرة في طريق التنمية، خاصة وأنها تتعرض لعدة أشكال من العنف والتهميش ،مشيرة الى ان المبادرون يجتهدون من خلال مشروع شباب ونساء ضد العنف إلى التقليل من حالات ممارسة العنف ضد المرأة.
اللوحات بأشكالها واحجامها المختلفة وبألوانها القاتمة والفاتحة جسدت برمزية عالية المضمون قضية التمييز وكأنها نار تحت الرماد، مختبئة لكنها لا تخمد، وخطر يمكن أن ينفجر في أي لحظة، وقنبلة موقوتة تهدد الأسرة والمجتمع، وتعود به إلى عصر الجاهلية الأولى عندما كان الذكر هو المسيطر وصاحب المميزات والأمر والنهي، والأنثى شيء مهمل لا قيمة له.